سيد أحمد الخضر


لا أفهم السر وراء تحامل الكثيرين على جامعة الدول العربية ووصمها بالعجز وحتى المطالبة بحلها.. هذا التحامل غير مبرر وتلك الدعوة لا تجد أدنى مبرر، فالانتقاص من مقام الجامعة العربية يسيء إلى الثوابت القومية التي يجب أن تظل فوق كل اعتبار، فالجامعة بيت العرب أو خيمتهم التي يناضلون من تحت سقفها ومنها يخططون لمستقبل الأجيال العربية الواعدة.
إن أعداء الجامعة العربية من الكتاب وأنصاف المفكرين يشوهون الحقيقة ويسيئون لحاضر وتاريخ العرب الذي تمثله الجامعة بإنجازاتها العريضة ومواقفها المشهودة على مدى عقود طويلة برهنت من خلالها على نجاعة العمل السياسي العربي ووحدة المصير القومي من المحيط الخليج...
للأسف نحن أمة لا يقدر أبناؤها التضحيات ويكفر الكثير من مثقفيها بالإنجازات ويدوس متسيّسوها على المسلمات والمبادئ.. شخصياً لا أستغرب أن يكون الموساد أو أي من أجهزة الاستخبارات المعادية للعرب تقف وراء حملات التحريض على جامعتنا والتهوين من شأن الأمة العربية المجيدة..
لو حُلت الجامعة العربية فأين سيتجمع العرب؟ ومن فوق أي منبر سوف ندين جرائم إسرائيل البشعة ضد الفلسطينيين واللبنانيين؟ وأي جهاز بعد الجامعة سيطالب باستعادة الجولان سالماً غانماً؟... الكثير من الذين يظهرون لبوس القومية يطلقون دعوات باطنها سمّ ويجب على أجهزة الأمن العربية التي عرفت بالكفاءة والسهر على مصالح المجتمعات والدول أن تضع حداً لكتابات وخطابات هؤلاء الذين يهدد هذيانهم الهوية القومية، فعندما نحل الجامعة العربية الوحيدة لن يبقى أمامنا سوى الجامعات العبرية وسنكون لقمة سائغة لإسرائيل التي تحسب ألف حساب للكيان العربي السياسي المنيع.
إن جامعة الدول العربية تمثل قوة العرب وتمسكهم بخياراتهم الاستراتيجية التي ترمي إلى ازدهار البلدان العربية والعمل على تحقيق طموحات أبناء الأمة وتشجيع الديمقراطية أساساً للحكم وصيانة الثروات والمقدرات القومية لشعوب الضاد..
لقد برهنت الجامعة العربية في أحلك أوقات الأمة على أهليتها لقيادة العرب والتصدي لدولة الاحتلال التي تعقّد بتصرفاتها الطائشة وجُدُرها وقُراها المحصّنة مستقبل عملية السلام الذي نؤمن به خيارا استراتيجيا لا محيد عنه دون التفريط في أي شبر من الأراضي العربية ومع الاحتفاظ بحق الرد في الزمان والمكان المناسب للدول العربية المعتدى عليها.
نريد أن نعرف الاختبارات التي سقطت فيها الجامعة أو المواقف التي خذلت فيها الجماهير العربية وحتى المجتمعات الإسلامية، وما هي هذه الإخفاقات التي أحلّت لبعض المثقفين العرب التطاول على رمز وحدة العرب ونضالهم. نعرف أن أحدا لن يستطيع أن يأتي حتى بشاهد واحد لأنه لا وجود لأي من هذه المزاعم فما هي إلا تخريفات حناجر تعمل لصالح جهات تحسد العرب على هذه المنظمة الرائدة..
طبعاً ليس هذا مجرد laquo;عين الرضاraquo; أو فرط الهيام في جميلة العرب المحروسة، إنما هنالك شواهد حية وأدلة قطعية على تميز الجامعة العربية، فأنتم تعلمون أنها المنظمة الوحيدة التي لا يتخذ فيها قرار دون إجماع كافة الأعضاء إمعاناً من العرب في احترام بعضهم البعض فإذا لم يتسنّ الحصول على الإجماع فإن الجامعة لن تسيء لأي من أعضائها، وهذا يبرهن أيضاً على أن العرب لا يريدون المضيّ في أمر لا يجمعهم فإما الكلّ وإما لا قرار، وتعلمون ثانيا أن الجامعة لا يتولى قيادتها إلا أبناء جمهورية مصر العربية تقديراً من العرب لدور الشقيق الأكبر والعضو الأقوى فليست الجامعة مثل الاتحاد الأوروبي الفاشل الذي يتساوى فيه صوت فرنسا وبلجيكا وتتولى قيادته بريطانيا مرة والنمسا مرة أخرى!.. ولا يتوقف شأن الجامعة عند هذا الحد بل تجتمع على مستوى المندوبين كلما تعرض العرب لهجوم غاشم ويصل دوي امتعاضها وشجبها الحدود الإسرائيلية، كما أن الأمانة العامة للجامعة العربية توظف العشرات من أشقائنا المصريين وهذا جهد يشكر فلن يفكر هؤلاء في الهجرة السرية.. ولعلكم تذكرون أن السيد عمرو موسى زار قطاع غزة ففتح قلبه الكبير للجميع واستمع لهموم الناس ودوّن طلباتهم في خطوة تعتبر حقاً تاريخية، لذلك أنا فخور بجامعة الدول العربية.