رئيس الحكومة اللبنانية يوضح: قررت اعادة بناء الثقة ولن تعطلها كلمة من هنا وهناك

دمشق عاتبة على الحريري لتشبيهه العلاقة بينهما بالكويت والعراق: ما هكذا تورد الابل يا سعد

بيروت ـ سعد الياس

في ظل ما تردّد عن عتب سوري على رئيس مجلس الوزراء اللبناني سعد الحريري بعد المقابلة التي أجراها مع صحيفة 'كوريير ديلا سييرا' الإيطالية، وشبّه فيها العلاقات السورية اللبنانية بالعلاقة التي سادت بين العراق والكويت، قال الرئيس الحريري في دردشة مع الصحافيين 'أنا قررت أن أسير في خطٍّ لن أتراجع عنه، وعملية بناء الثقة مستمرة على قدم وساق، ولن يعطّلها شيء، لا كلمة من هنا ولا كلمة من هناك. فلقد قررت السير في إعادة بناء هذه العلاقة لأنّها في مصلحة لبنان وفي مصلحة سورية، والمصلحة الوطنية والمصلحة العربية هي عندي فوق كل اعتبار'.

وحول الكلام الإيراني عن 'الخطر الداهم على لبنان'، قال الحريري: 'لا شك أن هناك تهديدات في المنطقة وهي تترافق مع كلام يصدر من جهات عدّة، ونحن نقوم باتصالات واضحة وصريحة مع كل الدول الصديقة لنا ليتعاملوا مع التهديدات الاسرائيلية بشكل واضح وصريح، وليتحدثوا إلى الاسرائيليين أيضاً بكلام واضح وصريح '.
وردا على سؤال حول ما نُسب الى أحد المسؤولين العسكريين الايرانيين بشأن النفوذ الايراني في لبنان، اجاب الحريري: 'إن لبنان دولة حرة سيدة ومستقلة، ونحن ندفع الدماء في سبيل استقلال بلدنا، فليس لأحد نفوذ في لبنان الا للبنانيين، وهذا كلام لا نحبّذه ونحن نريد ان نتعامل مع ايران كدولة سيدة وحرة كما نحب ان تتعامل هي معنا'.

وكانت صحف لبنانية قريبة من العاصمة السورية تحدثت عن ظهور ملامح أزمة ثقة بين دمشق ورئيس الحكومة سعد الحريري بعد التصريحات التي نقلتها عن لسانه الصحيفة الايطالية بأن 'سورية رفضت العلاقات الدبلوماسية معنا'، وأن 'تصرفهم كان مشابهاً للذي كان قائماً بين العراق والكويت، عندما رفض الرئيس العراقي السابق صدام حسين الاعتراف بوجود الكويت'. ونقلت صحيفة 'السفير' عن مراسلها في دمشق أن العاصمة السورية تريد الحصول على توضيح من جانب رئيس تيار المستقبل لما اعتبرته إهانة بـ'حق سورية ولبنان معاً'، كما بحق 'العلاقة التي جمعت الرئيسين الراحلين حافظ الأسد ورفيق الحريري'.
وكانت صحيفة 'الوطن' السورية ذكرت نقلاً عن مصادر سورية 'أن وقائع التاريخ تؤكد أن الرئيس حافظ الأسد اعترف بلبنان منذ السبعينيات وأن أحدا في لبنان لم يطلب علاقات دبلوماسية مع سورية بشكل رسمي ولا بشكل غير رسمي، وأن أول من طرح موضوع العلاقات الدبلوماسية هو الرئيس بشار الأسد خلال اجتماع المجلس الأعلى السوري اللبناني عام 2005 وبحضور الرؤساء إميل لحود ونبيه بري وعمر كرامي'. واعتبرت هذه المصادر 'أن التشبيه مع صدام يجافي الواقع التاريخي والتصرف الأخلاقي، وخصوصا بعد الجهود التي بذلها الرئيس بشار الأسد خلال زيارة الحريري إلى سورية لوضع العلاقات على طريق الاحترام المتبادل والمصلحة المشتركة للبلدين والشعبين الشقيقين'. وشكلت المآخذ على كلام الحريري مناسبة لتعبر أوساط سورية عن 'نفاد صبرها' من 'عدم ضبط الرئيس الحريري لإيقاع كتلته ولا سيما أولئك الذين يجاهرون بعدائهم لدمشق والسوريين'، مشيرة الى أن هناك 'خيبة أمل من منح بعض السياسيين اللبنانيين فرصة للتأقلم مع تغيرات المرحلة الراهنة، بلا جدوى'.

