سمر المقرن
مرة أخرى، يعود رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر للواجهة الإعلامية من خلال أخطاء أعضائها الذين يبدو أنهم لا يقرؤون الصحف، ولا يستفيدون من أخطاء زملائهم، أو أن إدارة الهيئة لا تعمم هذه الأخطاء على المراكز، أو أنها تعممها ولا أحد يستجيب ولا تؤخذ مأخذ الجد، وربما الهيئة والجهات العليا المسؤولة لا تعاقب المخطئ، فلم يعد أحد يكترث لو أخطأ في حق أو شرف أحد.
جاءت حادثة الدمام المنشورة في (الجزيرة) يوم السبت الفائت، حيث شكك أحد رجال الهيئة في رجل وزوجته -ومعهما أطفالهما- بأنها ليست زوجته وأنها في خلوة غير شرعية مع رجل أجنبي، وعندما أثبت الزوج أنها زوجته أصرَّ رجل الهيئة لاصطحابها للمركز دون وجود قضية سوى أنها laquo;كاشفة لوجههاraquo;، ورغم اختلاف الفقهاء في كشف الوجه إلا أن -بعض- رجال الهيئة لا يزالون لم يستوعبوا هذا الأمر، ورغم أن معظم العالم الإسلامي يرى laquo;جوازraquo; كشف وجه المرأة إلا أن رجال الهيئة لا يزالون يتصرفون وكأنهم مفتين وعلماء شريعة، ورغم أن والدنا وقائدنا وقدوتنا خادم الحرمين الشريفين، الملك عبدالله بن عبدالعزيز، يستقبل ويسلم على النساء كاشفات الوجوه، وآخرها كان الأسبوع المنصرم عند استقباله الوفد النسائي من غرفة جدة، إلا أن -بعض- رجال الهيئة، لا زالوا يصرُّون على أنهم laquo;الصحraquo; وغيرهم laquo;خطأraquo; ولا يقتدون بمن هو قدوة العالم الإسلامي أجمع!
والسؤال: هل يجب على كل زوج أن يحمل دفتر عائلته معه ليثبت لرجال الهيئة أن هذه زوجته، وهؤلاء الأطفال لا يكفي أن يدرؤوا شك رجال الهيئة عنهم؟ وإذا كان رجل الهيئة أخطأ ولا يستطيع أن يعتذر، فلماذا يصر على ارتكاب حماقة أخرى بجر امرأة وزوجها وأطفالهما لمركز الهيئة بلا جريمة؟ وفي النهاية مسرحية عفو تتم في مركز الهيئة ليصبح المخطئ محسناً والمخطئ عليه في محل الذليل رغم أنه لم يرتكب جرماً مطلقاً.
هذه الأخطاء المتكررة لرجال الهيئة مقلقة فعلاً، فالسؤال الكبير متى سيعرف رجال الهيئة عملهم جيداً، وهل ستقع كل أسرة في السعودية تحت ظلم الهيئة حتى يتعاطف الناس مع ضحايا الهيئة؟ الهيئة الآن تتجاوز خطوطها وتفترض سوء النية في الناس لسبب بسيط هو اختيار فقهي laquo;مُختلفraquo; عليه بين علماء الشريعة المعتبرين، ونصوص القانون في السعودية لا تحرم كشف المرأة لوجهها إذا كانت محتشمة ومحافظة.
الأمر لدى معالي رئيس الهيئة: هل من يخطئ يُعاقب؟ وإذا أخطأ هل من حق الإعلام أن يعرف أن عقوبة ما وقعت على العضو، أم أن الأمر سري في العقوبة وفضيحة على الشخص الذي أخطأ عضو الهيئة في حقه؟ لماذا تصر الهيئة على عدم وضوح اختصاصاتها، ولماذا لا يوجد مستشار شرعي في كل مركز للهيئة يحمل مؤهلاً لا يقل عن الماجستير في الفقه ويحمل فكراً مستنيراً يقيّم الموقف ويتحمل مسؤولية الحادثة ويفتي لأعضاء الهيئة لتكون عمليات الهيئة أكثر جماعية بدلاً من أنها اجتهادات فكرية لشباب حديثي عهد بالالتزام ومؤهلاتهم لا تسمح لهم بالوعي الكافي في الفقه الإسلامي وأنواع الاختلافات والإحاطة في فقه الواقع.
يوماً بعد يوم، تتزايد الأخطاء، وتكثر، وتتفاقم، وهذا ما يؤكد لنا أننا أمام مشكلات مزمنة بحاجة إلى قرار جديد عاجل يحدد مهام هذا الجهاز الحساس، فهو ممثل للإسلام من جهة، ومقترن بالناس من كافة الفئات من جهة أخرى، وإن لم تتحدد اختصاصاته بدقة وأوامره ونواهيه، فإلى الله المشتكى.
التعليقات