زينة اليازجي: سألت عرفات 'هل أنت خائف؟' فصرخ بي : 'انت ما عارفة مع مين عم تحكي'

أبو ظبي- فاطمة عطفة

ماذا تقول بنت الساحل السوري المنفتح على الآفاق والذي انطلقت منه أشرعة البحارة الفينقيين قبل 3500 سنة؟ ماذا تقول الإعلامية التي نشأت في بيت منفتح على العصر مع مراعاة التقاليد، ثم وجدت نفسها في بيروت التي تمثل باريس الشرق في انفتاحها وعشقها للحرية؟ السيدة زينة يازجي كانت مشغولة بزيارة أهلها ووداعهم، ومع ذلك استقبلتنا مشكورة في بيتها صباح الجمعة، يوم عطلتها الأسبوعية. ومع أن الحديث بيننا استمر حوالى ساعتين، إلا أننا لم نتطرق في حوارنا إلى جذور العائلة، ولم يخطر في بالي أن أسالها إن كان الشيخ ناصيف اليازجي شارح ديوان المتنبي، مالئ الدنيا وشاغل الناس، هو أحد أجدادها. لكن الإعلاميين مشغولون بالواقع اليومي وما يجري فيه من أحداث، لأن آراءنا يصنعها ويوجه ما تطرحه وسائل الإعلام. وبيت السيدة زينة مكسوة جدرانه باللوحات الفنية الجميلة مما يوحي بذائقة فنية مرهفة، والطريف أن يجتمع في هذا البيت العمل الدرامي، ممثلا بالحجاج، والصحافة المرئية التي تمثلها زينة برقتها وصفائها وتسامحها..، فهل هما في حالة جدال واختلاف بالرؤى والأفكار أم هما كالسمن والعسل على أتم اتفاق وانسجام؟ كان لبنان وسورية بلدا واحدا، وأبناؤهما اليوم شعب واحد يعيش في بلدين.. ولكن الانتقال، من جامعة سورية تحمل راية اللغة العربية، حتى في الطب والهندسة والعلوم، إلى جامعة أمريكية في بيروت.. هذا الانتقال يحمل الكثير من أوجه الاختلاف بالمحيط والجو والتجربة. لن أستبق السيدة زينة اليازجي وأخطف الحديث منها، لكني أتركها في ضيافة 'القدس العربي' وقرائها فهم أقدر مني على تطوير الحوار وإعطائه آفاقا ملونة وإضافات جديدة:

* النشأة في الساحل السوري، ما تأثيرالبيئة وجمال الطبيعة فيه عليك؟

*من المعروف تأثر طباع البشر بالمحيط الطبيعي الذي يعيشون فيه. طباع أهل الصحراء غير الداخل غير الساحل. البحر الأزرق والسهول الخضراء والسماء الزرقاء، رائحة الأرض والفصول الأربعة الواضحة جعلتني، كما معظم أهل اللاذقية وغيرها من الساحل 'على طبيعتي'، كما الطبيعة، جعلتني أكثر شاعرية، عاطفية أكثر من مادية، مندفعة أكثر من مخططة، أفترض الطيبة والصدق في الآخر قبل المكر والخداع. الساحل جعلني شخصية تتوق دائما إلى التغيير وتختنق من الروتين، وربما سلبيا جعلني فوضوية أعيش اليوم دون خطة للغد.

*زينة تقدم أحدث ما يجري بالقرن الحادي والعشرين، لكن الجذور تمتد إلى مدينة

أوغاريت التي أبدعت أول أبجدية في العالم، كيف تشعرين بهذا العمق الحضاري وأنت تعيشين كل يوم مع أحداث جديدة ومضطربة؟


* لا أعرف كيف أبدأ بالإجابة عن هذا السؤال، لأنني أعتقد أن لإرثنا البعيد تأثيرا إيجابيا وسلبيا على حاضرنا. إيجابيا، قيل الكثير عن عمق الحضارة العربية، بجذورها الفينيقية أوالبابلية، عن أول حروف الأبجدية في أوغاريت، نحن اخترعنا أشياء كثيرة سواء كانت بالعلم، بالفلك أو الطب، الري والزراعة.. حتى بالحكم والإدارة.

