وصل اليوم المرشح «الجمهوري» دونالد ترامب، ومنافسته «الديمقراطية» كامالا هاريس إلى خط النهاية بعد أشهر طويلة من المواجهة القوية في الانتخابات الرئاسية الأميركية، والتي من المفترض أن يتم الإعلان عن فائز بها غداً، ولربما يتأخر الإعلان لبعض الوقت بسبب التقارب الكبير في الأصوات. وما يهمنا في هذا الصدد التداعيات الكبرى المحتملة على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بصورة عامة، والعالم العربي ومنطقة الخليج العربي بصورة خاصة. ويتمركز الاهتمام على الكيفية التي قد يتعامل بها المرشحان مع قضايا الصراعات السياسية التاريخية بين إسرائيل والعالمين العربي والإسلامي، وعسكرة المنطقة وقضايا أخرى ترتبط بالسياسات الأميركية الخارجية مثل الحمائية التجارية، وارتباط المنطقة بالدولار، وظهور عملات ذكية دولية، والتحول في التبادل التجاري باستخدام العملات المحلية، ناهيك عن تداعيات التنافس العالمي على الهيمنة والنفوذ العالميين، وتسييس الاستثمارات والذكاء الاصطناعي، وإعادة التمركز الأميركي العسكري في المنطقة، وما يتبع ذلك من نزاعات وصراعات ستلقي بظلالها على المنطقة.

تفضل دول مجلس التعاون الخليجي فوز المرشح الذي سيكون أكثر دعماً للعلاقات الثنائية، والذي من المحتمل أن يزيد من التعاون النوعي على الجبهة الأمنية، وسيقلل من حدة التوتر في الشرق الأوسط، ويدعم الحلول المستدامة لحل القضايا العالقة، وتعزيز التعاون الاقتصادي والاستثمارات والتعاون التكنولوجي المتقدم.

ومن المتوقع أن تعيد نتائج الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة تشكيل المخاوف بشأن فائض العرض المحتمل في سوق النفط، والتي نشأت بعد توقعات وكالة الطاقة الدولية بأن نمو الطلب العالمي على النفط سوف يتباطأ هذا العام. وخلافاً لمن سيتم انتخابه رئيساً، فإن النتائج ستؤثر في الطلب العالمي على النفط في المستقبل، وإذا ما انتصر مرشح الحزب «الجمهوري» للرئاسة «دونالد ترامب» في الانتخابات فقد تنخفض الاستثمارات في الطاقة المتجددة، وفوز «الجمهوريين» قد يبطئ نمو الطاقة المتجددة في أميركا، ما يؤدي إلى خفض السياسات البيئية فيها وتباعاً في العالم، وما قد يؤدي بدوره إلى زيادة استخدام النفط والغاز الطبيعي في الولايات المتحدة وتأثر السوق العالمية بذلك، وقد يؤثر أيضاً في إنتاج النفط في دول المنطقة، حيث تسعى الدول الخليجية الرئيسة المصدّرة إلى تحقيق التوازن بين العرض والطلب في سوق النفط العالمية، ومن المرجح أن تحدد شركات الطاقة الأميركية استراتيجياتها بناءً على الاقتصاد، وليس على السياسة الحكومية، وبدورها ستؤدي الزيادة في إنتاج النفط الأميركي إلى تخفيضات إضافية في الإنتاج من دول المنطقة، بموجب اتفاق أوبك.

في حال فوز هاريس ستستمر في سياسة بايدن في إطلاق تصريحات حول التحفظات بشأن خطط نتنياهو لما بعد الحرب على قطاع غزة، وخاصةً فيما يتعلق باقتراحات إعادة الاحتلال، أو إنشاء منطقة عازلة، خاصةً أن هاريس ستكون أكثر حساسية للتحوّل في الرأي العام الأميركي، وهذا يعني المزيد لمصلحة وقف إطلاق النار.

وفي المقابل، ستتبع إدارة ترامب سياسة خارجية لا تعتبر مستوطنات الضفة الغربية انتهاكاً للقانون الدولي، والاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ورفض فكرة العودة إلى حدود عام 1967، وستتضاعف بموجب ذلك المستوطنات إذا ما حكم ترامب، وسيشكل ذلك ضغطاً كبيراً على دول الخليج العربي، ويباعد بين وجهات النظر وتأثير ذلك على الأمن في المنطقة بصورة مباشرة، خاصةً أن فوز ترامب قد يخفف عن معسكر اليمين الإسرائيلي الضغوط التي تفرضها الإدارة الأميركية الحالية، والتي تهدف إلى إحياء السلطة الفلسطينية، وتمكينها في قطاع غزة، وإن كانت الولايات المتحدة لم تعد اللاعب المهيمن في الشرق الأوسط، ونجح الآخرون مثل الصين وروسيا في تنمية علاقات قوية مع العديد من حلفاء واشنطن التقليديين، مع ظهور بكين شريكاً تجارياً أساسياً للعديد من البلدان في المنطقة، ويرجع هذا إلى الوعي المتزايد للدول العربية بالمشهد الدولي المتغير، وفهمها أن العالم أحادي القطب لا يتماشى مع مصالحها، وتظل هذه السيناريوهات تخمينية، حيث تتشكل القرارات السياسية في نهاية المطاف من خلال توازن القوى، والمصالح السائدة.