حسن عبد الله عباس

أكثر ما يميز العمل السياسي في الكويت الاحتدام الطائفي الموسمي لدرجة أن الناس صارت تستغرب فيما لو مر زمن ولم نسمع بشيء منه! هذا الاحتدام بحق laquo;كُركُمraquo; العمل السياسي في الكويت ومن دونه تصبح طبخة الإعلام والسياسة والبرلمان بلا طعم! فمن حين لآخر لابد أن يخرج من بين ثنايا النشاط والحراك السياسي الكويتي قصة لها بُعد طائفي تستثير المشاعر وتستنفرها ثم تهدأ وتخمد لحين الدورة الجديدة وهكذا إلى ما لا نهاية.
القصة هذه المرة كانت بفعل أسئلة اختبار التربية الاسلامية للصف التاسع التي استثارت النائبين عدنان المطوع وصالح عاشور وهاجما بسببها وزارة التربية واتهماها بسيطرة الفكر السلفي واختطافها من قبل التكفيريين. طبعاً تداعيات هذا الهجوم والهجوم المضاد المقبل من الإسلاميين، كالنائب محمد هايف المطيري، وغيره، في الطرف المقابل ممن دافعوا عن الاسئلة بذريعة أنها مستمدة مباشرة من المنهج التدريسي لمادة التربية الاسلامية، تداعيات هذا التلاسن انعكست بصورة سلبية على الإعلام الذي رأى فيه مادة خصبة ودسمة ليتناولها بالتحليل مداً وجزراً خصوصاً من قبل أصحاب الرأي.
الحقيقة أن التراشق اللساني ليس مستغرباً أبداً! فالأرضية دائماً متوافرة والناس فقط بانتظار الموضوع المناسب للهجوم التقليدي وبالمفردات نفسها، وباللهجة نفسها! فكل فريق يستخدم امكاناته المادية والإعلامية لإحراج وتسجيل هدف في مرمى الطرف الثاني. فإن كان السلف يستخدمون مناهج التدريس وإدارة التوعية بوزارة الصحة لنشر وتوزيع روايات وكتيبات لتُضعف من شأن الطرف الشيعي، فالطرف الشيعي عنده امكاناته كالمنابر والخطب والصحف، والإعلام يستمد قوته منها لتسجيل أهدافه على الطرف السلفي.
فحرب كسر العظم المتبادلة بين الطرفين قديمة جداً اُستخدم فيها كل متاح، وبالتالي أستغرب بل وأستهجن من يقول إن الشعب الكويتي جُبل على الوحدة مع أن الاختلاف السلفي/الشيعي قائم منذ مئات الأعوام وقبل قيام دولتنا الحديثة! فالحديث بأن التشنج الطائفي ظاهرة دخيلة علينا لم نعهدها سابقاً فيه الكثير من السذاجة والسطحية بصراحة!
أكثر ما يعجبني في هذا السجال استعراض كل فريق موقفه في بيان صحافي يذكرنا بمجموعة من الآيات والروايات ليدعم موقفه ضد الطرف الثاني كبيان الثلاثاء الماضي والمُذيل بتوقيع أربع جهات إسلامية من بينها جمعية laquo;إحياء التراثraquo;، وجمعية laquo;الإصلاحraquo; بعنوان laquo;كيف يصبح تنزيه الصحابة وحماية العقيدة تكفيراً؟raquo; سؤالي حول هذه البيانات سواءً كانت شيعية أو سلفية هو: لِمن تُكتب، ومن جمهورها؟
إن كان الجمهور من الفريق الثاني، فاسترح لأن الجواب المعروف سلفاً هو الرفض ولن يُقيم بأكثر من الحبر المكتوب. أما إن كان الجمهور هو من الفريق نفسه وللفرقة نفسها، فما الفائدة! إلا اللهم إن كان الهدف هو تأجيج مشاعر المشجعين، فذلك أمر آخر!
الدروس السابقة والكثيرة علمتنا أن جولات حروب الكر والفر تدور دائماً بين الخسارة والربح! فإن حقق هذا الفريق نجاحاً اليوم، فليعلم أنه سيخسر حتماً في الجولة المقبلة! فلم يحصل أن تفوق فريق على طول الخط، فهي دوامة لا تتوقف رحاها عند محطة دون الأخرى. نصيحتي للقيادة السياسية أن توازن بين هذه السجالات ولا تستقوي بطرف على طرف لأن التعايش السلمي هو الأصل!