صلاح منتصر
أنهى الأستاذ محمد حسنين هيكل الجزء الثاني من أحاديثه التلفزيونية الاسبوعية التي تحمل عنوان laquo;تجربة حياةraquo; بمفاجأة كان بالتأكيد يقصدها، خاصة أنه بدأ الحلقة باستئذان المشاهد في إجازة لبضعة أسابيع ينظم فيها أوراقه ويعود بعدها لاستئناف ما انقطع. ولكن إلى أن يعود، كانت القنبلة التي فجرها عندما روى ــ وهو يحكي عن الذين ودوا أن يقضوا على عبدالناصر وتآمروا لقتله ــ أنه من غير المقبول تلك الشكوك التي اتجهت نحو الرئيس السادات، وأن من يدعون ذلك يستدلون في ادعائهم بمشهد laquo;أنا كنت أحد حضوره وهو مشهد جرى في هيلتون (فندق هيلتون الذي كان يقيم فيه الرئيس جمال عبدالناصر حتى يوم وفاته بسبب حضوره اجتماعات مؤتمر القمة العربي الذي دعا إليه بعد أحداث الصدام بين الملك حسين والمقاومة الفلسطينية في الأردن)، يضيف هيكل: وهو مشهد جرى في هيلتون قبل الوفاة بثلاثة أيام. وقد كان أنور السادات موجودا أثناء هذه المناقشات ولاحظ انفعال عبدالناصر أثناء حديثه مع عرفات، فعرض عليه أمامي أن يحضر له فنجان قهوة لتهدئة أعصابه وقال لعبدالناصر انه سوف يصنعه له بنفسه. ويضيف هيكل إن السادات ذهب إلى laquo;الكيتشينيتraquo; الملحق بالجناح، وأنا عارف الجناح ده كويس ونزلت فيه أكتر من مرة ولكنني لم أنزل فيه بعد كده، ذهب السادات إلى laquo;الكيتشينيتraquo; وأخرج الطباخ المرافق لعبدالناصر (اسمه محمد داوود) وقام السادات بإعداد فنجان القهوة وأحضره بنفسه وقدمه لعبدالناصر وعبدالناصر شربهraquo;. واضاف هيكل: ان يتهم السادات بوضع السم في القهوة بهذه البساطة فهذا غير مقبول لأسباب انسانية وأخلاقية وعاطفية وعملية تجعل من المستحيل تصديق هذا الاتهامraquo;.
في اليوم التالي لإذاعة هذا الحديث قدمت رقية السادات ابنة الرئيس الراحل بلاغا للنائب العام ضد الاستاذ هيكل، اتهمته بسب وقذف والدها بترديد مقولات من شأنها الايحاء بقيام والدها بوضع السم للرئيس جمال عبدالناصر، مما ادى إلى وفاته. في التوقيت نفسه قالت سكينة السادات (كاتبة صحافية بدار الهلال) شقيقة السادات laquo;لقد تحملنا هيكل كثيرا ولكننا هذه المرة لن نتركه، مضيفة ان قوله ان يقوم السادات بعمل القهوة بنفسه لجمال عبدالناصر فهذا غير مقبول لا من السادات ولا من جمال عبدالناصر الذي لا يمكن أن يسمح بهذا، ولو كان السادات في نيته تسميم عبدالناصر لكان انتهز فرصة ان عبدالناصر كان يتناول العشاء مع أسرة السادات في ليال كثيرة ودس له السم في الطعامraquo;.
ومن عندي أضيف: أزعم أنني أحد المتابعين لكل ما كتب هيكل وروى وأدلى بأحاديث، ولكن هذه أول مرة أسمع فيها عن حكاية فنجان القهوة الذي صنعه السادات بنفسه لجمال عبدالناصر.. لم أسمعها من هيكل أو أقرأها في ما كتب ولا من أحد غير هيكل، لأنه لم يكن هناك شهود كما ذكر هيكل غير عبدالناصر وقد مات، والسادات وقد مات، وياسر عرفات وقد مات، وطباخ عبدالناصر محمد داوود وقد مات، وبالتالي لم يكن هناك من يستطيع أن يروي عن هذا الفنجان، بعد أن اصبح شهوده في رحاب الله، باستثناء هيكل الذي أظن أنه أول من سرد الحكاية ثم أضاف إليها أنه لا يتقبل من أحد أن يقال هذا الاتهام. يضاف إلى ذلك أن الأوضاع التي كانت فيها مصر يوم مات عبدالناصر كبلد مقيد بالاحتلال الاسرائيلي، لم تكن تغري أي مسؤول مصري بالتخلص من عبدالناصر ليرث تركته المثقلة بالاحتلال والمصاعب الداخلية!
التعليقات