لكنني أعتقد أن تعاملنا مع هذا الإرث الغني جعله عبئا سلبيا على تقدمنا في الحاضر. نحن نتعامل مع هذا الإرث كالمنزلات، كأن المساس به من المحرمات أو كأنه فوق النقد. نستذكره بشكل انتقائي، نأخذ منه الإيجابي ونخبئ السلبي تحت السجادة. هذا ما يجعلنا نكرر أخطاءنا مرة تلو الأخرى بدل التعلم منها. هذه مسؤولية الشريحة التي تعتبر نفسها متنورة ومنوّرة في المجتمع العربي من أهل السياسة والإعلام والدين والثقافة. هذه الشريحة أصبحت أسيرة الماضي وحبست معها المجتمع لأنها أضعف من أن تبدع وتجدد وتنتقد وتبني. الاستنساخ من الماضي أكثر أمانا لها.


أشعر بالقهر عندما يقولون: 'الشعب العربي ليس أهلا ولا يستحق'! كيف قبل عصور آنفة كان طموحا وقادرا على التحدي والإبداع.. واليوم لا شيء؟! الناس في أي بلد إن أرادوا أن يعملوا ويتقدموا يستطيعون ذلك. لنأخذ دبي مثلا، بالإرادة السياسية عملوا الكثير وبفترة زمنية قليلة جدا. أعتقد أن المشكلة ليست مشكلة شعوب، بل هي مشكلة قيادات سياسية وثقافية وإعلامية... لا يمكن أن أقول إنني أتمنى لو لم يكن عندنا هذا الإرث، أنا سعيدة وأعتز بهذا الإرث، ولكن يجب أن نتقدم ثابتين وأقوياء وطموحين حتى نضيف له، وإلا نكون لا نستحقه.

* لو نظرنا إلى الوراء، كم نحتاج من الوقت حتى نبدأ بالخطوة الصحيحة؟ وهل المسألة إرادة فقط؟

*نحن اليوم في حلقة مفرغة في المجتمعات العربية بحثا عن سر النجاح. لا نستطيع أن نأخذ من الغرب كل شيء لأنه لا ينسجم مع بيئتنا، وليس كل ما نجح في الغرب ينجح عندنا. ولا يمكننا أن نعود إلى معلّبات الماضي لنطبقه بحذافيره. لأننا أصلا نتعامل مع الماضي بذاكرة عاطفية تصوره لنا كريستاليا خاليا من الأخطاء، بدل دراسته بشكل علمي عقلاني دون خوف من محظورات دينية أو مجتمعية ولا بيئية، حتى نعيد ما هو إيجابي ونبتعد عن الأخطاء. أما بالنسبة للحاضر، فإنني أعتقد أن دمج دروس الماضي مع تجارب الآخرين من أقصى الغرب إلى أقصى الشرق تجعلنا نمسك بسر النجاح. ولكن هذا لا يعني أننا لن نخطئ، وإذا حدث ذلك يجب أن نعرف لماذا ومن المسؤول، للمحاسبة وليس للتخويف والتخوين والتكفير. يجب أن نبتعد عن العصبية التي تكاد تخنقنا. فنحن كعرب متعصبون ضد الآخرين، مع أن تجاربهم فيها الكثير من الإنجازات التي تنفع الكرة الأرضية، وطننا جميعا. والعصبية تتغلغل فيما بيننا أيضا على كل المستويات، بين الأديان والطوائف، والغني والفقير، الكبير والصغير، السلطوي والشعبي. إذا انتصرنا على هذه العصبية ننتصر على ذاتنا ونبقى شعبا حيا. وأعتقد أن القيادات السياسية والمجتمعية يجب أن ترفع قليلا يدها عن الشارع حتى يتنفس ويطلق الحلول التي تناسبه.

أنا دائما أستشهد بمسلسل 'الحجاج'، أول مسلسل خلاني أتفرج على الدراما السورية، مع أني كنت أعرف عابد (عابد فهد، الممثل السوري المعروف - المحرر) قبل أيام عرض المسلسل، كنا متزوجين، لكن أول مسلسل أحترمته لأنه مكتوب وغني بدروس الحكم: كيف يمكن أن تحكم؟ أين أخطأ الحجاج، وأين أصاب؟ أعتقد هو درس من نابليون وكتاب الأمير لميكافيللي، الحاكم عليه أن يفعل أشياء قد لا تقبل بالنسبة للإنسان العادي، الحكم هو مزيج من الحكمة والطيبة والحزم المبني على المصلحة والعدالة، وليس على التفرد.

* اقتربنا بالحديث من شخصية الحجاج، السؤال هل يتأثر الممثل بالشخصية عندما يقوم بالدور؟


* أشعر بهذا التأثير قبل التصوير، عابد يصير كل ما حواليه هو مفتاح للشخصية، يعني يستطيع أن يأ
خذ من الآخرين نظرة، مشية، قصة، حركة، يستنبط ما يراه مفيدا للدور. عندما نكون بجلسة أشعر أن عابد بعيد بأفكاره كأنه عايش لوحده، لأنه يحاول أن يشوف ويلتقط هذا المفتاح أو التشابه بين شخص قد يعطيه فكرة ليستعملها بالشخصية الدرامية.