وتابعت صحيفة 'الوطن' امس ما بدأته حول موقف الحريري فكتبت 'عندما زار سعد الحريري دمشق اعتبرنا آنذاك أن زيارته طي لصفحة الماضي وانطلاقة جديدة في العلاقات بين البلدين، وأملنا أن يوجه الحريري حلفاءه وأزلامه وأنصاره في لبنان ومن يمولهم في الأحزاب المختلفة لوقف الشتائم الموجهة لسورية، ووقف التحريض تجاه السوريين والعمل من أجل مستقبل يخدم البلدين والشعبين. وعلى هذا الأساس رحبنا بزيارة سعد الحريري، وبدأ الإعلام السوري ينشر أخبار رئيس وزراء لبنان وتصريحاته، وطوينا صفحة مؤلمة من الماضي، وانطلقنا نحو المستقبل الذي يتطلع إليه السوريون واللبنانيون وفي مقدمتهم الرئيس بشار الأسد من أجل علاقات سورية ـ لبنانية تعود بالنفع والخير على الشعبين الجارين'. ولفتت الصحيفة الى 'أن الكثير في لبنان من حلفاء الحريري مازالوا يتحدثون بلهجة مفخخة تجاه سورية، كما لا يزال هناك من يصب حقده تجاه السوريين ويرشق سياراتهم وحافلاتهم بالحجارة، ولا يزال الخطاب العنصري قائماً. عتبنا ليس على اللبنانيين الذين يعملون ضد لبنان ومصالحه ويريدون خطفه ليكون أسيراً لسياسات غربية وإسرائيلية ترفضها أغلبية الشعب اللبناني. العتب على من يصنف نفسه حريصاً على لبنان، وعلى علاقات حسن الجوار، وعلى فتح صفحة جديدة في العلاقات السورية ـ اللبنانية، والذين على ما يبدو يتأثرون كثيراً بكلام الحاقدين والعنصريين وأعداء لبنان، فنسوا نتائج زيارة الحريري إلى دمشق، ونسوا مصلحة البلدين والشعبين وعلاقات حسن الجوار والبناء على الايجابيات لتجاوز الخلافات والانطلاق نحو المستقبل'.

كذلك، جاء في موقع 'شام برس' في مقال بعنوان: 'ما هكذا تورد الإبل.. يا سعد!..': نشعر بالمرارة عندما نقرأ تصريحات منسوبة لرئيس وزراء لبنان، وإذ انطلقنا من النوايا الحسنة فإننا نفهم هذه التصريحات على أنها خلل في ماكينة الرئيس الحريري التي لم تستوعب بعد ما الذي تفاهم عليه الرئيس الأسد مع رئيس وزراء لبنان في زيارته التي وصفها بالناجحة والمميزة، وليس اكتشافاً أن نقول أن طفيليات السياسة اللبنانية التي ازدهرت على هامش مستنقع الخلل في العلاقات بين البلدين خلال السنوات القليلة الماضية، هذه الطفيليات من أمثال جعجع وبعض الكومبارس أدركت أن دورها قد انتهى وأن عودة العلاقات إلى طبيعتها على أساس من الاحترام المتبادل تعني تجفيف مستنقعات الوهم وإزالة كل مظاهر الخلل وإسقاط شروط نمو هذه الطفيليات ولذلك تحاول - هذه - يائسة تخريب كل توجه في لبنان نحو حقيقة العلاقات مع سورية '.