تل ابيب
بعد نحو سنة من الانتخابات المزيفة في ايران وتظاهرات مئات الالاف، وبعد شهر من اغلاق العالم على النفط والغاز الايراني، تتفكك امام ناظرينا الثورة الخمينية الى عناصرها الاولية حيث تحث العقوبات الدولية النهاية.
ثورة 1979 كانت مبنية على اربعة عناصر قوية، معا اثارتها: الطلاب، التجار (ما سمي ذات مرة البازار)، سكان المدن الكبرى والشيوخ. وينبغي الانتباه الى أن الجيش ليس بين هذه العناصر. فهو لم يكن مشاركا في حينه، وهو لا يشارك اليوم ايضا اكثر مما ينبغي في الحكم. غير أنه في السنوات الاخيرة تفككت كل هذه العناصر الواحد عن الاخر، ابتعد الواحد عن الاخر، ومشكوك أن يكونوا يؤيدون بعد الان الثورة الخمينية.
الطلاب اصبحوا المعارضين الاشد لكذبة الثورة، رأينا ذلك فقط قبل سنة. التجار قلقون جدا من العزلة المتعاظمة لايران في العالم ndash; الوضع الاقتصادي في ايران يواصل التدهور، والعقوبات ضد البنوك تثقل عليها بل وستزيد اثقالها. سكان المدن الكبرى، هم الذين خرجوا قبل نحو سنة الى الشوارع ضد النظام، يعرفون بالضبط كم تدهور وضعهم.
ومشكوك جدا ان يكون الشيوخ يؤيدون باغلبيتهم النظام الحالي وحكم laquo;ولاية الفقيهraquo; الذي اقامه الخميني. آية الله الاكبر علي خامنئي، على أي حال، لا يحظى بالتقدير لديهم، كونه ليس كبيرا حقا في مجال الدين، وكثيرون في اوساط الشيوخ يتحفظون على سياسة الشرطة التي اقامها الدين. منذ وفاة آية الله الكبير علي منتظري مؤخرا، المرجعية الفقهية المهمة حقا في ايران، لا توجد قيادة معارضة واضحة لدى الشيوخ، ولكنهم يغلقون على أنفسهم في بيوت الصلاة خاصتهم ويتدخلون بقدر أقل في حياة الدولة. وهذا انغلاق تصريحي.
إذن ما الذي تبقى من هذه الثورة؟ قبل سنة جرى نوع من الانقلاب العسكري في ايران، لحرس الثورة، الميليشيا التي احمدي نجاد هو دمية في يدها. في واقع الامر ايران هي اليوم نوع من الطغمة العسكرية ولم تعد دولة دينية. التضامن بين العناصر التي اشرت اليها اختفى ولم يعد، والنظام يعتمد على الحراب، على الخوف، على ميلشيات البسيج وعلى القمع. فكم من الوقت يمكن لهذا النظام أن يقاتل ضد العالم كله؟ كم من الوقت سيحتمله المواطنون الايرانيون ذوو الرأي والثقافة، ممن خرجوا دوما الى الشوارع في الثورات والثورات المضادة؟ كما أن الاقمار التي تدور في مداراته، حزب الله وحماس، بدأت تفهم ان الكوكب الام يضعف.
مع انحلال عناصر شرعية النظام فان نهايته تقترب. هذا سيحصل الان او بعد عدة سنوات، ولكن الاتجاه واضح. الثورة الاسلامية هي نقطة في الاف سني التاريخ الايراني، بالاجمال 30 سنة، ونهايتها تظهر في الافق، كون الاساس الاجتماعي الذي قامت عليه لم يعد قائما. كلما تعمق الفصل بين العناصر المختلفة، فان الحكم يأخذ في التفتت. كلما ازداد الابتعاد، فان النظام سيواصل الضعف فقط، وذلك لان التفتت نفسه يخلق احساسا بالرعب والخوف.
كلما تصاعدت وحشية النظام، كونه خائفا، فان العداء الداخلي له يتعاظم. كما أن ثلث السكان الايرانيين الذين من اصل سني يشمون منذ الان ضعف النظام، ومرة اخرى رأينا عملية انتحارية خطيرة داخل ايران بين السنة والشيعة. الضعف يستدعي سياق التحول الايراني الى عراق آخر.
ماذا يفترض بنا ان نفعل ازاء كل هذا؟ هل ينبغي لاسرائيل أن تستغل ضعف النظام الايراني كي تهاجم هناك؟ لا وكلا. النظام الايراني ايضا يعرف انه اذا بدأ بخطوة عسكرية، من الداخل ستأتي مصيبته إذ عندها ستتبدد كل الاوراق داخل الدولة المنقسمة. العنصر الوحيد الذي يمكن أن يعيد تجميع كل العناصر الايرانية خلف النظام هو هجوم اسرائيلي. ولنا نحن الاسرائيليين، اذكر بالقول الشهير لنابليون: laquo;انا لا اتدخل ابدا في عدو يوجد في سياق انتحارraquo;.
التعليقات