مهنا الحبيل

هل كان الخبر مفاجئ أم لا؟ بالنسبة لي‮ ‬ليس مهماً‮ ‬لكن المهم والصادم والمروع أنه وقع بالفعل،‮ ‬مرةً‮ ‬أُخرى في‮ ‬ظرف حسّاس‮ ‬يُدفع بفتاوى السيد السيستاني‮ ‬إلى إشعال المجتمع المدني‮ ‬في‮ ‬الخليج وذلك من خلال دعوة جديدة نُقلت عنه بتوحد قائمتين بحرينيتين لانتخابات‮ ‬2010‮ ‬تستهدف بكل وضوح وجلاء القوائم الأخرى على أساس طائفي،‮ ‬هي‮ ‬كارثة بكل تأكيد وخطرة للغاية،‮ ‬لكن الغريب إصرار الفصائل الخليجية ومكتب سماحته على مباشرة مثل هذه الدعوات التفخيخية والفتنة أشدُ‮ ‬من القتل،‮ ‬كُل ذلك في‮ ‬توقيت دقيق لا‮ ‬يزال فيه العراق ضحية تلك الأحداث الدموية العنيفة التي‮ ‬أدنّاها مراراً‮ ‬حين تُنفّذ في‮ ‬صفوف السنة والشيعة وتأتي‮ ‬الدعوة في‮ ‬تزامن مع التهاب الخليج طائفيا،‮ ‬فلا ادري‮ ‬ماذا‮ ‬يريد عرابيها من هدف‮ ‬يحققونه لما لا‮ ‬يتركون الخليج وأهله شيعته وسنته؟ هل هم مسرورون بنزيف العراق أم أنّ‮ ‬من صنع الفتنة ودشّن الاحتلال وعمليته السياسية أصبح له أتباع في‮ ‬الخليج لاستنساخها؟‮!‬ نقلني‮ ‬الخبر إلى أجواءٍ‮ ‬الرابع والعشرين من فبراير‮ ‬2005‮ ‬وبعد تصويت الناخبين في‮ ‬الأحساء في‮ ‬الانتخابات البلدية،‮ ‬كانت لوحات المرشحين تملأ الشوارع،‮ ‬وكان صخب الانتخابات في‮ ‬آخره لكن كانت هناك قضية تهدد الشارع الأحسائي‮ ‬وتجربته التعايشية في‮ ‬وقت تضرب فيه حراب المحتلين أبناء العراق وتفتن بينهم عسكراً‮ ‬وسياسة،‮ ‬فكان حديث الشارع مصادقة السيد السيستاني‮ ‬على إحدى قوائم الانتخاب في‮ ‬الأحساء على أساس طائفي،‮ ‬كان ذلك حديث المجتمع المدني‮ ‬السُنّي‮ ‬كان الشعور بالعسكرة والغبن من تدخل تلك المرجعيات حديثهم ومهما حاولت من التهدئة،‮ ‬فقد كان الشيطان‮ ‬ينزغ‮ ‬بينهم فكلٌ‮ ‬أطلق التأويلات وعزز الإشاعات ما دام أن هناك خبراً‮ ‬واحداً‮ ‬صحيحاً‮ ‬أن السيد السيستاني‮ ‬بالفعل قد تدخل طائفياً‮ ‬في‮ ‬هموم المواطن الخدمية ومن‮ ‬يُصلح الطريق ويزرع الشجرة وينبت الزرع وينظم الميادين ويفسح الشارع ويصلحه للفقراء،‮ ‬ما دخل السيد السيستاني‮ ‬ومقامه في‮ ‬مثل هذه الأمور وما حاجتنا إلى مصادقات مرجعية وتكتلات طائفية أليست البلد للجميع والمعيار هو الشفافية والإصلاح والتنمية وحقوق المستضعفين،‮ ‬ما شأن الواعظ في‮ ‬المسجد والمأتم وما حجته لماذا تُدفع أمورنا الحياتية إلى التشريع الطائفي‮ ‬نعم الإسلام دين ودنيا وشريعة إحياء وإبداع لكن المعيار عنده بالعمل وبإتقان الصنعة كلٌ‮ ‬فيما‮ ‬يخصه فعلام‮ ‬يصطف الناس عبر الفتوى ومن خارج حدود الوطن لماذا؟ أضحت تلك الحقيقة مؤشراً‮ ‬بيانيا في‮ ‬الخليج وزادها التهابا علاقة السيد السيستاني‮ ‬بالمدارات السياسية التي‮ ‬وقعت في‮ ‬العراق بعد ذلك ثم جاءت الكارثة الكبرى‮..‬ حين دعا السيد السيستاني‮ ‬إلى الخروج إلى الشارع العام وإظهار الغضب على التفجير الإجرامي‮ ‬لقبتي‮ ‬سامراء وما جرى في‮ ‬أعقاب هذه الدعوة من مذابح عظمى وهولوكوست في‮ ‬العرب السنة لم‮ ‬يعرف العراق لها مثيلاً‮ ‬ثم كثفت التفجيرات مرةً‮ ‬أخرى في‮ ‬أوساط الشيعة والسنة ولم تهدأ الفتنة وهاهي‮ ‬تعود في‮ ‬مدارات جديدة،‮ ‬لماذا‮ ‬يسعى البعض إلى جر الفتنة إلى الخليج‮..‬؟ غداً‮ ‬نتحدث عنهم بإذن الله‮.‬