* البيت وتربية الأهل في اكتساب 'الأتيكيت' والسلوك الاجتماعي الراقي مع الآخرين؟

* تعرفين أن موعد هذا اللقاء تأخر لأن الوالد كان عندنا وسافر من يومين، وخلال وجوده معنا قلت له: ياليتك ربيتني بطريقة أقل تهذيبا، بشيء من شراسة على الأقل، أعتقد أن ذلك كان ليناسب المجتمع السائد اليوم. ولكن كلامي هذا كان يخفي جزءا كبيرا من فخري بأني تربيت ضمن هذه المنظومة، فيها إحساس بالآخر قبل إحساسك بذاتك، أنت لا تفرضين إيجابياتك على الآخرين وإنما تكونين عن جد مثل قنديل بإيجابيتك، بأخلاقك، بتهذيبك، حتى بمشاعرك تجاه الآخرين، وهم إذا أحبوا أن يتواصلوا مع هذا الأمر أو كانوا قادرين أن يتواصلوا معه يتقربون منك. عندي صراع حقيقي وجوهري بين المجتمع الذي أراه، وتحديدا المجتمع التلفزيوني والإعلامي والفني والحياتي بشكل عام، وبين المبادئ التي نشأنا عليها. أنا اعزي حالي بأن البيت ترك عندي ميزات قد تستطيع أن تشق الشاشة وتنطلق عبر الأثير لتصل للمشاهدين، إذا وصلت فأنا أكون سعيدة. وهذا ما جعلني أقع بصراع دائم في كثير من القصص وأتساءل هل علي أن أحارب بأسلحة الساحة التي أنا فيها، أو أحتفظ بأسلحتي. ولكن، أعتقد أني قطعت الشك باليقين لما رجعت ربيت أولادي بنفس الطريقة.


* مدى الاستفادة من الجامعة الأمريكية ودراستها في بيروت على شخصيتك؟


*أثرت كثيرا جدا، أنا طلعت من بيت محافظ جدا، دقيق بالأمور الشخصية والأخلاقية، الاعتبار الأول فيه للمحبة ومساعدة الآخرين، والحفاظ على الالتزام الشخصي، كان هذا مهما جدا بكل شيء، بكل خطوة من مسيرة حياتي، من طريقة اللباس والمشي إلى الجلوس والطعام، حتى فكريا بيتنا ملتزم، وبنفس الوقت منفتح نحو الآخر ولكن بيت ملتزم بالمبادئ الرئيسية للحياة: في الحياة عندك الصح، وعندك الغلط، عندك الأبيض، وعندك الأسود. لما طلعت على الجامعة الأمريكية، عرفت حرية التعبير وصرنا نتناقش بالأبيض والأسود. لو أردت أن أعطي المجتمع اللبناني حقه أقول إن كل شيء عندهم مطروح للنقاش، الدين، والانتماء، والالتزام والانفتاح، والانحراف، كله مطروح للنقاش، لماذا.. وكيف؟ ما هي الإيجابية وما هي السلبية؟ أول ما رحت تعرضت لصدمة. الناس تتعرض لصدمة حضارية، أنا تعرضت لصدمة فكرية، كل شيء يوضع على الطاولة ويناقش، هناك بدأ الحجاب يزال عن عيني، دعونا نناقش كل شيء، تعرفت على مجتمع قومي، على مجتمع طائفي، عربي، فينيقي، شيوعي، فلسطيني من الداخل، لبناني من الداخل، سوري.. نعم، تعرفت على الشخصية السورية، على الفكر السوري، واجتمعت مع سوريين بالجامعة الأمريكية لم أرهم ولم أعرفهم في سورية، اكتشفت وجها آخر لكل الشخصيات العربية. أعتقد أن هذا مهم جدا، الجامعة الأمريكية في بيروت هي منارة حقيقية للفكر. ولنتذكر أعلاما كبارا مثل جورج حبش وإحسان عباس وغيرهم. جو الحرية هو الذي يصنع قيادات شبابية بمختلف أشكالها، وهذا مهم جدا بأن يكون في كل بلد عربي، لأن من هنا يطلع الفكر الشبابي ويتطور، فهذه مثلا قومية سورية وتلك شيوعية، نختلف بالفكر لكن نلتقي على المقعد الدراسي، نتعارك بالفكر وليس بالسلاح أو غيره، طبعا يؤخذ على الجامعة الأمريكية، رغم إعجابي بهذا التنوع، يؤخذ عليها تمترس التيارات وراء قياداتها التقليدية، هذا جعلها تتعارك حتى بالداخل، فلا يأخذ الحوار الفكري مداه. في الحقيقة بالنهاية يتحول التنوع إلى عراك وصدام بسبب القيادات السياسية الخارجية التي تستعمل هذا الشباب المندفع. فحتى تحافظ هذه القيادات التقليدية على كراسيها تظن أن عليها أن تحافظ على النزاع بين فئات الشعب.

