Hassassian amp; Kaufman-The Guardian


بعد توقيع اتفاق سلام، يستطيع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، مخاطبة نظيره الإيراني، وسؤاله بالتحديد: 'يا سيد أحمدي نجاد، هل كنتم تطورون قدرة نووية لمواجهة إسرائيل تضامناً مع الشعب الفلسطيني؟'، ومن ثم إضافة: أنا زعيم الفلسطينيين وأقول لكم اليوم، 'لا شكراً'.

سيعتمد النجاح في المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية الراهنة على دور الوساطة الناشط للطرف الثالث، الولايات المتحدة. في الوقت عينه، يجب ألا ننسى الدور المدمر الذي أداه في الماضي والحاضر المفسدون في كلا الجانبين، فضلاً عن لاعبين آخرين في الخارج، فكما صرّحت وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، الشهر الفائت، 'سيواصل أعداء السلام إحباط جهودنا ووضع العقبات لإفشال هذه المحادثات'.

على المستوى الإقليمي، تسير إيران على قدم وساق في برنامجها النووي، فعلى حد قول وزير خارجيتها، ستواصل تخصيب اليوارنيوم بالرغم من تلقي الوقود الروسي لمفاعلها النووي، لذلك بات هذا الأمر هاجساً استراتيجياً ذا أولوية كبيرة بالنسبة إلى الولايات المتحدة والدول الحليفة التي تعتقد أن هدف إيران الحقيقي تطوير أسلحة نووية.

في هذا الإطار، لفت زالمان شوفال، سفير إسرائيلي سابق لدى الولايات المتحدة مقرب من أوساط السلطة في القدس، إلى أن 'إدارة أوباما شعرت بأن ذلك التقدم في عملية السلام سيمهد لتحالف إقليمي فعال ضد طهران. في المقابل، تختلف المقاربة الإسرائيلية كلياً، إذ تصر على أن تعطيل برنامج إيران النووي سيمهد لسلام حقيقي، لكونه سيضعف أكثر العناصر أصوليةً في العالم العربي الذين سعوا بشكل حثيث إلى تقويض أي فرص للسلام، لاسيما (حماس)، و(حزب الله) وسورية'.

لكن هذا الترابط يزيد الوضع سوءاً، إذ يرى معظم شركاء بنيامين نتنياهو في تحالفه الحكومي، وحتى بعض الأعضاء في حزب الليكود الذي يتزعمه، في هذا الترابط كابوساً مزدوجاً. وما يزيد هذه الصورة القاتمة سواداً الأدلة الواضحة على استعداد إسرائيل لشن ضربات جوية أحادية الجانب في منتهى الدقة ضد منشآت نووية إيرانية عدّة. لن يكون تنفيذ مثل هذه العملية صعباً من الناحية العسكرية فحسب، إنما لن تحقق هدف إسرائيل النهائي بإزالة الخطر الإيراني، أيضاً. وبحسب تحذيرات وزير الدفاع الأميركي، روبرت غيتس، على أفضل تقدير سترجئ هذه العملية تطور قدرة إيران الاستراتيجية النووية.

مع ذلك، نعتقد نحن، كإسرائيلي وفلسطيني، أن هناك سبيلاً للخروج من هذه الورطة. فبينما تتصاعد المخاطر، تزداد كذلك الأمر منافع التفكير الجريء، فنحن نعلم طلابنا في جامعة ماريلاند ما يلي: 'قُدّر للإسرائيليين والفلسطينيين العيش معاً'. لكننا أضفنا هذا الصيف الصيغة التالية '... أو الموت معاً'. يتطلب وضع راهن كهذا تحولاً جذرياً في أنماط التفكير، فأي اتفاق سلام إسرائيلي فلسطيني بوسعه القضاء على الخطر النووي الإيراني وإبطاله، وقد يكون هذا النوع من الترابط الطريقة الوحيدة للوقوف على نتائج حيث يستطيع جميع الفرقاء- الإسرائيليون، والفلسطينيون، والأميركيون، والإيرانيون- 'تحقيق انتصار'.

من جهة أخرى، يستطيع الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، بعد توقيع اتفاق سلام، مخاطبة نظيره الإيراني، وسؤاله بالتحديد: 'يا سيد أحمدي نجاد، هل كنتم تطورون قدرة نووية لمواجهة إسرائيل تضامناً مع الشعب الفلسطيني؟'، ومن ثم إضافة: 'أنا زعيم الفلسطينيين وأقول لكم اليوم، (لا شكراً). لقد صنعنا السلام مع جيراننا ونحتاج إلى المضي قدماً نحو حقبة جديدة بناءة'.

يدرك المجتمع الدولي من جهته أن إيران قدمت الأسلحة والدعم المالي للاعبين لا ينتمون إلى الدولة مثل 'حزب الله' في لبنان و'حماس' في غزة، معطلةً بذلك التقدم نحو السلام في المنطقة، لكن إن استطاع عباس تقديم بديل موثوق عنها، فسيتيح بذلك فرصاً كبيرة للتغلب على جاذبية الرافضين للسلام. يُشار إلى أن مخاوف اليهود القديمة من محرقة أخرى تعاظمت بسبب التهديد النووي المتنامي النابع من حكومة يصعب توقع أفعالها، والأعمال الإرهابية التي نفذها انتحاريون في الآونة الأخيرة، فضلاً عن الصواريخ الطويلة المدى التي تنقل جبهة القتال من الحدود مع إسرائيل إلى المنازل في أنحاء البلاد كافة. تشكل هذه الوقائع بالتالي ثمن مقايضة الأراضي بمستقبل سلمي، هدف لايزال يستحق العناء في نظر كثيرين من اليهود في إسرائيل.

في الوقت عينه، خلُص الفلسطينيون إلى أن أي انتفاضة مسلحة لن تضمن استقلالهم أو تضع حداً لتجربة الاحتلال الأليمة التي مروا بها. لذلك دعمت السلطة الفلسطينية ببطء، إنما بشكل تقدمي، مفهوم التحرك السلمي وسبل تطبيقه. هذا وتحرص الشرطة اليوم على توفير الأمن في مناطق الضفة الغربية الخاضعة للسيطرة الفلسطينية، بالرغم من أن إسرائيل لم تبادل ذلك كلياً بإزالة نقاط التفتيش ووضع حد لغارات الجيش الليلية.

من جانب آخر، إن أعلنت الحكومة الإسرائيلية دعمها لمبادرة السلام العربية التي أُطلقت في عام 2002، فقد يضمن ذلك صقل علاقات دبلوماسية مع 22 دولة عضواً في جامعة الدول العربية، وقد يساهم حتى في إقامة علاقات طبيعية مع جميع البلدان الإسلامية السبعة والخمسين التي صادقت على المبادرة... واللافت أن إيران لاتزال من بين تلك البلدان الموقعة. وبالتالي فإن التوصل إلى اتفاق إقليمي مع إسرائيل سيتيح إلى حد ضئيل إمكان جعل الشرق الأوسط على المدى الطويل منطقة خالية من الأسلحة النووية، بما فيها إسرائيل. باعتقادنا تتطابق هذه المقاربة ومقاربة الرئيس أوباما التي طرحها عند فوزه بجائزة 'نوبل' للسلام، وقد تؤتي ثمارها المتوقعة. لعلنا نستطيع آنذاك ابتكار عبارة جديدة لصفنا: 'الإسرائيليون والفلسطينيون مُباركون لكونهم جيراناً'.

* أستاذان يدرّسان كفريق في جامعة ماريلاند ومساعدان بارزان في الأبحاث في مركز الجامعة للتنمية الدولية وإدارة الصراعات.