سعود الريس


أن تتناقش مع امرأة، فأنت في مأزق، أن تتجادل معها، فأنت في ورطة، أن تتصادم معها، laquo;كان الله في عونكraquo; فأنت في مصيبة، فما بالكم إذا كانت هذه المرأة هي الإعلامية عائشة الرشيد؟!

تابعت مثل كثيرين غيري مداخلة الردح الفضائية بين الشيخ محمد النجيمي، والإعلامية الرشيد، فشعرت بالشفقة والألم والحسرة، وأنا أرى الشيخ في ذلك المأزق، فلا هو قدم ما يُرضي شخصه ومحبوه وأتباعه الذين يتجاوزون laquo;مئات الآلافraquo; مثلما قال. ولا هو تمكن من إقناع laquo;متصيديهraquo;، وأيضاً لم يتمكن من محاورة مضيفه. إخفاق بكل معنى الكلمة لشخص يفترض أنه يملك من الحجة ما يمكنه من محاورة أي كان وترجيح الكفة لصالحه. وإذا كنا نتحدث عن إخفاقات مست الدكتور النجيمي، فهناك إخفاقات مست التيار الديني السعودي ككل، ففي حلقة الردح تلك تخلى الشيخ عن الوقار الذي عرف عن العلماء. كما تخلى عن الحكمة التي عرفت عن ذوي العلم، وأيضاً تخلى عن حفظ الذات التي عرف بها العاقل... سلسلة إخفاقات سبحت في الفضاء الإعلامي، وما زال صداها حتى الآن.

لكن دعونا نعود إلى أصل القضية، فالنجيمي شارك في مؤتمر بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، عُقد في الكويت، وهو يقول أنه فوجئ بأن المؤتمر مخصص للنساء، وعلى رغم أن المشارك في مثل هذه المؤتمرات عادة ما يستفسر لدى تلقيه دعوى، عن المشاركين الآخرين. لكن دعونا نقول إن هذا الأمر فات على شيخنا الجليل، أو تغاضى عنه laquo;لحين ميسرةraquo;، لكن التبرير الذي ساقه في مداخلته على قناة laquo;الرسالةraquo; أشد وطأة من ذلك، فهو يقول انه عندما وصل وعلم باقتصار المؤتمر على النساء، أصيب بالحرج، وبالتالي اختار أقل الضررين. وهنا يحق لنا أن نتساءل عن هذا التسويغ، لأنه يفتح لنا أبواب لا طاقة لنا بها، فبهذا المنطق كأن الإحراج يبيح لمن وجد نفسه في خلوة مع امرأة، أن يأتي وطره منها.

لا شك أن هذا منطق اعوج، ولا يمكن أن يُبرر، فما كان ينبغي أن يلجأ له النجيمي، هو مراجعة حساباته وفتاويه جيداً قبل المشاركة. وطالما انه شارك؛ فكان لزاماً عليه أن يكون أكثر جرأة لدى مناقشة حضوره وممازحته laquo;الحسناواتraquo; اللواتي ظهرن في الصور التي تم بثها. أما مواجهته للإعلامية الرشيد، وتلقي سياطها، فلا يجدي نفعاً أن laquo;تركب أعلى ما في خيلهاraquo;، لأنها كانت تتحدث من خلال وقائع بُثت وطُرحت على laquo;عينك يا تاجرraquo;.

مشكلة النجيمي وما تعرض له، هو في الحقيقة صورة لما يحدث مع عدد كبير من العلماء والدعاة، فهم غالباً ما يتم استدراجهم بالمرأة وقضاياها وحجابها وأكلها وشربها ونومها، وكل ما يخصها، إلى أن يقع بعضهم في المأزق.

إذاً؛ يحق لنا أن نطلق على المرأة laquo;مأزق الإسلاميينraquo;، لأنه ما من قضية دفعتهم أو دفعت بهم إلا وكانت المرأة ثالثها.

ترى أين الخلل في معالجة العلماء والدعاة لقضايا المرأة؟

لعل أسهل طرق المعالجة هو التعامل مع المرأة إنسانةً، بعيداً عن كل أنواع الاستلاب والوصاية ونمط التبعية المعمول به، وفرض الأعراف والتقاليد، وتحويلها إلى نمط يحدد معيشتها. وفي خط موازٍ لذلك عدم جعل المرأة قضية، فليس من المعقول أن تنحصر قضايانا الإسلامية في المرأة، وان نترك أعمالنا ونتساءل: هل تجوز الخلوة؟ مثلما قال أحد المشايخ، أم هي محرمة، وماذا عن الاختلاط الطارئ؟ بل وماذا إذا أصبت بالحرج؟ فهل يجوز أن أواصل وأمزح واتضاحك laquo;وأتفكهraquo; معهن؟

خطأ النجيمي لم يكن المشاركة في المؤتمر مع مجموعة من السيدات المحترمات، بل يكمن في خوفه من تبعاتها، ولا سيما أنها تناقض آراءه وأفكاره التي أعلنها. وكان يطلقها على الدوام، وخطأه الثاني انه حاول التراجع والتبرير، وأخفق في ذلك على الملأ، بل ظهر في شكل هزيل لا يتناسب مع علمه ومكانته الاجتماعية، بخلاف أنه عرض نفسه للتقريع على الهواء مباشرة.

أخيراً، لو سألتموني عن الخطأ الثالث للنجيمي، فسأقول لكم أنه وعد بمناظرة مع الإعلامية عائشة الرشيد على الهواء مباشرة، وأنا أقول: laquo;انحش يا شيخ انحشraquo;...!