داود البصري

لا ريب أن التهم الموجهة إلى الدكتور عبدالحميد السعدون ملفقة لأن من يتهم لا يعاقب على قارعة الطريق

حادث الاعتداء البربري البشع الذي ارتكبته اخيرا عناصر من المخابرات السورية ضد رئيس الجامعة السورية للعلوم والتكنولوجيا في دمشق الدكتور عبدالحميد السعدون خلال الأيام الأخيرة وكلمات البذاءة والشتم التي تقطرت من لسان العناصر الاستخبارية التي سجلها فيلم الmacr;quot;يوتيوبquot; المنشور عن الحادث, هو تعبير حقيقي عن أخلاقيات مخابرات نظام بريري ما قام إلا على العنف و الجريمة وقتل الأبرياء والتلذذ بعذاب الأطفال و الشيوخ كما يحصل مع الطفلة طل الملوحي و شيخ المحامين هيثم المالح و بينهما الآلاف من الأحرار الذين تسحقهم اجهزة نظام البعث السوري المتفرعن.
فقضية الدكتور السعدون الأخيرة قد شابها الغموض الشديد نظرا الى عدم معرفة الأسباب الحقيقية للتصرف الأمني المستهتر السوري, وحيث تم ضرب الأستاذ العراقي, ورئيس الجامعة بطريقة وحشية أمام الناس أجمعين, وليس في مقرات التعذيب المخابراتية الأمنية الشهيرة بأنواع لا تعد ولا تحصى من أشكال التعذيب والبهدلة الموثقة تاريخيا كإمتياز بعثي سوري معروف من quot;دولاب الهواquot; وحتى quot;الفلقةquot; ومشتقاتها من دون نسيان حملات الضرب المتوحش و الإهانة المتعمدة, وطبعا بعد تلك العلقة الدموية الساخنة التي أكلها الدكتور السعدون تم إيداعه سجن عذرا المعروف, والتهم الجاهزة على الدوام هي الملفات الملفقة المعروفة quot;إهانة النظامquot;, quot;توهين الأمةquot;, إضعاف الصمود و التصدي منع جيوش المخابرات السورية من تحرير الجولان quot;العمالة لإسرائيل والصهيونية والإمبريالية العالمية عبر التآمرquot; ضد الحمص والطحينة والمسبحة والفول, وبقية الاتهامات السخيفة المعروفة عن أنظمة الموت والعار والدمار والهزيمة, وطبعا لن تعرف الحقيقة أبدا في ظل تضارب المصالح وانعدام الشفافية والرغبة في السرقة والاستحواذ, ومن الممكن ترتيب ملفات اتهامية ضد الدكتور السعدون من خلال اتهامه باتصالات مع الإسرائيليين في قبرص, أو حتى دعم الإرهاب, ولكن الطريقة التي تمت بها معاملة الدكتور تؤكد الوحشية والانتقام ولا ترسخ العدالة والمصداقية, وقضية السعدون ليست جديدة إذا ما تذكرنا حكاية الدكتور فؤاد طالباني ابن عم الرئيس العراقي الحالي جلال طالباني عام ,1989 والذي تم اعتقاله من قبل جهاز مخابرات القوة الجوية السورية في صيف عام 1989 بناء على تهمة ملفقة تمحورت حول quot;ارسال جلال طالباني لابن عمه فؤاد لمهمة في بغداد للقاء الرئيس العراقي السابق صدام حسينquot; وهي تهمة ملفقة لا أساس لها من الصحة مطلقا , ولكن ذلك التلفيق لم يمنع عناصر المخابرات من استعمال مختلف أنواع التعذيب الإجرامي البشع بحق الدكتور فؤاد طالباني مع تحويله للاعتقال في سجن صيدنايا من دون تهمة محددة و تدهور حالته الصحية بشكل رهيب, وحيث تم الإفراج عنه بعد صفقة خاصة عقدت بين جلال طالباني quot;رئيس حزب الإتحاد الوطني الكردستانيquot; والرئيس السوري السابق حافظ الأسد عام ,1992 ومالبث أن توفي بعد الإفراج عنه متأثرا بنتائج التعذيب البشع و بالأمراض التي نتجت عنه واصابته بالشلل التام, وللأسف فقد طوي الموضوع كما طويت مواضيع وملفات كثيرة لا تحصى لمعاناة العديد من العراقيين واللبنانيين والفلسطينيين والعرب في المعتقلات السورية الرهيبة, العجيب أن شريط الmacr;quot;يوتيوبquot; الذي سربته المخابرات السورية لعملية تعذيب الدكتور عبد المجيد السعدون في الشارع وأمام العالمين هو رسالة واضحة لكل من تسول له نفسه أو حتى يفكر بالاحتجاج أو الاعتراض على شيء, ولا ريب في أن التهم الموجهة للدكتور السعدون وهو أكاديمي معروف ملفقة جملة وتفصيلا, لأن من يتهم لا يعاقب على قارعة الطريق بشكل بربري بل يحول لتحقيق ومحاكمة إنسانية وقانونية لاظهار الحقيقة, المخابرات السورية لا تخجل بالمرة وصلافتها نابعة من صلافة نظام لا زال يراهن على الاستبداد الأسود وعلى معاكسة مجرى التاريخ, والنظام لم يتعلم للأسف من الدروس العميقة لأمثاله من الأنظمة التي هي اليوم خارج نظام التصنيف الحضاري, رسالة نظام المخابرات السورية وصلت إلى الجميع, والبريرية والوحشية لن تقوم وضعا معوجا, والظلم مرتعه وخيم, وقضايا كبرى من أمثال معاناة الطفلة المناضلة quot;طل الملوحيquot; والشيخ المناضل quot;هيثم المالحquot; وما بينهما من أبطال المقاومة الشعبية السورية للاستبداد ودولة المخابرات المستقوية على الضعفاء والمستنعجة أمام الغرب والصهاينة, ستعجل بتغيير صفحات التاريخ الأسود, فمع كل زيادة في جرعات القمع سيتحدد المصير النهائي للقتلة والفاشيين والدجالين.. سيصحح أحرار سورية المعادلة لامحالة. تلك هي سنة الله والتاريخ.