الكل ابتسم في يوم الفرح

تركي عبدالله السديري
الرياض السعودية
أبهجني الاحتفال الاجتماعي بيومنا الوطني..
إنه مقياس كبير وواضح التمكّن بتطور الوعي العام في الشارع السعودي..
نعم الشارع السعودي..
إن كلّ من هو في مكتب فخم ومثله من يرعى مسؤولية ذات خصوصية أو يقود تياراً اقتصادياً ناجحاً.. الجميع يباشرون ممارسة لغة التهنئة لكن هذا العام وجدنا أن جمهور laquo;المارةraquo; وهم الأكثرية في عموم الانتشار السكاني قد تنافسوا في إبهاج نفوسهم أولاً ثم بممارسة التعبير العفوي عن اعتزازهم بما هو عليه مجتمعهم من انفراديات تفوّق عربي ثم إسلامي لأن يومهم الوطني كان أبوة وأمومة في آن واحد احتضنت تربية قوة المجتمع بمختلف متطلباته من تذويب العزلة القبلية ومعها بساطة مستويات التعليم وحولهما ضآلة قدرة الحضور الاجتماعي في ممارسة التحديث الحضاري.
لقد كانت احتفالات عيد الفطر وبعدها مباشرة احتفالات اليوم الوطني وثائق تعبير اجتماعية مبسطة لكنها راقية جداً أوضحت أننا فعلاً قد نجحنا في نزع تلك الأغطية التقليدية والانكماش والغياب عن الجماعية إلى إبراز الفرح المشروع عبر تعبيرات أداء اجتماعية راقية..
هل لن يكون غريباً لو قلت إن الممارسة التقليدية في هروب أكثرية السكان عند مناسبات الأعياد إلى الخارج سوف تختفي لأننا شرعنا فعلاً في إقرار الفرح كسلوك اجتماعي مشروع ، وأن ابتسامتنا لن تكون مباحة إلا خارج حدود بلادنا.. عام آخر وسوف يتم التحول إلى مباشرة الفرح والابتسام داخل شوارعنا وفي بيوتنا وميادين مناسبات الأداء المسرحي والغنائي..
لكن أتمنى تطوير ممارسة تقليدية تتم في جميع مناسبات الأعياد وفي يومنا الوطني وهي أن تخرج اللغة الرسمية لمسؤولي الدوائر الحكومية أو المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية الكبرى عن وحدانية تشابه العبارات عبر لغة تهنئة أو تبريك بالمناسبة إلى عرضٍ موجز يقدم للمواطن عما تم من منجزات حتى ولو كانت محدودة كهدية عيد وهدية يوم وطني ، وهي موجودة فعلاً والإشارة إليها تعني الإشارة إلى إيجابيات خطوات إلى الأمام..
لماذا نحتاج إلى كرسي للاعتدال؟
قامت الدولة السعودية على منهج الاعتدال منذ تأسيسها على يد الملك عبدالعزيز.
سليمان العقيلي
الوطن السعودية
قامت الدولة السعودية على منهج الاعتدال منذ تأسيسها على يد الملك عبدالعزيز، الذي وضع قواعد للنهج الوسطي، سواء تعلق الأمر بالسياسة أو بالثقافة العامة للدولة والمجتمع. وواجهت الدولة في سبيل تكريس هذا النهج المعتدل بعض التحديات، منها فتنة الإخوان عام 1347 / 1929 التي واجهها الملك المؤسس بالصرامة اللازمة من خلال حرب السبلة. وجاءت التململات التي صاحبت تعليم البنات الذي انطلق في عهد جلالة الملك الفيصل، وقابلها جلالته بحزم لتأمين استمرار مسيرة المرأة المتعلمة. ثم واجهتنا فتنة اقتحام المسجد الحرام عام 1400 / 1979 والتي تصدى لها الملك خالد بما يمليه عليه ضميره الإسلامي والوطني. وبعد ذلك المعارضات الصحوية لعملية تحرير الكويت وإبعاد الخطر العراقي عن أراضي المملكة، ورفعها لشعارات رفض قوات التحالف الدولية، والتي جوبهت من الملك فهد بالحكمة والمواجهة.
وبنظرة تحليلية فاحصة يلمس المراقب أن معظم هذه التحديات جاءت بأسباب تخوفات ذات طابع ديني أو اجتماعي وإن جاء بعضها لأهداف سياسية. ورغم أن المملكة استلهمت عقيدتها الدينية من المنهج السلفي إلا أنها كانت تركز على سلفية العقيدة التي تعنى بالتوحيد. فيما ظلت الأوجه الأخرى في الفقه والشريعة محل اجتهاد دائم من العلماء بما يسهم في خلق آفاق عصرية جيدة لتطوير الدولة والمجتمع.
لكن هذا الأمر لم يكن مقنعا لبعض المتشددين الذين يصرون على استنساخ بيئة سلفية قديمة لم تعرف الكهرباء والطائرات والإلكترونيات ووسائل العلم الحديثة. ولا يؤمنون بالاجتهاد الفقهي الذي يراعي المصالح المرسلة للأمة والدولة. ومن هنا جاءت إشكالية تأصيل الرؤية الإسلامية المعاصرة للاعتدال، وبرز صراخ الديماغوجية الدينية التي يتبناها قلة على حساب صوت الوسطية الإسلامية الأصيلة التي تتبناها الكثرة. وزاد الأمر تعقيدا تحول التباين الرؤيوي إلى عنف سياسي تبناه المتطرفون، وتلقفته وسائل الإعلام الدولية باعتباره سلوكا إسلاميا. من هنا جاءت أهمية تأسيس كرسي الأمير خالد الفيصل لتأصيل منهج الاعتدال السعودي، الذي يهدف إلى تكريس الرؤية السعودية في الاعتدال السياسي والوسطية الدينية والتسامح الفكري لتكون ثقافة اجتماعية مكرسة ومهيمنة. لا يأتيها باطل الغلو والإرهاب من بينها أو من خلفها، وأن يتم تعزيز الأبعاد العلمية لتأصيل هذه الثقافة شرعيا وأكاديميا ونشرها وتعميمها تعليميا وانتهاجها سلوكا اجتماعيا وثقافيا، بعيدا عن التصنع والمراءاة. لتتلاقى المبادرة مع الرؤية الوطنية والعالمية للملك عبدالله في الانفتاح والحوار الإنساني.