ماضي الخميس

يهتم المواطن الكويتي بأحوال البورصة أكثر من اهتمامه بأي قضية أخرى، وتجده حين تسحقه البورصة سحقاً يبحث عن أي سبب لينتقد الحكومة وتخاذلها، وحين ترفرف صعوداً وارتفاعاً لا يفكر إلا في جني الأموال والأرباح، ولا يلام في ذلك فبورصة الكويت أصبحت مصدرا للمصائب والخسائر والنكد، وهناك من يستغل حالة الهلع والأسى التي يعاني منها المواطن لتصدير أفكار تحريضية محورها الحيتان والغزلان والفئران. هذا المواطن، الذي أصبح في انتظار أي فرصة للانتقام من أي شيء، تعجبه مثل تلك الألحان والاسطوانات، يلتقطها ويستوعبها ويروجها... إذا سألته عن حال البورصة قال لك: لعن الله الحيتان الذين دمروا السوق ودمرونا. ولا أحد يعلم ما السبب وإلى أين تتجه الأمور، ومتى تبدأ المؤشرات بالتعافي.
*
هناك حالة من الفوضى السياسية في الكويت تحتاج إلى تنظيم... مكمنها في ظهور العشرات من الكتل السياسية بين ليلة وضحاها، كتل بلا قواعد، ولا مؤسسين، ولا ملاح. أحدهم يجلس في منزله ويصدر البيانات والحجب والاستنكار على كل شاردة وواردة، ويرسل بالبيانات للصحف والصحافيين والهيئات والمنظمات تحت اسم كتلة (...) وفي الواقع هذه الكتلة لا تمثل عشرة أشخاص في الشارع السياسي، ولكن الصحف تتلقف تلك البيانات وتبرزها من دون وجود مرجعية واضحة.
حضرت ذات يوم ندوة لأحد الكتل السياسية ولم يتجاوز الحضور سبعة أشخاص، وفي اليوم التالي كانت عناوين تصريحات مسؤولين تلك الكتلة تتصدر عناوين الصحف التي أبرزتها بشكل كبير.
أعتقد أن غياب التنظيم السياسي السليم في الكويت سيجرنا إلى الكثير من الفوضى السياسية التي يعبث بها الكثيرون من غير المؤهلين لها، وأظن أن الفورة السياسية الحالية يجب أن تقودنا إلى ضرورة وجود تنظيم للعمل السياسي بدلاً من تركه ساحة سهلة، إلا إذا كانت هناك رغبة في وجود تلك الفوضى التي قد يكون لها أهداف وتكتيكات مختلفة.
*
لا أعتقد أن هناك مواطنا كويتيا يعلم متى ستنتهي نعمة النفط، وماذا سنعمل بعدها، وما شكل الدولة بعد النفط، وأين سيكون موقعنا من الاعراب بين الأمم والشعوب، هل سنتغطى بديموقراطيتنا، التي لم نحافظ عليها، ونتدفئ بها في أيام الشتاء، أم سنشعل أكوام الأوراق من مضابط جلسات مجلس الأمة، ومحاضر اجتماعات مجلس الوزراء... لتقينا برد الشتاء القارص.
لقد بات من الواجب أن تكون ملامح المرحلة المقبلة واضحة أمامنا، أكثر المتشائمين يقولون ان النفط سينتهي بعد عشرين عاماً، وأكثرهم تفاؤلاً يرى أن النفط سيكفي مئة عام، لكنه في كل الأحوال سينتهي وتنتهي اسطورتنا معه، وحينها لا نمتلك محلات laquo;هارودزraquo;، ولم ننظم كأس العالم، وسنتحسر على أعوام طويلة قضيناها في القيل والقال وكثرة السؤال من دون أن نحقق أي انجازات مستقبلية.
لا ندري ماذا أعدت لنا الحكومة من مفاجأت للأعوام المقبلة... هل هناك خطط واستراتيجيات ومشاريع، أم سنجلس في انتظار المفاجأة، أو أن يهبنا الله نعمة أخرى من نعمه تجعلنا مرة أخرى في دائرة الضوء ومحور الاهتمام.
*
نشرت إحدى الشركات المتخصصة دراسة أظهرت أن الكويت تعتبر من أكثر البلدان العربية رخصاً في المعيشة مقارنة مع دول مثل الإمارات وقطر والبحرين والسعودية، لكنهم نسوا أن يضيفوا: الكويت الأرخص معيشاً... والأكثر مللاً. ودمتم سالمين.