العمليات السرية
Jane Mayer - the New Yorker
في واشنطن يعرف كوك بأنه من عائلة تمول باستمرار الحملات الخفية ضد الحكومة الفدرالية، وضد إدارة أوباما بشكل خاص.
في السابع عشر من شهر مايو صفق جمهور باللباس الرسمي في قاعة أوبرا متروبوليتان لملياردير جوبيتري الطلعة، وهو يعتلي خشبة المسرح. كانت الحفلة السنوية الـ70 لمسرح الباليه الأميركي، وقد احتفي بالسيد ديفيد كوك لسخائه كعضو في مجلس الأمناء. وكان تبرع حديثاً بمبلغ 2.5 مليون دولار للموسم المقبل للشركة، كما سبق له أن تبرع بعدة ملايين من الدولارات من قبل. وقد تسلم جائزة وهو محاط برئيستين مشاركتين في الحفل هما بلين ترامب وكارولين كيندي شلوسبرغ، وكانت أم الأخيرة جاكلين كيندي اوناسيس راعية الباليه، كما كانت, مصادفة, صاحبة الشقة في الجادة الخامسة التي اشتراها كوك في عام 1995، ثم باعها بعد 11 سنة لأنه وجد أنها ضيقة جداً.
ومثل الحفل البروز الاجتماعي لكوك الذي أصبح وهو في السبعين من عمره أحد أبرز المحسنين في المدينة. وفي عام 2008 تبرع بمئة مليون دولار من أجل تحديث مبنى مسرح مركز لنكولن في نيويورك الذي يحمل الآن اسمه. كما قدم 20 مليون دولار الى المتحف الأميركي للتاريخ الطبيعي الذي سمي باسمه جناح الديناصورات فيه. وفي فصل الربيع الماضي, وبعد أن لاحظ الحالة المزرية للنوافير خارج متحف متروبوليتان للفنون، تعهد بتقديم ما لا يقل عن 10 ملايين دولار من أجل تجديدها. وهو أحد أمناء المتحف وعضو مجلس إدارة مركز سلون كيترنغ لمكافحة السرطان، إذ تم بعد أن تبرع بأكثر من 40 مليون دولار تسمية مركز أبحاث باسمه.
واحدة من الشخصيات البارزة تغيبت عن الحفل: الرئيسة الفخرية الثالثة المشاركة ميشيل أوباما. وقال مكتبها إن تضارب المواعيد حال دون حضورها. ومع ذلك لو أن السيدة الأولى شاركت كوك خشبة المسرح لكانت قدمت مشهداً مربكاً. وفي واشنطن يعرف كوك بأنه من عائلة تمول باستمرار الحملات الخفية ضد الحكومة الفدرالية, وضد إدارة أوباما بشكل خاص.
ومع شقيقه تشارلسndash; الذي يبلغ الرابعة والسبعين من العمر- يملك ديفيد بصورة فعلية كل كتلة 'صناعات كوك' التي يوجد مقرها الرئيسي في كنساس، وتقدر عوائدها السنوية بمئة مليار دولار. وقد نمت تلك المؤسسة بصورة لافتة منذ وفاة أبيهما فريد في عام 1967، وتسلم الأخوين مقاليد الإدارة فيها. ويقوم الأخوان كوك بتشغيل مجموعة من مصافي النفط في آلاسكا وتكساس ومينيسوتا، ويسيطران على حوالي 4 آلاف ميل من الأنابيب. وتملك 'صناعات كوك' مناشف ورق بروني وأكواب ديكسي وأخشاب جورجيا-باسيفيك وسجاد ستينماستر وليكرا, بين طائفة من المنتجات الأخرى. وحسب مجلة فوربس تحتل هذه المؤسسة المركز الثاني بين الشركات الخاصة في البلاد, بعد 'كارغيل'، وقد جعلت أرباحها المستمرة من ديفيد وتشارلس ضمن أكثر الرجال ثراء في الولايات المتحدة. ولا يتجاوز ثروتهما المشتركة التي تبلغ 35 مليار دولار سوى بيل غيتس ووارن بافت.
