هاشم عبده هاشم
** لو لم تكن الرياضة أهم من السياسة عند زعماء العالم وقادته .. لما امتثل قادة الدول الثماني لرغبة المستشارة الألمانية ( انجيلا ميركل ) ورئيس الوزراء البريطاني الجديد ( ديفيد كاميرون ) لتأخير لقاء القمة يوم ( الأحد ) الماضي مدة ساعتين ، حتى يتمكنا من متابعة لقاء المنتخبين الألماني والانجليزي ..
** ولو لم تكن الأوطان مقدمة على كل ما عداها .. وفوق كل وجاهات الدنيا .. حتى عند صناع القرار في هذا العالم .. لما رأينا المستشارة الألمانية تتفاعل مع كل هجمة ألمانية .. وتصرخ بأعلى صوتها عند تحقيق منتخبها لكل هدف في المرمى الانجليزي متناسية أن من يجلس إلى جوارها هو زميلها رئيس الوزراء البريطاني .. وان الانفعال يتعارض مع ( بريستيج ) السلطة .. وان الفرح بالأهداف أمام الخصوم مسألة غير لائقة أيضا ..
** نسيت ( ميركل ) كل هذا وتصرفت كمواطنة ألمانية متحمسة لسمعة بلدها .. فدخلت قلوب جميع مواطنيها بقوة ..
** وهكذا أثبتت الكرة أنها فوق الوقار السياسي .. لاسيما حين تستمد قوتها من حمى الوطنية .. وتتزامن مع لقاء منتخب ( البلد ) مع المنتخبات الأخرى ..
** عندها تسقط كل المحاذير .. ويعلو صوت واحد .. هو صوت الوطن .. وحب الوطن .. وهوس الوطن .. على كل الأصوات الأخرى ، بما فيها أصوات أسلحة الدمار الشامل .. ولعلعة رصاص الإرهاب .. وأزمات الديون العالمية المتراكمة .. ومصائب الركود الاقتصادي المدمرة ..(!)
** تلك هي الرياضة ..
** وذلك هو تأثيرها .. ليس على الجماهير فحسب .. وإنما على قادة وزعماء العالم أيضا ..
** ولمن لا يعرف هذه الحقيقة .. فإن الكثير من النظريات السياسية مطبقٌ في ملاعب الكرة .. ومعتمد في الأكاديميات الرياضية في العالم .. ومعروف عند كل من يتقنون فن كرة القدم بصورة أكثر تحديدا ..
** وسأضرب لذلك أمثلة بالنظريات الكروية المعروفة ( هاجم لتدافع ) و( الغزو والتمرير المحكم أفضل حل لتفكيك الدفاع المتماسك ) و( ارفع .. ارفع الكرة تربك خصمك ) و( الانضباط داخل الملعب يقود إلى الفوز ) و( لياقتك تهزم مهارة غيرك ) و( وسط قوي .. يؤدي إلى الوصول الأسرع إلى المرمى ) و( الانتشار خير وسيلة لإرباك الخصم وإضعافه ) و( تصويبة واحدة في المرمى .. أفضل من ساعة استعراض بوسط الملعب ) وغيرها .. وغيرها ..
** ما أقصده من وراء كل هذا .. أن الرياضة قيمة .. وان الالمام بها كعلم .. وممارسة .. وفكر .. هي دليل وعي المجتمع ونضجه وليس العكس كما يعتقد البعض ..
** وإذا كان هناك من ينظرون إلى الرياضة نظرة دونية .. فلأنهم لا يفهمون قيمة هذا المجال .. ومدى حاجته إلى عقول نابهة .. وسوية .. وعاقلة .. تقود مسيرته .. وتنشر قيمه الرفيعة في المجتمع بأسره ..
** وإذا كان هناك من أساء إلى الرياضة وأوساطها .. سواء من الاداريين .. أو اللاعبين .. أو الحكام .. أو المدربين .. أو الجماهير .. أو الإعلام فإن هؤلاء مع احترامي الشديد لهم دخلاء على الرياضة .. وجهلاء برسالتها العظيمة .. وغير مؤهلين للانخراط فيها .. أو العمل في نطاقها .. أو الانتماء إليها .. وعليهم أن يغادروا مواقعهم فورا .. وأن يتركوا أماكنهم لمن يتمسكون بقيمها .. ويرتقون بها إلى المستوى الذي تستحقه .. ويرتفعون بالسلوك العام داخل انديتنا إلى المستوى الذي تفرضه الرياضة وتوجبه اخلاقياتها وليس العكس ..
** فما يحدث في الكثير من الأندية لدينا ..
** وما يبرز في بعض الملاعب .. ويتجسد في بعض الأوساط الرياضية .. لا يسر .. ولا يشرف أحدا .. وهو السبب في تلك النظرة الدونية التي أصابت الرياضة في مقتل وجعلتها تتردى بصورة مستمرة مع كل أسف ..
** إن الرياضة قبل هذا وبعده قيمة علمية .. وأخلاقية رفيعة .. شأنها في ذلك شأن السياسة .. والتربية والثقافة .. سواء بسواء ..
** فهل نصلح الحال .. ونعيد إليها تلك القيم .. ونصحح بشأنها الكثير من المفاهيم المغلوطة قبل فوات الاوان ؟
***
ضمير مستتر :
**(أنت رياضي .. إذاً أنت إنسان محترم .. وليس العكس).
التعليقات