* هل اختيارك لتقديم الأخبار والبرامج السياسية نابع من ميل شخصي أو بتأثير من الأهل أو الجامعه؟

* أظن أنه ميل شخصي، لم يكن عندي ميول للأشياء الفنية، كنت أتابع الأفلام السينمائية، الأجنبية أكثر من العربية، وبعد ما تعرفت على عابد بدأت أتعرف على الدراما السورية التي عملت قفزة يحسب لها حساب، لكن ما فكرت إلا بالسياسة.

* البرامج السياسية جادة، وزينة أحيانا بالتقديم عندها مبادرات عفوية ومحببة للمشاهدين، هل المشرف على هذه البرامج يتلقى هذه اللمحات اللطيفة بارتياح، أو يبدي بعد الملاحظات؟

* فرق كبير بين العفوية والميوعة، أنا أعتقد أن أنجح القادة السياسيين هم القادة العفويون ليس الفوضويين، بمعنى أن تكون عندهم قوة شخصية وقوة إرادة، أن يخرجوا عن النص المكتوب بسلاسة ضمن السياق تقربا للمشاهد أو للمستمع، أنا برأيي ضمن هذا السياق أشتغل، أخرج عن النص ولكن لا أحطم النص، لا أخرج عن روح الأخبار التي هي جادة ملتزمة، بالنتيجة نحن نلتزم بالمشاهد. مثلا: عندما أقدم عن العراق، أنا لست ملتزمة بعلاوي أو المالكي أو غيرهما، أنا ملتزمة بهذا العراقي الذي صوت للمالكي وصوت لعلاوي ولآخرين، حتى يقدر أن يمشي هو وأولاده بالطريق، حتى يقدر أن يبعث بابنه إلى المدرسة، ويعرف أن ابنه سوف يرجع، أنا ملتزمة مع هذا العراقي طالب الأمان الذي يريد أن يذهب إلى عمله، ملتزمة به أسأل أسئلته وأفكر أفكاره، وأشعر شعوره، فإذا كان خروجي أحيانا عن النص هو بسبب مشاعر منسجمة مع هذا المشاهد، أعتقد هذا واجب. 'العربية'، تحديدا هذه النشرة التي لها ست سنوات على الهواء، نحن أول من بدأ فيها بالفضائيات، بدأنا فيها أنا والزميل طالب كنعان بهذه الروح، واننا معا متمكنان من المادة التي عندنا، متمكنان من التواصل مع المشاهد لدرجة أننا نخرج بكل سلاسة ومرونة، ضمن البرنامج والهدف.
*قابلت شخصيات متعددة من بيئات مختلفة، من هي الشخصية سواء كان رجلا أو امرأة تركت أثرا إيجابيا أو سلبيا عندك؟

* كل شخص عندما تتعرفين عليه أكثر بصدق وشفافية وصراحة وجدية، تجدين ما يعجبك وما تتعلمين منه.

مثلا، أذكر من آخر لقاء إعلامي أجريته مع مسعود البرزاني، رئيس إقليم كردستان العراق، أنه لفت نظري ببساطته وحرصه على عدم الابتعاد عن قول حقيقة شعوره، رغم الخطوط السياسية الضيقة. أعتقد أن هذا نابع من كونه كان مقاتلا في الجبال ولم ينس هذا حين جلس على الكرسي.

التقيت كذلك الرئيس السوري لكن للاسف لم يعطني مقابلة للإعلام بعد، التقيت به أكثر من مرة. رئيسنا يسمع كثيرا، هذه ميزة مهمة، يسمع كل ما تقولينه بكل صبر وجلد واحترام، ليعود ويقول لك رأيه بشرح جدي ومفصل. هذا نادر أن يتسع له صدر القادة.

