سركيس نعوم
بدأ الموظف الاميركي السابق والباحث الحالي الذي تعد منطقة الشرق الاوسط مجال عمله حديثه بأزمة هذه المنطقة، قال: quot;لا تزال هذه الازمة وعملية السلام من اولويات ادارة باراك اوباما. إنه يهتم بها كثيراً. وموفده الى المنطقة السيناتور السابق جورج ميتشل سيعمل عليها بكثير من الجد. اما احتمالات نجاحه التي تشغل بالك او التي تسأل عنها فيمكن القول انها تبقى صفراً ما لم يجد النزاع الكبير خارجها حلاً له بعد. والمقصود بذلك الخلاف بين بنيامين نتنياهو وحكومته من جهة وباراك اوباما وادارته من جهة اخرى حول هذا الموضوع. وعندما يُحل هذا الخلاف تصير مقاربة القضية اسهل وتبادل التنازلات من اطراف الازمة على تناقضهم ممكناً. كان نتنياهو في كندا. تحدث هاتفياً ثلاث مرات مع اوباما. كان يريد العودة الى بلاده عبر واشنطن للقائه كما كان مقرراً. لكنه لم يعرّج على واشنطن. واعتقد ان اوباما دعاه الى صرف النظر عن الزيارة بعد عملية تصدي الجيش الاسرائيلي لـquot;الفلوتيلاquot; اي quot;اسطول الحريةquot;، وإيقاعه في صفوف الموجودين على احدى سفنه قتلى وجرحى. وكان لواشنطن موقف سلبي من عملية التصدي هذه. ولذلك فانها لم تشأ ان تصبح العلاقة مع نتنياهو اسوأ مما هي عليه. وفي رأيي لا يمكن أن تنجح المحادثات غير المباشرة بين اسرائيل والفلسطينيين ويجب ان تتحول مباشرة، اذذاك يصبح ميتشل فاعلاً. ولا بد من تنازلات من الطرفين. طبعاً لا بد ان يكون الحوار او المفاوضات مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس. لكن لا بد في الوقت نفسه من التحدث مع quot;حماسquot;. علماً ان الولايات المتحدة لن تفعل ذلك، بل حلفاء لها وبالنيابة عنها. وقد يكون الحليف المؤهل لذلك اكثر من غيره بريطانيا. لا يمكن احداً أن يعتبر ان نتنياهو حقق انجازاً عندما قال انه قبل quot;حل الدولتينquot;. ذلك انه لا يزال مصراً على مراقبة الاجواء والسيطرة على المياه والحدود بين quot;دولة فلسطينquot; المنتظرة واسرائيل والاردن في الوقت نفسه وعلى كل شيء تقريباً. فضلاً عن انه لا يقبل من مظاهر الدولة الفلسطينية او من مقوماتها الا العلم والنشيد الوطني وجواز السفر. هذه لن تكون دولة. وهذا ما قلته لأحد اعضاء منظمة quot;ايباكquot; (منظمة يهودية اميركية تدافع رسمياً عن اسرائيل ومصالحها) اثناء غداء جمعناquot;.
هل يعلن رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض quot;دولتهquot; اي دولة فلسطين في 2011 كما سبق ان اعلن؟ سألت. اجاب الموظف الاميركي السابق والباحث الحالي نفسه: quot;لا اعرف. لكن اذا وصلنا الى سنة 2011 ولم يتحقق اي تقدم فإنني لا استبعد ان يعلن فياض ومعه رئيس السلطة محمود عباس دولة فلسطين. اذ لا يعود هناك خيار آخر امامهما. وهما قد لا يذهبان الى مجلس الامن بل الى الجمعية العمومية للامم المتحدة حيث لا quot;فيتوquot; اي لا حق نقض لأي دولة كبرى وخصوصاً لاميركا المنحازة دوماً الى اسرائيل. وقد يحقق ذلك لهما اعترافاً اممياً واسعاً بدولة فلسطين. على كل حال تساعد اميركا جدياً في بناء مؤسسات quot;دولة فلسطينquot; وذلك بالتعاون مع رئيس الوزراء سلام فياض وحكومته. وهي مؤسسات ادارية ومدنية وامنية وعسكريةquot;.
هل نتنياهو رجل سلام؟ سألتُ. اجاب: quot;لا اعرف. لكنه ليس رجل مبادئ. انه يتمتع بغريزة البقاء (Survival). يمكن ان يذهب ساعة يرى مصلحة له في ذلك الى زعيمة حزب quot;كاديماquot; المعارض تسيبي ليفني من اجل اقامة ائتلاف معها. وفي كل الاحوال قد يكون عليه اذا وصلت عملية السلام الى مرحلة متقدمة ان يذهب الى الانتخاباتquot;.
اين اميركا من كل ذلك؟ ماذا يمكن ان تفعل او ماذا يجب ان تفعل لإيصال هذه القضية المعقّدة الى مرحلة الحل النهائي؟ سألت. اجاب: quot;في مرحلة من المراحل على اميركا ان تفرض حلاً او مشروع حل او مشروع اطار واضح ومفصل للحلquot;. علّقتُ: عرض الرئيس الاميركي السابق بيل كلينتون بعد مفاوضات مضنية اطار حل اواخر ولايته الثانية على الفلسطينيين والاسرائيليين. لكنه رُفِض. هل يفيد تكرار هذا الامر؟ ردَّ: quot;معك حق. عرض الحل او اطار الحل يجب ان يقترن بالقدرة على تطبيقه او على فرضه على الطرفين المعنيين به مباشرة او على اقناعهما به. ليبيا، وانا على تعاطٍ استشاري معها، تتحدث عن دولة quot;اسراطينquot; (كلمة مشتقة من جمع النصف الاول والأخير من كلمتي اسرائيل وفلسطين). وزعيمها العقيد معمر القذافي يقول ان quot;اسراطينquot; هي دولة واحدة بين نهر الاردن والبحر الابيض المتوسط. في دولة كهذه لا بد ان تصبح الغالبية الشعبية مع مرور السنين فلسطينية، فيتحول اليهود اقلية، هذا اعتراض اليهود الاسرائيليين على هذه الدولة. ولكن ماذا ينتظرون او ماذا يتوقعون؟ اذا كانوا يرفضون عملياً حل الدولتين او لا يسهلون التوصل اليه ويستمرون في محاولة افراغ دولة فلسطين المحتملة من كل مقومات الدولة فإن quot;الدولة الواحدةquot; التي يخافون منها ستصبح امراً واقعاًquot;.
ماذا عن سوريا؟ سألت، اجاب الموظف الاميركي السابق والباحث الحالي نفسه: quot;الجمهوريون في الكونغرس يعوقون تثبيت السفير الاميركي لدى سوريا الذي عيّنه الرئيس اوباما. ويعوقون تالياً سياسة الحوار التي ارادها مع سوريا (Engagement). والسبب هو انهم يريدون إلحاق الهزيمة بالرئيس الديموقراطي. لكن الرئيس الاميركي لا يريد فرض تثبيت السفير وحده، وذلك ممكن باجراءات معينة. هناك نحو 250 تثبيتاً لموظفين كبار يعوقها جمهوريو الكونغرس، ولن يثبت السفير فورد الا مع الآخرين. وسوريا تعرف هذا الامرquot;.
هل يكون اوباما رئيساً لولاية واحدة كما يردد البعض القليل في واشنطن وحتى في نيويورك؟
التعليقات