آدم أيرلي

وضع الرئيس أوباما ووزيرة الخارجية كلينتون ضمن الأولويات إعادة تنشيط علاقات أمريكا في جميع أرجاء العالم. ودأبا على بذل أقصى الجهد لتقوية علاقات الشراكة القائمة حاليا وبناء علاقات أخرى جديدة لمواجهة التحديات المشتركة، ابتداء من تغير المناخ، والقضاء على خطر الأسلحة النووية، ومكافحة الأمراض والفقر. وباعتباري سفير الولايات المتحدة لدى مملكة البحرين يشرفني أن أكون مشاركا في هذا الجهد. إن مملكة البحرين حليف استراتيجي للولايات المتحدة ولاعب رئيسي في تعزيزالسلام والاستقرار الإقليمي. ومع مرور الزمن عمل كلا البلدين على توسعة تعاوننا في مجموعة من المجالات. لدينا اتفاقية للتجارة الحرة ثنائية الجانب حيث زادت التجارة الثنائية بأكثر من 44 % بين العام 2005 (وهو العام الذي سبق تطبيق الاتفاقية) وعام 2009. كما استقرت البحرية الأمريكية في البحرين لأكثر من 60 عاما واستطعنا من خلال برامج التبادل الأكاديمي والمهني تأسيس علاقة شعب لشعب أدت لتقريب بلدينا أكثر.
وبالطبع. فإنه حتى أقرب وأعمق العلاقات تتعرض بين الحين والآخر لفترات من الازدهار وأخرى من الهبوط. ولقد رأينا خلال الأيام القليلة الماضية وثائق تم تنزيلها، كما زُعم، من أجهزة الكمبيوتر بوزارة الدفاع الأمريكية وأصبحت موضوعا تتناوله تقارير وسائل الإعلام. وعلى ما يبدو فإن تلك الوثائق تحتوي على تقييمات دبلوماسيينا للسياسات، والمفاوضات، والزعماء في دول بجميع أنحاء العالم، بالإضافة إلى تقارير عن حوارات خاصة غير علنية مع أشخاص من داخل أو خارج حكومات دول أخرى.
وإنني لا أستطيع أن أجزم بمدى صحة أي من تلك الوثائق. ولكنني أستطيع القول إن الولايات المتحدة تأسف بشدة للكشف عن أي من تلك المعلومات التي كان المفروض أن تكون سرية. وإننا نندد بذلك. فالدبلوماسيون يجب أن يشاركوا في مناقشات صريحة مع زملائهم، ويجب أن يطمئنوا إلى أن تلك المناقشات ستبقى مناقشات خاصة وغير علنية. فالحوار الصريح ndash; داخل كل حكومة من الحكومات وفيما بينها- هو أساس العلاقات الدولية؛ وإننا لا نستطيع الحفاظ على السلام والأمن والاستقرار الدولي بدون ذلك. وإنني متأكد من أن سفراء البحرين لدى الولايات المتحدة سيقولون الشيء نفسه. وهم أيضا يعتمدون على مدى قدرتهم لتبادل الآراء الصريحة مع نظرائهم في واشنطن وأن يبعثوا لدولهم بتقييماتهم عن زعماء أمريكا وسياساتها وأفعالها.
وفي اعتقادي أن أصحاب النوايا الحسنة يدركون أن التقارير الدبلوماسية الداخلية لا تمثل السياسة الخارجية الرسمية للحكومة. وهذه التقارير في الولايات المتحدة، هي عنصر من عناصر عديدة تشكل سياساتنا، التي يحددها الرئيس ووزير الخارجية في نهاية المطاف. وتلك السياسات موضوع تحتويه السجلات العامة، وموضوع لآلاف الصفحات من الخطب والبيانات والأوراق والوثائق الأخرى التي تجعلها وزارة الخارجية متاحة مجانا على شبكة الإنترنت وفي مواقع أخرى.
لكن العلاقات بين الحكومات ليست الموضوع الوحيد المثير للقلق. فالدبلوماسيون الأمريكيون يلتقون مع العاملين على المستوى المحلي في مجال حقوق الإنسان، والصحفيين، ورجال الدين، وأشخاص آخرين من خارج الحكومة الذين يقدمون آراءهم ووجهات نظرهم الخاصة بصراحة. وهذه الحوارات تعتمد على الثقة والسرية أيضا. فإذا قدم شخص من الناشطين في محاربة الفساد معلوماته حول سوء سلوك أحد المسؤولين، أو إذا مرر أحد العاملين في مجال الخدمات الاجتماعية وثائق تتعلق بالعنف الجنسي التي تكشف عن هوية شخص معين، فإن ذلك قد تترتب عليه عواقب جسيمة: السجن، أو التعذيب، وحتى الموت.
وأصحاب موقع ويكيليكس الإلكتروني يدعون أنهم يمتلكون حوالي 250 ألف وثيقة سرية، نشروا العديد منها في وسائل الإعلام. وأيا كانت الدوافع وراء نشر تلك الوثائق، فمن الواضح أنه يمثل تهديدا وخطرا على أشخاص حقيقيين، وفي أغلب الأحيان على أشخاص معينين ممن كرسوا حياتهم من أجل حماية الآخرين. فقد يؤدي عمل قُصد به استفزاز القوي إلى إيقاع الضعفاء في الخطر. إننا ندعم، ولدينا الرغبة في إجراء حوارات حقيقية حول الأسئلة الملحة المتعلقة بالسياسة العامة. لكن نشر الوثائق باستخفاف وبدون تبصّر بالعواقب ليس هو الوسيلة الصحيحة لبدء هذا الحوار.
ومن جانبنا فإن حكومة الولايات المتحدة ملتزمة بالحفاظ على أمن اتصالاتنا الدبلوماسية، وهي بصدد اتخاذ خطوات لضمان أن تظل محتفظة بسريتها. وإننا نتحرك بكل قوة من أجل التأكد من أن تلك الخروقات لن تتكرر مرة أخرى. وسوف نواصل العمل من أجل دعم علاقة الشراكة مع مملكة البحرين وتحقيق التقدم في القضايا المهمة بالنسبة لدولتينا. إننا لا نستطيع أن نفعل أقل من ذلك. وإن الرئيس أوباما، ووزيرة الخارجية كلينتون، وأنا شخصيا سنظل على التزامنا بأن نبقى شركاء يمكن الوثوق فيهم، فيما نسعى من أجل بناء عالم أفضل وأكثر ازدهارا للجميع.