التقيت توني بلير يتمتع بكاريزما شخصية ما في شك أنه ذكي جدا، وهو قادر على الاقناع. لورا بوش مثلا، التقيتها، ولفتني فيها رؤيتها بأن الرياض والخليج العربي يشبهان تكساس من ناحية أنهما مناطق بترول. وفهمت منها أهمية التفضيل الشخصي للقادة وكيف يؤثر على العلاقات الدبلوماسية والسياسية بين البلدان. والتقيت الرئيس عرفات عندما كان محاصرا في مقره بمقاطعة رام الله، وكان الإسرائيليون يهددونه بأنهم سوف يضربونه، وطلع معي على الهواء، قلت له: هل أنت خائف؟ رد وقال: أنت ما بتعرفي مع مين عما تحكي، أنا الزعيم أنا ياسر عرفات. لما عيط علي على الهواء، فعلا أول مرة قلت لنفسي أنا بعتذر، معه حق. سؤال 'هل أنت خائف؟' لا يوجه لياسر عرفات'. بعد مشوار طويل عرف فيه كيف يتعامل مع هذا التهديد وغيره الكثير.

*هل الاعتذار برأيك سواء من ياسر عرفات أو من أي شخص تشعرين أنك غلطت بحقه، هل الاعتذار جميل وضروري؟

* هذا السؤال يمكن أن يخطر لي كل يوم، الاعتذار أصعب شيء ويحتاج إلى أكبر قوة أن تعتذري، لكن أعتقد ، أقوى شيء هو الاعتذار. يجب أن تعلمي الناس على شجاعة وأهمية التراجع عن الغلط، بغض النظر عن كيف يستقبلها الآخر، عليك أن تعمليها لأنها تريحك، وهذا يجعلك راضية عن نفسك أكثر، بغض النظر إن كان الآخر يستاهل أو لا. رغم هذا، هناك بعض الأشخاص يستفزونك لدرجة لا تستطيعين معها الاعتذار منهم لأنهم يفهمون اعتذارك ضعفا وليس قوة. فأنظر بعيونه فأحس أنه لا يقدر أن يفهم اعتذاري، لأنه للأسف أحيانا إذا اعتذرت للشخص الخطأ يفهمها ضعفا. ولم أقدر أن أتغلب على هذا الشعور، لأني لم أصل بعد إلى هذه الدرجة من الزهد والرهبنة.

* هل يمكن أن نرجع لحديث لورا بوش، كيف تنظرين إلى صعود زوجات المسؤولين إلى مكان الصدارة مع أن الزوجة غير منتخبة كزوجها ولا تتمتع بامتيازات؟

* إن كل النساء هن شريكات لأزواجهن ونجاحهم. والأمر مبتوت فيه في الغرب. فمثلا قوانين الطلاق تحتم على كل رجل تقاسم كل ثروته التي جمعها من اللحظة التي عرف فيها زوجته، انطلاقا من قناعة أن المرأة هي شريك فعلي في نجاحه بوجودها في المنزل ورعايته حتى وإن لم تخرج وتعمل وتدر الأموال بشكل مباشر على أسرتها. هذه الشراكة الكاملة المبنية على الصدق والوفاء يعتبرها الناخب الأمريكي ركنا واجبا توفره في أي رئيس ينتخب. فنجاحه في زواجه يعبر لهم عن شخصيته، والتزامه بأولاده وزوجته دليل على أنه شخص مستقيم، صادق، وملتزم بشعبه. لنتذكر قصة بيل كلينتون وكيف كادت خيانته الزوجية أن تنحيه عن كرسي الرئاسة. من هنا أهمية السيدات الأوائل، كما أن وجودهن في مركز السلطة يجعلهن قادرات على مشاركة خدمة المجتمع في نواح غير سياسية مباشرة.

* الفنان عابد فهد عمله يتطلب الغياب خلال فترة التصوير، هل يؤثر هذا على مسيرة الحياة في البيت، عليك أو على الأولاد؟

* بصراحة نحن رتبنا حياتنا مثل المسرح، أنا وعابد لما يكون عنده تصوير هو يطلع على المسرح أنا أبقى وراء الكواليس وبالعكس، عندنا معادلة مناسبة لنا، وفي غيابه آخذ الدور وأتحمل المسؤوليه كلها.
ـ قرأت لك خواطر أدبية جميلة، هل عندك مشروع أدبي أو موسيقي؟ ما هو مشروعك الخاص غير الإعلام؟

* تقريبا عندي أحلام لكن كلها مؤجلة الساعة، أولها الدكتوراه، وبعدها ربما الدبلوماسية والسياسة. أما الأمر الملح الآن هو أن أرجع الى الكتابة، أحتاج إلى الوقت والجو. وهذا يتطلب أن يكون لديك احتكاكات جديدة وعناصر جديدة حتى تبدعي في الأفكار. التنفيذ مؤجل، وإن بدأت الكتابة سأكتب القصة القصيرة.