واشنطن

تتعامل وسائل الإعلام الغربية، والأمريكية منها بخاصة، مع انقسام السودان، وانفصال الجنوب، على أنه قدر لا محيد عنه . وهي ماضية في التسخين بانتظار هذا الحدث السعيد على أحرّ من الجمر . . ولكنها تعرب في الوقت ذاته عن خشيتها من أن لا يحدث هذا ldquo;الطلاقrdquo; بسلاسة، فيؤدي إلى اندلاع حرب بين الشمال والجنوب . . ولذلك، فهي تستنجد بنخوة الإدارة الأمريكية، وتناشدها أن تعمل على تفادي تلك الحرب إن استطاعت .

في مجلة ldquo;تايم اون لاينrdquo; (4/9/2010) . . وتحت عنوان ldquo;هل يستطيع اوباما منع صراع اقليمي؟rdquo;، يدلل الكاتب على أهمية وإلحاح المرحلة المقبلة في السودان، بالاجتماع الذي عقده زعماء العالم على هامش اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة، وبحضور الرئيس الأمريكي باراك اوباما لذلك الاجتماع، لا لمناقشة موضوع ايران، أو قضية الشرق الأوسط، أو الفقر العالمي، بل للتداول في موضوع السودان .

ويعتبر الكاتب أن السودان مقبل في السنة القادمة على التفتت إلى جزأين لا محالة . . . ويقول إن جنوب السودان، سوف يستغل الاستفتاء الشعبي الذي سيجري في يناير/ كانون الثاني، في الانفصال وتشكيل دولة جديدة . وأنه سيأخذ معه نصيبه من عائدات النفط التي تعادل 80% من عائدات نفط السودان .

ويقول الكاتب، إن الرئيس السوداني عمر حسن البشير، وحكومته لا خيار لهما في الأمر . فقد وُعِد الجنوبيون بإجراء الاستفتاء على الانفصال بموجب اتفاقية السلام سنة ،2005 التي أنهت الحرب الأهلية الأخيرة . ولكن الشمال في حال عدم تعاونه، يمكن أن يجعل العملية فوضوية ودامية . ولذلك، كان الاجتماع الذي عقد على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، يأمل في أن يجعل هذا ldquo;الطلاقrdquo; ودّيّاً قدر الإمكان، رغم صعوبة هذه المهمة . . كما يقول الكاتب .

ويذكّر الكاتب بأن ldquo;سلفا كيرrdquo;، رئيس حكومة جنوب السودان، أخطرَ الزعماءَ في واشنطن الأسبوع الماضي، بأن يوم 9 يناير/ كانون الثاني، وهو موعد الاستفتاء على الاستقلال، يوم ldquo;مقدّسrdquo;، وأن المحاولات للتلاعب به تنطوي على خطر ldquo;العودة إلى العنف على نطاق خطيرrdquo; . وأن أي تأخير قد يجبر الجنوبيين على إعلان الاستقلال من جانب واحد، ممّا قد يثير صراعاً فورياً على طول الحدود . . .

ويقول الكاتب إن حكام شمال السودان، قد يطيب لهم أن يمشوا في ذلك المسار، إلاّ أن النظام ربما لا ينجو من عواقبه . ويضيف الكاتب، أن الشمال قد استغل فترة وقف إطلاق النار لتحديث أسلحته، ولكن الجنوب لم يعُد حركة حرب عصابات كما كان ذات يوم، حيث حصل على أولى طائراته، وعلى سلسلة من الأسلحة المضادة للطائرات . وقد بدأ الطرفان محادثات لتقاسم عائدات النفط إذا انفصل الجنوب؛ ولكنْ إذا حدث خلاف على الطلاق، فقد ينهار نظام البشير في حال فشله في الاستيلاء على حقول النفط والاحتفاظ بها . ويقول الكاتب، إن هنالك أدلة، على أن الشمال يدبّر انتفاضات صغيرة في الجنوب . فإذا تدهورت العلاقات، فلن يدّخر الجنوب وقتاً في الرد على ذلك، وكيل الصاع صاعيْن في دارفور، وشرق السودان وغيرهما من المناطق المهمشة في الشمال .

