محمد السعيد ادريس
السؤال المحوري الذي دار في الغرب، وخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية عقب تفجيرات 11 سبتمبر 2001 التي اتهم عرب ومسلمون بالقيام بها كان: ldquo;لماذا يكرهوننا؟rdquo;، وبسبب الفشل في الإجابة عن هذا السؤال لأسباب لا تخص العرب بقدر ما تخص الأمريكيين والغرب، وبسبب استسهال الإجابة أو التسرع المتعمد في الحصول عليها تجنباً للإجابة الحقيقية أسس الأمريكيون ما أسموه ب ldquo;الدبلوماسية الشعبيةrdquo; وتخصيص موارد وشخصيات للقيام بعمليات تحسين أو تجميل الصورة الأمريكية بخاصة والغربية بعامة لدى العرب والمسلمين، ووصلت ذروة حملة العلاقات العامة تلك بالخطاب الذي ألقاه الرئيس الأمريكي باراك أوباما في جامعة القاهرة وتوجه به إلى عموم العرب والمسلمين .
لقد استسهل الأمريكيون تبسيط الإجابة عن سؤال لماذا يكرهوننا بالتهرب من التعمق في معرفة الأسباب الحقيقية وهو السياسات العدوانية والتمييزية ضد العرب والمسلمين .
السؤال نفسه: لماذا يكرهوننا؟ وجدته في عيون الكثير من المسؤولين والخبراء الخليجيين والعرب الذين شاركوا في ندوة حلف شمال الأطلسي ldquo;الناتوrdquo; حول ldquo;التعاون في إطار مبادرة اسطنبولrdquo; التي عقدت في الدوحة ldquo;8 فبراير الجاريrdquo; بدعوة من وزارة الخارجية القطرية ومركز الدراسات الاستراتيجية التابع للقوات المسلحة القطرية . وكان سؤال لماذا يكرهوننا صادراً هذه المرة على ألسنة العرب وليس على ألسنة كبار مسؤولي وخبراء حلف الناتو . لأن ما سمعناه من إجابات مضللة ومراوغة عن أسئلة مهمة كانت تكشف مدى عدوانية الغرب ضد العرب والمسلمين، وهي العدوانية ذاتها التي كانت قد تأكدت مع تدفق دموع رئيس الوزراء الايطالي في حديثه الدافئ والحميم أمام جلسة خاصة للكنيست ldquo;الإسرائيليrdquo;، كما تأكد باعترافات رئيس الوزراء البريطاني توني بلير أمام ldquo;لجنة تشيلدونrdquo; الخاصة بالتحقيق في حرب العراق وخاصة اعترافه بأن لندن كانت تعرف أن لا صلة بين صدام حسين وتنظيم ldquo;القاعدةrdquo; .
في ندوة حلف الناتو ووجه مسؤولو الحلف وخبراؤه بسيل من أسئلة من خبراء ومسؤولين عرب من نوع: أنتم تضعون على رأس أولوية الناتو محاربة الإرهاب وانتشار أسلحة الدمار الشامل، ولكن لماذا تعمدتم الاستجابة لمطالب ldquo;إسرائيلrdquo; بادراج كل المقاومات العربية ضمن المنظمات الإرهابية التي تستحق الحصار والتصفية والمطاردة؟ ولماذا اعتبرتم من يقاتل من أجل تحرير أرضه من الاحتلال سواء في فلسطين أو في جنوب لبنان أو في العراق ldquo;إرهابيينrdquo; في الوقت الذي يعطي القانون الدولي وتفرض الشرائع الدينية كلها مواجهة المحتل والمعتدي والغاصب؟ وإذا كنتم تجاربون انتشار أسلحة الدمار الشامل، وخاصة الأسلحة النووية، فلماذا لم نسمع من الناتو كلمة واحدة عن الترسانة النووية ldquo;الإسرائيليةrdquo;، وتركزون فقط على مواجهة احتمالات غير مؤكدة لامكانية أن تكون إيران تسعى لامتلاك أسلحة نووية؟ متى ستفتحون ملف القدرات النووية ldquo;الإسرائيليةrdquo; ومتى ستواجهون بجد انتشار الأسلحة النووية في الشرق الأوسط بالتصدي للدولة النووية الوحيدة المالكة لهذه الأسلحة في الشرق الأوسط كله؟ ولماذا كل هذا العزوف من جانب حلف الناتو بعدم التحرك الجاد نحو إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية؟
كان الصمت والمراوغة هو الإجابة المتكررة لكن بعضهم اعترف مثل ماجور فرانسيسكو انطونيوس ماريا المندوب الدائم لهولندا في حلف الناتو والدكتور جوناثان ايال مدير المعهد الملكي لدراسات الدفاع والأمن في لندن بأن بعض مواقف وسياسات الناتو ldquo;انتقائيةrdquo; وأن الحلف لا يعرف كثيراً عن المنطقة، وأنهم سعداء بما سمعوه من أفكار وآراء، وأن ترددهم عن الانغماس في القضية الفلسطينية كحلف يرجع إلى أن الدول أعضاء الحلف تمارس أدواراً بهذا الخصوص عبر منظمات أخرى خاصة الأمم المتحدة .
إجابات هروبية تكشف عن عمد تجاهل الغرب لحقوق العرب، وحرصهم فقط على مصالحهم ومصالح حلفائهم، وأن توجههم نحو العرب، ونحو الخليج هو من أجل المصالح وخاصة النفط، وأن أمن الطاقة هو أكثر ما يشغلهم أما أمن الخليج، وبالذات الأمن الإقليمي والأمن الجماعي فلا يرد ضمن أولوياتهم .













التعليقات