يعقوب أحمد الشراح

نظرية الحرب ضد اهداف معينة، ومن أجل تحقيق اهداف كبرى... كالحاجة الى استقرار السلام العالمي، او الحفاظ على مصالح الشعوب، اصبحت من النظريات التي يختلف عليها الناس بين مؤيدين ومعارضين، فالذين يعارضون الحرب ينطلقون من مفهوم ما يعكسه الحرب من مآس وخسائر في الارواح والممتلكات، وآثارها الممتدة على الصحة والبيئة مهما كانت اهدافها محددة مثل ألا تتجاوز العمليات العسكرية تدمير اهداف غير سكانية، او بشرية.
المؤيدون من العسكريين وواضعي السياسات الاستراتيجية والسياسيون رغم اتفاقهم على مساوئ الحروب الا انهم من الناحية الفلسفية والاستراتيجية يقرون احيانا بمنافع الحرب امام الحاجة الى السلام واستقرار العالم، فلا بأس من حرب تجنب العالم مآسي مقبلة يعاني منها البشر اذا استمر التهديد، او وقع الظلم من طرف على آخر. فلقد تعرض السلام العالمي مرات كثيرة الى اعتداءات متكررة شنتها دول ضد اخرى، او عصابات من ارهابيين تتبع تنظيمات سرية او علنية هدفها تقويض السلام في منطقة معينة، ناهيك عن نماذج كثيرة من ديكتاتوريات ظالمة ومتعسفة ابادت شعوبها وافقرت مجتمعاتها، وشنت حروبها على دول اخرى لأسباب تتعلق بطبيعة السلطة والتسلط، او للاستحواذ واتساع حدود وجغرافية دولها، او من اجل النهب والسيطرة على مقدرات شعوب اخرى.
فما العمل امام نماذج او عوامل مهددة للسلام واستقرار العالم، وهل اتباع وسائل الضغط مثل التهديد الاقتصادي والسياسي والتجاري وغيرها كفيلة بمعالجة مشكلة السلام العالمي عندما لا تنفع هذه الوسائل رغم تطبيقها والعمل بها دوليا، واذا استنفدت كل الطاقات الموجهة للحفاظ على السلام واستقرار العالم ومنع العدوان فهل هناك ما يمنع استخدام القوة العسكرية في معالجة الوضع الذي لا يمكن معالجته من دون الحرب؟ هناك امثلة كثيرة تظهر بوضوح اهمية الحرب في استرداد الحقوق، واستتباب الامن والسلام في العالم، ومنها حرب البلقان وسيطرة الديكتاتورية وابادة الاقليات، وحرب الخليج عندما احتل صدام وزمرته الكويت، وتحرير العراق من براثن البعث ونظامه الدموي، فلولا قيام دول العالم بتحرير الكويت او العراق نفسه من صدام وزمرته وعصاباته لأصبح العالم اليوم يعاني ازمة سلام واستقرار وتهديدا لمصالحه ليس من السهل تلافي تداعياته العالمية.
لذلك فالحرب اداة ليست دائما سيئة او مرفوضة اذا تم استخدامها لأهداف تعكس منافع اكبر للشعوب، ولا تتعارض مع المبادئ الانسانية وحقوق البشر في الحياة الكريمة، لأنها وسيلة لردع المعتدين، وحماية للمصالح وتطبيق للقانون الدولي، وليس مجرد التفكير في ان الحرب تعني الهمجية وسلب الحقوق والاخضاع لشروط القوى او الهيمنة.