عبدالله جمعة الحاج


بعد الهجمات المؤثرة التي شنها تنظيم quot;طالبانquot; على قوات حلف شمال الأطلسي في أفغانستان، يبدو أن التنظيم استعد لمواجهة الحرب التي يشنها الحلف على معاقله في قندهار والمناطق القريبة منها في جنوب البلاد. وربما أن قيادة quot;طالبانquot; قامت بإرسال عدد كبير من المقاتلين إلى المدينة، وزرع الكمائن والمتفجرات على الطرق المؤدية إلى المنطقة. وتأتي تلك الاستعدادات فيما يبدو رداً على العمليات العسكرية التي تشنها قوات quot;الناتوquot; وقوات الحكومة الأفغانية بهدف إخراج مقاتلي quot;طالبانquot; من قندهار، فهذه المدينة شكلت معقلاً روحياً ومركز قيادة لـquot;طالبانquot; في أفغانستان خلال السنوات التي حكمت فيها البلاد. وتهدف قوات quot;الناتوquot; من وراء الهجمات التي تشنها حالياً إلى دعم قدرات الحكومة المحلية للمنطقة لكي تتمكن من منع quot;طالبانquot; من السيطرة عليها مرة أخرى بشكل كامل.

وتشير التقارير الواردة إلى أن قوات quot;الناتوquot;ومعها القوات الحكومية غير قادرة حتى الآن على إحداث تغيير فعلي يهز من موقف quot;طالبانquot; في المنطقة، فرغم الاستعداد الجيد الذي قامت به القوات المهاجمة، والدعم الكبير الذي تحظى به، خاصة على ضوء الزيارة المفاجئة التي قام بها أوباما إلى قوات بلاده في أفغانستان، فإن ما تم تحقيقه من تقدم لا يرقى إلى الطموح الذي وضعته دول quot;الناتوquot; وفي مقدمتها الولايات المتحدة لنفسها لتحقيقه في البلاد. ونتيجة لذلك يثور الآن نقاش حاد في الولايات المتحدة حول الحرب في أفغانستان، تحتدم فصوله في أروقة الكونجرس الأميركي، وإن كان ذلك بشكل غير مفصح عنه بشكل كامل بعد.



ويعيد قادة تنظيم quot;طالبانquot;، عدم قدرة quot;الناتوquot; والقوات الحكومية على تحقيق انتصار حاسم ضدهم، إلى أن أهل المنطقة يؤيدونهم هم ويقفون إلى صفهم ضد quot;الغرباء الغازينquot;، لكن ذلك الطرح يحمل جزءاً من الحقيقة وليس كلها، فرغم أن أهالي المنطقة هم من البشتون الذين ينتمي إليهم جميع قادة quot;طالبانquot; وعناصره، فإنه من الصعب قياس عمق التأييد الذي يحظى به هذا التنظيم الأصولي المتشدد في أوساطهم. فالكثيرون منهم يقولون إنهم سئموا من تواجد كل من القوات الأجنبية وعناصر quot;طالبانquot; في مناطقهم التي أحالوها إلى ساحة حرب لا تتوقف منذ عام 2001، والعديد منهم يقول إن الهجوم الحالي الذي تشنه قوات quot;الناتوquot; لن يحقق شيئاً سوى المزيد من القتل والدمار.

والمحير في الأمر هو أنه رغم أن quot;طالبانquot; عانت كثيراً منذ عام 2001، فإن ما قامت به من عمليات نوعية في الآونة الأخيرة يعطي دليلاً على أن التنظيم لا يزال يحتفظ بقدر من القوة، فالهجمات الأخيرة على قوات الحلف، وأهداف محددة في العاصمة كابول، تدل على أنها ليست بهجمات عشوائية، بل هجمات منتقاة ومخطط لها بشكل دقيق تهدف إلى توجيه رسائل قوية وواضحة إلى quot;الناتوquot; والحكومة الأفغانية. وتشير تصريحات تصدر عن قيادات مهمة في quot;طالبانquot; إلى أن الملا محمد عمر يقوم بنفسه بالإشراف المباشر على تلك العمليات، وهو الذي يصدر الأوامر بالتخطيط لها وتنفيذها. فما هو المستقبل الذي ينتظر أفغانستان إذا لم تتحقق أهداف هجمات quot;الناتوquot; الحالية؟ وهل ستعود quot;طالبانquot; للسيطرة الكاملة على قندهار والمناطق المحيطة بها؟