بدرية البشر


يقولون إن المنتدى السعودي الذي حضره أكثر من ١٥٠٠ سيدة وشارك فيه وزيرا العمل والثقافة وقطاع كبير من رجال الأعمال والصحافة والتعليم وبعض شيوخ الدين لا يمثل المرأة، ترى من يمثلها إذاً؟ يقولون ليست الصحافة هي المخولة لتناقش موضوع عمل المرأة، فإذا كانت الصحافة التي هي رأي المثقفين والأكاديميين والمسؤولين وأفراد المجتمع والذين يملكون تمثيلاً لطبقاتهم الفكرية والمهنية والاجتماعية لا تمثل المجتمع فمن الذي يمثله إذاً؟

إنها بلا شك الرغبة في الاستمرار في معاملة المجتمع وعلى الأخص قطاعه النسوي بقوانين ذهنية القطيع. نحن نفكر عنك، نحن نقرر عنك. ولو سألت عن المقابل لهذا التنازل الكبير وجدواه لما وجدت سوى منطق إرهابي يمارس عليك، laquo;ستبتلعك هاوية التغريبraquo;.

حين تقرأ حديث الأستاذة مها الفتيحي، وهي تشير إلى أن ما تم تفعيله في المنتدى هو ما التزمت به الخطة الثامنة في الخطة الوطنية، فإنك ستتساءل والحال هذه عما أثار كل هذه الانتقادات الحادة من الأطراف الرجعية والمتشددة تجاه تفعيل التنظيمات والقرارات الحكومية الخاصة بالتنمية والصادرة عن الوزارات، لتصبح القاعدة هي ألا نعترض على عدم تنفيذ معظم خططنا الخمسية التي تنام في الأدراج، ومن يفعّل الخطط والتنظيمات يعاقب ويثار ضده.

أعود الى سؤالي: لماذا يشن الرجعيون كل هذه الحملات على منتدى خديجة بنت خويلد؟ ولماذا تطلق عليها تهم يظن من يسمعها أن مجتمعنا ذاهب الى هاوية التغريب، ولو رأى أحدٌ الأحمد وهو يضرب على رقبته متحدياً هذه الخطط التغريبية لظننت أنه يتحدى إسرائيل وتحرير القدس وليس مشروع عمل المرأة.

هل تثير المرأة في بلادنا كل هذه المخاوف ويصبح اللمز والهمز في قناتها من أسهل الأعمال جرأة؟ أم أنها مجرد نشاطات تسييسية لا هم لها سوى وضع العصي في عربة التقدم والتطور والتحديث ، وإثبات أنهم التيار القادر على إدارة المجتمع وتشكيله؟ يلجأون إلى فبركة المصطلحات كي يوقعوا عامة الناس في الخوف والتصديق بأن هناك مؤامرات تدور في الخفاء، فهم لا يستخدمون مصطلحاً مثل فرص العمل للمرأة ومصادر كسب عيشها بل يقولون مشروع تغريب المجتمع وتطبيع الاختلاف ثم يشرحونه بكاريكاتورية عجيبة، فالمرأة التي تقف على رأس البائع الرجل لا تخالطه لكنها إذا باعت فعلت، والمرأة إذا باعت مستلزمات النساء للنساء اختلطت، وإذا باعها الرجل لا تختلط، والمرأة إذا باشرت تجارتها اختلطت وإذا وكلت رجلاً غريباً عليها لا تختلط، وإذا قادت سيارتها اختلطت وإذا أحضرت سائقاً أجنبياً لا تختلط. هم من يجيز عمل فك السحر والرقاة المرخصين في فلل واسعة وأسعار رقية باهظة، يراهم جميع الناس وتنشر صورهم أجهزه البلوتوث، وهم يضعون أيديهم على نحور النساء ويلمسون كل المواضع التي يخرج ويدخل منها الجن لكن هذا ليس اختلاطاً، فقط حين تجلس المرأة على مكتب في مطار أو شركة كبرى تنجز عملاً قد تكون فيه الزبون هو الاختلاط.

الدعوة لتصحيح حالة مجتمع تبلغ فيه قوة العمل النسائية 5.9 مليون امرأة لا يعمل منهن سوى 706 آلاف امرأة هي دعوة الى تطبيع الاختلاط ومشروع تغريبي، بينما احتلال السعودية المرتبة الرابعة في التحويلات المالية بعد أميركا لا علاقة له بالتغريب ولا بالغرابيل.

جعلوا صفات المرأة العفيفة هي من تعف عن العمل وكسب المال الذي يحفظ لها كرامتها ويبعدها عن التسول وبيع نفسها بدلاً من بيع جهدها، وأكاد أظن أن الحل الوحيد لإشكالية المرأة ورضا جماهير الرجعية المحتجة على عمل المرأة هو أن تتعاطى النساء في بلادي هرمونات ذكورية لتطول لحاهن، لأن هذا هو الشرط الوحيد لقبولهن شريكات في التنمية ومستفيدات منها. أن يتحولن إلى ذكور.