حسام كنفاني

من غير المعتاد أن ترسو الساحة اللبنانية على هدوء . الأمر هذا كان على مدى السنوات العشر الماضية على الأقل، إذا أردنا طي صفحة الحرب الأهلية الطويلة في سبعينات القرن الماضي، والتي انتهت على مضض مطلع التسعينات . لبنان لم يخرق عادته، وبعد فترة من ldquo;الهدوء الحذرrdquo; الذي أعقب الانتخابات النيابية الأخيرة في العام ،2009 ها هو التوتر يعود ليطرق أبواب البلاد . قد تكون كلمة توتّر تعبير مخفّف عمّا تشهده الساحة اللبنانية، وعمّا قد يؤدي إليه مسار الأحداث في حال سارت في المنحى المرسوم، كما هو ظاهر حاليّاً .

التوتّر عنوانه المحكمة الدولية وقرارها الاتهامي . الكثير من الكلام قيل ونشر في الصحف، وتداوله المسؤولون على مدى الأسبوعين الماضيين على الأقل . كل ما قيل تناول إمكان اتهام ldquo;حزب اللهrdquo; أو ldquo;عناصر غير منضبطةrdquo; فيه بجريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري في العام 2005 . فجأة تحولت وجهة الاتهام، بعدما كانت تستهدف دمشق بالدرجة الأولى منذ لحظة تفجير الرابع عشر من فبراير/ شباط . الوئام العربي المستجد، وشبه المصالحة السورية مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، أخرجا دمشق من المعادلة الاتهامية . باتت هناك حاجة إلى متهم سياسي آخر، على اعتبار أن العقدة القائمة حالياً في العالم هي الملف النووي الإيراني . وطالما أنه قد لا يكون هناك منطق في زج اسم طهران في عملية الاغتيال، وهي التي كانت غائبة عن تحقيقاته أو وجهات اتهامه منذ اللحظة الأولى، فمن الممكن أن يكون الاتهام لrdquo;واجهة إيرانيةrdquo;، بحسب ما يرى الغرب وبعض العرب إلى حزب الله . مقومات الاتهام قد تجهّز بسهولة على اعتبار أن ldquo;الضاحية الجنوبيةrdquo; وردت في أكثر من تقرير للجنة التحقيق الدولية، سواء حين كان الضباط الأربعة متهمين بعدما قيل إنهم اجتمعوا في شقة في إحدى مناطقها، أو بعد ذلك حين تم الحديث عن أن ldquo;تجهيز شاحنة الميتسوبيتشيrdquo; في مرآب بالضاحية . إضافة إلى هذا وذاك، تأتي الاتصالات المخترقة ldquo;إسرائيليّاًrdquo;، والتي قيل إنه تم الاعتماد عليها في وجهة الاتهام .

مهما قيل ونشر عن القرار الظني، فإنه لا يمكن إزالة الشبهة السياسية عن عمل المحكمة الدولية وتوجهاتها، على الأقل لدى متابعة مسار وجهة الاتهام منذ البداية وحتى اليوم . شبهة تضع البلاد على مشارف فتنة جديدة يستشعر خطرها من هم في الداخل اللبناني وخارجه، وعلى أساسها ستكون بيروت مسرحاً لزيارات عربية رفيعة المستوى في محاولة لدرء خطر قادم . الحراك سيتكثّف مع الوقت، ولن يظل في إطاره العربي، وسط مقترحات لتأجيل القرار الظني لن تفيد إلا في ترحيل فتيل التفجير .