ويمكن أن تكون العواقب الإنسانية لهذا الصراع خطيرة . ففي الحرب الأخيرة التي دامت 21 عاماً بين الشمال والجنوب، مات نحو مليوني شخص . وفي فبراير/ شباط، قال مدير الاستخبارات القومية الأمريكية يومئذ، دينيس بلير، أمام الكونغرس، أن جنوب السودان هو المنطقة التي يُرجَّح أن ldquo;تشهد قتلاً جماعياً أو إبادة جماعية جديدةrdquo;، خلال السنوات الخمس القادمة .

كما يمكن أن يهدِّد السودانُ في حال تفجر الأوضاع فيه، استقرار المنطقة كلها، وهي منطقة ذات أهمية استراتيجية متزايدة بالنسبة إلى الولايات المتحدة . وقد ينجرّ إلى الصراع أي من الدول التسع التي تحيط بالسودان . .

ويقول الكاتب، إن اوباما يأمل في أن يقلل تقديمُ الحوافز للنظام في شمال السودان، والتعاملُ المباشر معه، فرصَ حدوثِ السيناريو الأسوأ . ولكن قراره الحضور شخصياً في اجتماع الأمم المتحدة، قد يدل على خشية الإدارة الأمريكية، من تعرضها للّوم، إذا تحوّل الوضع نحو العنف فعلاً .

وفي صحيفة ldquo;كريستيان ساينس مونيتورrdquo;، (24/9/2010)، يتساءل محررها، هوارد لافرانتشي، قائلاً: ldquo;مع وقوف السودان على مفترق طرق: هل تستطيع الولايات المتحدة أن تساعده في تجنب تكرار مشكلة دارفور؟rdquo; . .

ويقول: مع اقتراب السودان، وفق بعض التقديرات من تجدد الحرب الأهلية، يهبّ المجتمع الدولي لدعم عملية استفتاء شعبي سوف تقرر ما إذا كان ذلك البلد سينشطر إلى جزأين .

وقد أدت المخاوف ازاء الوضع في السودان إلى نشوء موجة من المبادرات من القوى الدولية، وجماعات حقوق الإنسان- بما في ذلك اجتماع على مستوى عالٍ في الأمم المتحدة يوم الجمعة . وقد حضر الرئيس اوباما الاجتماع، ليدلل على الأهمية التي توليها الولايات المتحدة وغيرها من القوى للاستفتاء القادم .

ويقول الكاتب إن بعض الخبراء يُحذرون من أن السودان يمكن ان ينغمس في مثل ذلك القتال الذي ابتلي به الجنوب ومنطقة دارفور في المنطقة الغربية، في وقت سابق من هذا العقد .

ويضيف الكاتب، ان الرئيس اوباما، ألمح في اجتماع الأمم المتحدة، إلى احتمال تحسن العلاقات الأمريكية السودانية، إذا احترمت القيادة في الخرطوم وسهلت عملية الاستفتاء . وقال إن ذلك السيناريو، قد يؤدي إلى قيام الولايات المتحدة بدعم الزراعة، وغيرها من جوانب التنمية في السودان، والى العمل على رفع العقوبات في نهاية المطاف- إذا وفى الزعماء السودانيون بالتزاماتهم . .

ولكن بعض المراقبين، كما يقول الكاتب، لا يوافقون ادارة اوباما على الحوافز التي طرحتها، من دون التحذير من العواقب كذلك . .

يقول جون برينديرغاست، المساهم في تأسيس ldquo;مشروع كفىrdquo;، وهو مبادرة تهدف إلى إنهاء الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية في إفريقيا، ينبغي على اوباما أن يوضح دون لبس، أنّ إغراق جنوب السودان في حرب أهلية من جديد، ستكون له عواقب صارمة، وأنه لا بد من محاسبة القيادة على جرائم الحرب .