لندن- محمد الشافعي


أثار مشروع بناء مسجد ومركز ثقافي إسلامي على مقربة من الموقع الذي وقعت فيه هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 في نيويورك مشاعر الأمل في مدينة يسعى مسلموها لرفع الاتهامات عنهم بشأن هذه الهجمات. لكن أعمال البناء لم تبدأ بعد في المكان الذي سينفذ فيه المشروع ويبعد نحو 200 متر من موقع برجي مركز التجارة العالمي حيث قتل 3 آلاف شخص في هجمات سبتمبر 2001، ففي هذا المكان لا يوجد سوى متجر ملابس مهجور. والمسجد هو جزء من مشروع متكامل يحمل اسم laquo;مساكن قرطبةraquo; ويتألف من 15 طابقا، ويضم أيضا معارض فنية ومسابح ومراكز رياضية، ولكن الإعلان عنه أطلق العنان لمشاعر متباينة بين سكان المنطقة من عائلات قتلى الهجوم ممن كانوا في برجي مركز التجارة. من جهته قال نهاد عوض المدير التنفيذي لمجلس العلاقات الإسلامية الأميركية (كير) في اتصال هاتفي أجرته معه laquo;الشرق الأوسطraquo; أمس: laquo;الجدل قائم، وهناك جهات تقوم بدوافع سياسية بتخويف المجتمع الأميركي من مشروع المسجد الذي لم يبدأ بعد، منهم عضو الكونغرس عن الحزب الجمهوري بيتر كنغ، والمفترض أنه لا يأخذ برأيه لأنه رجل متطرفraquo;. وأضاف عوض في تصريحاته laquo;أنه يجب على المسلمين أن يطمئنوا المجتمع الأميركي من خلال نشر المعلومات الصحيحة عن الإسلام أنه دين سلام ومحبةraquo;، مشيرا إلى أن laquo;هناك دعاة ورجال أعمال يشرفون على المشروع، ومهمتهم أيضا نشر ثقافة الحوارraquo;. وأكد عوض laquo;أن بناء مسجد هو الحل وليس المشكلة لأن منارة الإسلام تدعو للتقارب مع الأديان الأخرى ومفهوم الوسطية يدعو إلى ثقافة الاعتدالraquo;. وأشار إلى أنه ذهب إلى منطقة laquo;غراوند زيروraquo; قبل 3 أسابيع لرؤية المشروع على الطبيعة وهو في منطقة تجارية بحتة، دعوت الله أن يكون هناك صرح إسلامي يبدد الشبهات التي تثار بين الحين والآخر حول الإسلام في هذا المكان. وقال يجب أن نعترف أن هناك تخوفا مشروعا من المجتمع الأميركي بسبب عدم وعيه بالإسلام، وأي شخص غير مسلم قد تثار هذه المخاوف عنده بسبب ما نشاهده في وسائل الإعلام كل يوم، من صور عن الإسلام والمسلمين وهي في الأعم مؤذية وغير صحيحة، وفي النهاية سيكون هناك انطباع خاطئ عن الآخر (المسلمين)، ومن يجهل الدين الحنيف لا يلام. وقدم المشروع من قبل laquo;مبادرة قرطبةraquo; وlaquo;الجمعية الأميركية لتقدم المسلمينraquo; وهما جهتان مستقلتان تعملان لتحسين التفاهم وزيادة الحوار بين الأديان المختلفة، وجرى عرض جانب منه على لجنة استشارية ببلدية منهاتن. ويبذل الإمام فيصل عبد الرءوف الذي يشرف على المنظمة الإسلامية التي تقف وراء هذا المشروع، جهودا لكي يتحول إلى واقع في قلب منهاتن. من جهته، قال الشيخ فيصل عبد الرءوف وهو نجل مبعوث أزهري من أصل مصري لـlaquo;الشرق الأوسطraquo;: laquo;ليس هناك أي مشروع مماثل في الولايات المتحدة. سيكون مركزا للجميع ولن يكون حكرا على المسلمينraquo;. وتشييد مسجد ومركز وثقافي مسلم في قلب منهاتن قد يسهم، بحسب الإمام، في حصول تقارب بين العالم الإسلامي والغرب. وحيال بعض الانتقادات التي تواجه بناء المسجد، يؤكد الإمام أنه يريد laquo;نشر هوية ثقافية أميركية مسلمة تعتمد على التسامح والوسطيةraquo;. والشيخ فيصل ذهب إلى الكويت مع المبعوث الأزهري وإلى ماليزيا وإنجلترا في الخمسينات، ثم استقر به المقام في أميركا منذ عام 1965، وهو يعمل إماما لمسجد الفرح في مانهاتن منذ 27 عاما، ويقدم 3 خطب للجمعة بسبب صغر المكان على المصلين ، ويركز في خطبه على حب الله وأن الدين المعاملة، مشيرا إلى أن مشروعه يهدف إلى تعزيز العلاقات بين الغرب والمسلمين.
وقال الشيخ فيصل، وهو مصري الأصل من مدينة سمنود بمحافظة الغربية لكنه مولود في الكويت عندما كان والده ضمن البعثة الأزهرية، ويتكلم العربية بطلاقة، إن تكلفة إقامة المركز الإسلامي سيتم تأمينها من تبرعات المسلمين في الولايات المتحدة بشكل خاص، إلى جانب تبرعات من دول عربية وإسلامية. واعترف الشيخ فيصل، المتزوج من الماليزية ديزي خان الناشطة معه في المنظمة التي تتولى إدارتها التنفيذية وله منها ولد واحد و3 بنات، أن بناء المركز الثقافي الإسلامي والمسجد الذي سيتسع لألفين من المصلين في تلك المنطقة أثار حفيظة بعض ذوي ضحايا هجمات 11 سبتمبر، مشيرا إلى أنه مشغول بالرد على مزاعم ومخاوف يثيرها الإعلام الأميركي. ويقول: إن المشروع سيعيد الحياة إلى شارع مهجور من شوارع نيويورك ويغير نظرة الأميركيين إلى المسلمين، مشيرا إلى أن المشروع ينص على بناء مسجد مع قاعة رياضة ومسرح وربما روضة أطفال.