عرف عن الأخوين كوك تعلقهما منذ القديم بمبادئ الحرية في الفكر والعمل، وهما يؤمنان بقوة بخفض الضرائب على الأفراد والمؤسسات, وبالحد الأدنى من الخدمات الاجتماعية إلى المحتاجين, وبقدر أقل من الإشراف على الصناعةndash; وخاصة الأنظمة المتعلقة بالبيئة. وفي دراسة صدرت خلال فصل الربيع الماضي عن جامعة ماساشوستسndash; معهد الأبحاث الاقتصادية في أمهيرست، تم تصنيف 'صناعات كوك' كواحدة من أكثر 10 مؤسسات تلويث الهواء في الولايات المتحدة. وإضافة الى ذلك فقد صدر تقرير عن جماعة 'السلام الأخضر' يقول إن تلك المؤسسة 'أول رافضة لعلم المناخ', كما أظهر التقرير أن مؤسسة كوك تجاوزت في الفترة ما بين 2005 الى 2008 وبقدر كبير ما قدمته إكسون موبيل من أموال إلى المنظمات التي تحارب التشريعات المتعلقة بتغير المناخ, وكشفت شبكة ضخمة من المؤسسات ومراكز التفكير والمجموعات السياسية العاملة في هذا الاتجاه. وفي حقيقة الأمر فإن الأخوين 'كوك' قاما بتمويل حملات معارضة ضد سياسات إدارة أوباما التي شملت إصلاح الرعاية الصحية, وبرامج التحفيز الاقتصادية, وقد عرفت شبكتهما العقائدية في الأوساط السياسية باسم 'أخطبوط كوك'.
وقالت 'صناعات كوك' في بيان لها إن تقرير حركة 'السلام الأخضر' يعمل على 'تشويه السجل البيئي لشركاتنا', كما أن ديفيد كوك اعترض في مقالة عنه في نيويورك على حملات 'الصحافة الراديكالية' التي حولت عائلته الى 'فتيان ضرب بالسياط'، وبالغت في تقدير نفوذها على السياسات الأميركية. غير أن تشارلس لويس مؤسس مركز النزاهة العامةndash; وهي مجموعة مراقبة غير حزبية- قال إن 'عائلة كوك تعمل على مستوى مختلف تماماً, ولا يوجد أي شخص آخر أنفق هذا القدر من المال, والبعد المجرد لهذه العائلة هو الذي يميزها. وهي تتبع أسلوباً في انتهاك القوانين والتلاعب السياسي والتشويش. وأنا كنت في واشنطن منذ فضيحة ووترغيت, ولم أشهد شيئاً مثل هذا'.
وبعد عدة أسابيع على حفل مركز لنكولن, عقد جناح الدعوة لمؤسسة الأميركيين لأجل الرفاهيةndash; وهي منظمة أسسها ديفيد كوك في عام 2004- نوعاً مختلفاً من الاجتماعات.
وخلال عطلة نهاية الأسبوع في الرابع من يوليو, عقدت ندوة أطلق عليها اسم 'تكساس تدافع عن الحلم الأميركي' في أحد فنادق أوستن. وعلى الرغم من أن كوك يروج بحرية لمشاريعه الخيرية فإنه لم يحضر هذه الندوة, كما أن اسمه لم يتردد بصورة واضحة. وفي هذه المناسبة لم يتحرك الحضور بسبب الرقص, بل بسبب سلسلة من الخطباء الذين شجبوا الرئيس باراك أوباما. كما أن منظمة الندوة, 'بيغي فينابل'، حذرت من أن مسؤولي الإدارة 'لديهم رؤية اشتراكية لهذا البلد'.
حضر 500 شخص هذه الندوة التي هدفت, بشكل جزئي, الى التدرب على جلسة لنشطاء 'حفلة الشاي' في تكساس. وقال إعلان عن هذا الحفل إنه ثورة شعبية ضد سلطة المؤسسات 'واليوم يتم خنق أصوات الأميركيين العاديين من قبل جماعات الضغط والمصالح الخاصة. ولكن بوسعكم عمل شيء إزاء ذلك.
وقد أعرب البيت الأبيض عن خيبة أمله لأن مثل هؤلاء الرعاة أحجموا الى حد كبير عن التعريف. وقال ديفيد أكسيلورد، وهو كبير مستشاري الرئيس أوباما، 'ما لا يقولونه هو أن هذه حركة شعبية جلبت إليكم من قبل حفنة من مليارديرات النفط'.
التعليقات