سمر المقرن

في برنامج تلفزيوني قدمه نبيل العوضي على قناة الوطن الكويتية، استمعنا للدكتور يوسف الأحمد يتحدث فيه عن الضجة الإعلامية التي حدثت بسببه منذ فترة حول مطالبته بهدم الحرم المكي وإعادة بنائه! وقال إن هذه الضجة ليست سوى محاولة لإسقاط (رمز).. كان يقولها بطريقة لا أريد أن أسميها، ولنقل فقط إنه قالها بنرجسية عالية وبطريقة تخلو تماماً من التواضع الذي أمر به الله.
إن يوسف الأحمد ليس من الرموز الدينية العلمية ولا من الدعاة المشهورين وبصريح العبارة وبدون جرح مشاعر أحد، لم يكن هناك كثير بشر يعرفون يوسف الأحمد قبل مطالبته بهدم الحرم المكي، فكيف تكون الحملة الإعلامية ضده محاولة لإسقاط رمز وكلنا يعرف أنه ليس برمز لا قبل الفضيحة ولا بعدها، فظهوره لا يعدو عن كونه أحد مشايخ الإنترنت الذين ظهروا مع الطفرة التكنولوجية.
في ذلك اللقاء، اتهم يوسف الأحمد كل من خالفه، برغم أن أكثر من خالفوه هم من المشايخ والعلماء بالدين، اتهمهم كلهم بأنهم من دعاة الإسلام quot;الأميركيquot;، ويرى أن كل العالم الإسلامي المتسامح قبل وبعد 11 سبتمبر، بأن إسلامه quot;أميركيquot; والإسلام الصحيح هو إسلام يوسف الأحمد (الذي صدّق نفسه بأنه رمز).
لنتجاوز قضية هدم الحرم بسبب الاختلاط، ولن أتحدث عن عهد النبي عليه الصلاة والسلام حينما كان الرجال والنساء يطوفون مع بعضهم بل يتوضؤون مع بعضهم. نحن أمام مشكلة (التضخم) الذي يعيشه طلاب الشهرة هؤلاء، فهم يعرفون جيداً وبشكل مفصل ودقيق ما هي الآليات التي يجب استخدامها لصناعة (الرمز) وكيف يتحول الشخص المجهول إلى بطل في مجتمعاتنا البسيطة المحبة للدين وأهله، فقط إثارة قضية دينية غريبة بحيث تلتفت لك الأعناق، ويتحدث عنك الناس، واظهر بصورة المعارض السياسي والمصلح الديني، ثم بعدها حدد طلباتك، وافرض شروطك فأنت اليوم رمز ديني تحبك الجماهير وتفديك بالروح والدم.
اليوم ظهر لنا شيء جديد عن الرمز يوسف الأحمد، وهو ما بثته quot;شبكة القضاة الإلكترونيةquot; في تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني بوجود (تنظيم احتسابي سري في المملكة، ليوسف الأحمد) وأن هذا التنظيم له فروع منتشرة في أنحاء المملكة، وأنه قد أكد هذا الأمر في لقائه الأخير على قناة الوطن الكويتية حيث اعترف بوجود هذا التنظيم تحت اسم (مشروع). لست هنا بصدد إثبات هذه التهمة ضده ولا نفيها وهو المسؤول عن الدفاع عن نفسه، بكل تأكيد، هناك تنظيمات احتسابية لبعض من يفهمون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بصورة تختلف عن رؤية أهل الإسلام كلهم، وهؤلاء المحتسبون يعتقدون أن (هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) مقصّرة في عملها بسبب خضوعها للدولة؛ لذلك أسسوا تنظيمات سرية يقود كل مجموعة منها شيخ، ويقومون بالإنكار باليد والضرب والتكسير، وأعتقد أنه إن كان الأحمد قد ترك مهمة تدريس الفقه وانخرط في هذه التنظيمات، فتلك كارثة حقيقية وفتح لباب الشر والفتنة، وهل يمكن أن يفرح الإرهابيون بشيء أكثر من أعضاء هيئة التدريس وأساتذة الفقه والشريعة في جامعة الإمام الإسلامية، وهم ينخرطون في صفوف التنظيمات السرية التي لا بد من أنها على صلة بالإرهاب أو في طريقها للالتحام به والتوحد معه، إن يوسف الأحمد مطالب بتوضيح موقفه أمام وطنه حتى نكون على بينة من أمرنا، فإن هذا والله من أكبر المصائب.