محمد بن علي الهرفي

في الأسبوع الماضي تحركت الدبلوماسية الأمريكية في اتجاهات متعددة لحشد الدعم لموقف أمريكا من السلاح النووي الإيراني.
وزيرة الخارجية اتجهت إلى قطر والسعودية وكان معظم حديثها عن خطورة السلاح النووي الإيراني وأهمية الضغط الشديد على إيران لكي توقف عملية التخصيب وتستجيب لمطالب الوكالة الدولية للطاقة الذرية وإلا فيجب أن تفرض عليها عقوبات شديدة تشل حركتها.
رئيس هيئة الأركان الأمريكي كان في إسرائيل للغرض نفسه، وتباحث مع قادة إسرائيل حول العقوبات وأثرها، كما ذكر أن بلاده زودت إسرائيل بطائرات حديثة قادرة على ضرب العمق الإيراني.
في الجهة الموازية كان نتنياهو في روسيا يحث قادتها على فرض عقوبات صارمة على إيران، والامتناع عن تزويدها بالسلاح ومثلها سوريا .. طبعا ليصفو له الجو فيفعل ما يشاء!
مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ناقش ملف حقوق الإنسان في إيران، والهدف زيادة الضغط عليها وللهدف نفسه كما أعتقد.
وزيرة خارجية أمريكا طالبت السعودية باتخاذ موقف مؤيد لأمريكا، كما أنها طالبت أيضا السعودية بالضغط الاقتصادي على الصين لكي تنضم إلى المجموعة المؤيدة للعقوبات الشديدة التي تريدها أمريكا وإسرائيل.
الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية كان واضحا وعمليا في رؤيته، لم يعبر عن موقف أمريكا بل عبر عن موقف ومصالح بلاده، وترك لأمريكا أن تفعل ما تشاء، فتلك مصالحها وليس بإمكانها أن تجرنا إلى ما لا نريد.
سمو الأمير قال بوضوح: إن السلاح النووي مرفوض في المنطقة كلها! وبوضوح هو مرفوض في إيران كما هو مرفوض في إسرائيل! وعلى أمريكا أن تعرف هذا الموقف بوضوح.
أما الصين ــ كما قال سعود الفيصل ــ فهي دولة تعرف ماذا يجب عليها أن تفعله، وليست بحاجة إلى ضغط سعودي لتفعل ما تريده أمريكا! موقف جيد وفي غاية الوضوح.
لكن إغلاق مضيق هرمز ــ كما قال ــ فهو عمل خطير لا يمكن قبوله، لأن هذا المضيق معبر دولي ليس من حق إيران أن تفرض عليه ما تريده لأنه ليس ملكا لها.
الأمريكان إذا أرادوا أن يأخذوا فعليهم أن يعطوا أيضا! وهنا فكل العرب يتساءلون: ماذا قدمت أمريكا للعرب في قضية فلسطين؟! ولماذا تقف باستمرار مع الصهاينة؟! هذه المواقف تجعل استجابة العرب والمسلمين معها ضعيفة وعليها أن تدرك ذلك.
أما الأعرجي فهو نائب في مجلس النواب العراقي ورئيس اللجنة القانونية فيه، وقد أساء هذا الرجل لخليفة المسلمين أبي بكر الصديق رضي الله عنه وأطلق عليه أوصافاً سيئة كما أطلق نفس الأوصاف على الحقبة الإسلامية كلها.
من المؤكد أن الأعرجي يعرف من هو أبو بكر الصديق، ويعرف مكانته عند كل المسلمين ــ إلا هو ــ فلماذا يطلق عليه هذه الأوصاف وفي هذه الأيام؟! الراجح عندي أنه يعتقد أن أقواله ستنفعه في الانتخابات المقبلة وقد تجد لها قبولا عند البعض فلجأ إلى هذه الوسيلة السيئة.
استخدام الطائفية لأي هدف ليس في مصلحة أحد، وكان المتوقع أن يدرك الأعرجي هذه الحقيقة لا سيما وأظنه يدرك كيف فعلت الطائفية التي يمثلها في العراق، بل وكيف أثرت على العراقيين وسواهم.
وأود هنا أن أذكر أن الشيخ محمد العريفي عندما وصف السيد السيستاني بأوصاف غير مقبولة قامت عليه الدنيا ولم تقعد، ومجموعة من كتابنا انتقدوه بشدة، وكنت أتمنى أن أشاهد الشيء نفسه مع الأعرجي، فنحن ــ أي السنة ــ نرى في الخليفة أبي بكر الصديق الرجل الثاني بعد الرسول عليه الصلاة والسلام، وهو أفضل من السيستاني بكثير! كنت أتمنى من المراجع العلمية الشيعية في العراق أن يكون لها موقف واضح من هذه الإساءة، ومثلها المراجع السعودية، وكذلك المثقفين السعوديين، سنة وشيعة.
مواقفهم ــ إن حصلت ــ ستشجع السنة على اتخاذ منهج الاعتدال، أما إذا لم يحصل شيء فإن الجميع سيقول: انظروا ماذا فعلوا عندما سمعوا ما يسوؤهم، وانظروا كيف صمتوا عندما أسيء إلى ثاني أهم رمز عند المسلمين السنة في العالم كله.
من المصلحة أن يبتعد الجميع عن الطائفية المقيتة لأنها ليست في مصلحة أحد.