محمد الصوياني

لا تجد بين مثقفينا أو صحفيينا من يكتب بنفس طائفي، مشهدنا الجميل هذا لا تراه في بقاع تغذي الطائفية، وتفرز مرتزقة كدت أصدق أنهم ملاحدة، حتى اكتشفت حقيقة إلحادهم العجيب الغريب. إلحاد يبتهج بكل طوائف الأرض ودياناتها من عباد البقر إلى عباد الفروج والحجر، ويصب حقده على الوهابية السلفية ووعائها السعودي.

من هؤلاء (و. سلطان)، متسولة تصاب بعصاب إذا ذكر القرآن والإسلام ونبينا صلى الله عليه وسلم والوهابية لدرجة احتفائها بالرسام الدانماركي، وتتسول اليهود بتأييدها لمجازر غزة التي أدانها كل مثقفي الدنيا إلا هي؟ وأخيرا سول لها غباؤها حشر أنفها في علم لا علاقة لها به (علم الأجنة) فتحولت إلى أضحوكة وهي تحاول الرد بكلام إنشائي على أشهر عالم أجنة الكندي (د. كيث إل مور) الذي أذهلته دقة وصف آيات القرآن لمراحل الجنين فألف حولها عدة كتب معترفا أن القرآن وحي إلهي.. هذه المتطرفة من دارسي (علم النفس) لكن الوقاحة والتسول لا يعترفان بالتخصص، والدليل هو ظهورها كمبشرة على إحدى القنوات المسيحية، متخلية عن إلحادها لتقوم بشتم القرآن والإشادة بالكتاب المقدس الذي يقول إن الجنين يتكون في معدة المرأة من الماء والطحين، وأن المرأة (الحائض) تنجس كل شيء تلمسه أو تجلس عليه، وأن من لمس شيئا لمسته الحائض يصبح نجسا ولا يطهره سوى الاستحمام، وأن قطرة من دم المرأة كافية لجعل الرجل نجسا مدة أسبوع، وأن المطلقة زانية، وأنه لا يجوز ولا يليق بمن يحترم نفسه أن يتزوج بمطلقة.. بل احتفت بالنصوص التي تجعل قتل الأطفال والنساء والحيوانات فريضة دينية إسرائيلية. لذا تبناها الصهيوني المتعصب (دانيل بايبس) واستغل وقاحتها وتسولها للدفاع عن دولة إسرائيل الدينية، رغم تحذير أحد مثقفي اليهود من تبنيها، لأنه لا يمكن الوثوق بهكذا متسولين فهم بلا مبدأ.. (بلا شرف) يبيعون أي شيء ليعيشوا، وهي لا تعرف معنى للحب ولا للسلام فهي خطر على اليهود بترويجها للدموية بين اليهود والمسلمين.

متسول آخر اسمه (ن. نعيسة) (ضيف الاتجاه المعاكس المفضل) تصيبه الوهابية والسعودية بنوبة جنون، فيتخيل أثناء تلك النوبة أنهما سبب كل ما يعانيه وبلاده من فقر وتخلف واضطهاد قائلا: (الانهيارات الحضارية والفكرية الكبرى والانحطاط السلوكي، في تاريخ المنطقة المعاصر، حدث مع صعود الحقبة السعودية، وما رافقها من تمدد وهابي في المنطقة، وتعتبر الوهابية البترودولارية مسؤولة كلياً عن هذا التردي الشامل الحاصل في البنية المجتمعية والمعرفية في المنطقة) لعلي لا أضيف جديدا إذا قلت إن هذين المتسولين يجمعهما شيء واحد هو منبع عقدهما وهم (يخجلون من ذكره ويرفضون الحديث عنه) لذا فهم ليسوا كبقية ملحدي العالم الذين قادتهم إشكالية مع معتقداتهم وتراث آبائهم إلى الإلحاد، فإلحاد أمثال هؤلاء إلحاد (خبز).

إنه أمر مخجل ومحير! كيف يلحد شخص بسبب دين أو مذهب غيره؟ ماهذه الطائفية التي تغطي خجلها من نفسها بالهجوم على عقائد الآخرين؟ يقول نعيسة إن الوهابية أشرس من في الدنيا دموية وبشاعة وكرها! ويبدو أن غباء الرجل أثر على ذاكرته، وإلا فهل نسي نعيسة الملايين التي قتلها رفاقه الثوريون، أو قتلتها إسرائيل.. هل نسي نعيسة الإرهابيين الجبناء الذين قتلوا ثلاثة آلاف فلسطيني ما بين طفل وشيخ وامرأة (بالسواطير) أجل بالسواطير في يوم واحد؟ هل نسي هيروشيما وناجازاكي؟ هل نسي أكبر وأبشع مجزرة في تاريخ البشر على الإطلاق أكثر من (100) مليون قتيل وجريح ومشرد على يد العلمانيين الأوروبيين المتحضرين؟ هل للوهابية والسعودية علاقة بذلك؟ انظروا إلى الفضائيات والصحف الدولية التي يمتلكها الوهابيون السعوديون.. لا تكاد ترى فيها وهابيا نظرا لتشكلها وتنوع العاملين بها، وتسامح أهلها، ثم انظروا إلى محطات رفاق نعيسة وصحفهم ومجلاتهم الفاشلة: هل ترون وجها وهابيا بينها؟

لست وهابياً، ولا مذهبياً، وليست الوهابية مذهباً، لكنها أمست فاكهة للفاشلين يتسولون الغرب بشتمها، ويبررون به فشلهم وتخلفهم، أما نعيسة وأدونيس وسلطان وأمثالهم فليسوا ملاحدة، هم طائفيون متسولون طافحون بغل يحرقهم.. يعانون عقدة نقص تجاه جذورهم الثقافية تُخجلهم ويُخجلهم تاريخها وحاضرها الدمويين.