سمير سعيد

مع نتائج التجديد النصفي للكونجرس الأمريكي، يمكن القول إن الرئيس الأمريكي باراك أوباما فقد وحزبه الديمقراطي ما تبقى من تأثير في توجيه دفة السياسة الأمريكية الخارجية، إلى جانب فقدان السيطرة على قرارات الحروب الدائرة الآن، إضافة إلى الحروب الوشيكة، التي أحيا الجمهوريون الدعوة لها فور سحقهم للديمقراطيين في تلك الانتخابات .

الآن تتزايد الدعوات الأمريكية لتحريك آلة الحرب من جديد نحو إيران، خاصة أن خطط الغزو معدة مسبقاً، والقوات منتشرة في المنطقة ولا ينقصها سوى ldquo;الأمرrdquo;، والجمهوريون جاهزون لرصد ما يلزم من ميزانيات لعدوان كهذا، خاصة بعد سيطرتهم على الكونجرس .

وعلى الجانب الآخر من المحيط الهادي تظهر بوادر تهدئة بين الدب الروسي واليابان، التي تحلم باستعادة روح ldquo;السامورايrdquo; والخروج من الفلك الأمريكي الذي جعلها عاجزة عسكرياً عن خوض مواجهات، عقب تجدد أزمة النزاع على ldquo;جزر الكوريلrdquo; التي تسيطر عليها روسيا، وذلك بعدما أيقنت الدولتان خطورة تمدد نفوذ التنين الصيني إلى خارج إقليمه وقارته، ليصبح أحد أهم وأخطر اللاعبين الدوليين الكبار، خاصة بعدما احتلت الصين المركز الثاني اقتصادياً وتنفق بسخاء على التسليح ودعم قوتها العسكرية، في محاولة لإحداث توازن بين قوتيها الاقتصادية والعسكرية .

إذن، اليابان تهادن روسيا حالياً ليتفرغا معاً للتعامل مع هذا التنين الذي يتمدد بشكل سريع، وفي هدوء مريب يتجنب المواجهة، إلا أن كلاً من الدولتين لا تمتلك رؤية حتى الآن في هذا الشأن، ولم تضعا استراتيجية واضحة للمكانة التي يمكن أن تشغلاها في عالم ما بعد الإمبراطورية الأمريكية، الأمر الذي قطعت فيه الصين أشواطاً طويلة وأصبحت قريبة من أمريكا في الكثير من معايير القوة، بينما انشغلت طوكيو بالخروج من تحت العباءة الأمريكية، وانشغلت روسيا باستعادة نفوذها في فنائها الخلفي وملفات جانبية أخرى استنفدت فيها الكثير من الوقت .

ويمكن أن يمنح التورط المحتمل في حرب أمريكية جديدة على إيران، بدفع من ldquo;الجمهوريينrdquo; تحت رمز ldquo;الديمقراطيينrdquo;، فرصة جديدة لليابان للخروج من تحت الوصاية الأمريكية، مع عدم استبعاد الدعم الروسي، استعداداً لمواجهة ldquo;التنينrdquo;، الذي لم ينس مرارة الهزيمة في الحرب العالمية الثانية، ويحاول رد الصاع صاعين حينما تأتي الفرصة .

وستشهد اللعبة الآسيوية الكبرى خلال السنوات المقبلة المزيد من الإثارة، وسيشتد الصراع في القارة مع الحرب المحتملة على إيران، في محاولة لوقف تمدد التنين الصيني، إلا أن الأوضاع الحالية ترشحه إلى مزيد من التمدد والنفوذ وغلبته على بقية القوى الأخرى اقتصادياً ثم عسكرياً إلى حد ما .

ما سبق يشير إلى حد كبير إلى أن مركز الصراع على خلافة الإمبراطورية الأمريكية سيكون في آسيا، ما يعني تغير المنظومة الدولية وخريطة القوى العظمى والنفوذ فيها، أي أن المنطقة العربية قد تقع مستقبلاً تحت التهديد الآسيوي، بعد الأمريكي، ليكون العامل المشترك بينهما قوة العلاقة مع الصهاينة، ما يعني أن ldquo;إسرائيلrdquo; قد تلعب للمرة الثالثة دور ldquo;الدولة الوظيفيةrdquo; في المنطقة لحساب موجة الاحتلال الآسيوية الثالثة، بعد البريطانية والأمريكية .