نيويورك ndash; راغدة درغام ؛ واشنطن - رندة تقي الدين ؛ الدوحة - محمد المكي أحمد ؛ بيروت
تراجعت الآمال بالتسوية السعودية ndash; السورية للأزمة اللبنانية أمس، بعدما أبلغت القيادة السورية المعارضة اللبنانية أول من امس ان الاتصالات بينها وبين القيادة السعودية لم تنته الى نتيجة وأن الجانب السعودي سحب يده من المداولات الجارية في هذا الشأن، وكذلك الجانب السوري. ليدخل لبنان في مرحلة جديدة من الضغوط والتأزم ستؤدي الى خلط الأوراق.
وفيما يجتمع رئيس الحكومة سعد الحريري اليوم مع الرئيس الأميركي باراك أوباما في واشنطن، قالت مصادر قيادية في المعارضة لـ laquo;الحياةraquo; ان الخلاف حصل خلال المداولات الجارية بين نيويورك ودمشق على ما اذا كان تنفيذ التسوية التي سبق للحريري ان أعلن عن انها أُنجزت منذ مدة طويلة يبدأ بموقف منه حيال الاتهام الذي يحتمل أن يُوجه الى أفراد من laquo;حزب اللهraquo; بالتورط في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، قبل تحويل المدعي العام الدولي دانيال بلمار القرار الاتهامي الى قاضي الإجراءات التمهيدية القاضي دانيال فرانسين ام بعده، مشيرة الى ان الحريري رفض اتخاذ الموقف وفق التسوية قبل تحويل بلمار قراره الاتهامي.
وبينما أعلن رئيس laquo;تكتل التغيير والإصلاحraquo; العماد ميشال عون بعد ترؤسه اجتماع التكتل عصر أمس ان المبادرة السعودية ndash; السورية انتهت من دون نتيجة، فإن مصادر فرنسية مطلعة أبلغت laquo;الحياةraquo; ان خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز كان أبلغ الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي عندما التقاه ليل أول من أمس: laquo;لم نستطع التوصل الى اتفاقraquo;، في إطار مسعى laquo;س ndash; سraquo;، وأن الحريري عندما اجتمع مع الرئيس الفرنسي بعدها أبلغه أيضاً ان المسعى لم يصل الى النهاية الإيجابية.
وفي نيويورك، قالت مصادر رفيعة مطلعة على أجواء الرئيس الحريري عقب laquo;نعيraquo; المعارضة للمسعى السعودي ndash; السوري: laquo;إنهم يريدون استكمال اغتيال رفيق الحريري، ويريدون قتل القتيل والمسامحة معاً من دون ان يقدموا شيئاً... يريدون الغفران وإلغاء الأحكام وكل شيء آخر من دون تقديم أي مقابل من جانبهمraquo;.
وبدا الاستياء واضحاً في أوساط الوفد المرافق للحريري بعد تبلّغه موقف المعارضة، إلا ان المصادر الرفيعة استبعدت ان يلجأ laquo;الطرف الآخرraquo; الى التصعيد أمنياً laquo;فهم يضربون البلد بالسياسة، ولا حاجة لهم الآن لضربه أمنياًraquo;.
واتضح، بحسب المصادر، ان laquo;الطرف الآخرraquo; الذي أشار إليه الحريري في حديثه الى laquo;الحياةraquo; يوم الجمعة الماضي، قرر مطالبته بإجراءات تدخل في خانة وقف تمويل المحكمة الدولية وسحب القضاة اللبنانيين منها قبل صدور القرار الظني المتوقع هذا الشهر.
وتقول المصادر ان laquo;الطرف الآخر أخلّ بالاتفاقraquo; الذي تحدث عنه الحريري لجهة المضمون والتوقيت. وأضافت: laquo;انهم يستغلون السياسة ليفعلوا ما يريدون، وما يريدونه هو إخراج سعد الحريري من الحكومة بعدما يسلمهم كل شيء: الغفران والمسامحة وإلغاء الأحكامraquo;.
وتابعت المصادر: laquo;لقد اغتالوه (رفيق الحريري)، ليس من اجل ان يأتي سعد الحريري مكانهraquo;.
وقالت مصادر أخرى ان معنى نعي laquo;س ndash; سraquo; من جانب المعارضة هو laquo;الإعلان انها لن تنفذ الالتزاماتraquo; التي أعلن عنها الحريري في laquo;الحياةraquo;. وتابعت ان laquo;الطرف الآخرraquo;، قرر أن laquo;ينعىraquo; الاتفاق للتملص من تنفيذ laquo;الالتزامات الواضحة والمحددةraquo; التي قدمها.
وفيما بقيت تفاصيل الاتفاق غير معلنة، بدأت خطوطه العريضة تتوضح ومفادها ان الحريري أبدى استعداده لاتخاذ خطوات معينة بعدما يتخذ الطرف الآخر المتمثل بسورية والمعارضة اللبنانية إجراءات متفقاً عليها تلي الإجراءات التي سبق واتخذها.
ولكن، وبحسب أوساط الحريري، وبعدما قرر الطرف الآخر عدم تنفيذ الالتزامات، دخلت جهود التسوية مرحلة حاسمة، لأن الحريري ليس مستعداً لأن يقبل تسوية يدفع ثمنها بمفرده.
وعلمت laquo;الحياةraquo; ان الجانب الفرنسي سيقوم باتصالات مع الجانب السوري في إطار متابعة الوضع اللبناني ولن يتخلى عن دوره في هذا المجال.
وكان مصدر رئاسي فرنسي قال لـ laquo;الحياةraquo; إن الرئيسين الفرنسي والأميركي تناولا في لقائهما أول من أمس مسألة تمكين المحكمة من الذهاب الى النهاية من دون ان يؤدي ذلك الى انفجار في لبنان، بينما قالت مصادر مطلعة في واشنطن ان أوباما وساركوزي laquo;اعتبرا ان مسؤولية الحريري ستكون صعبة بصفته نجل الضحية وفي الوقت نفسه رئيس حكومة لبنان وعليه الحؤول دون الانفجارraquo;.
وفي بيروت، أعقب إعلان عون ان مبادرة laquo;س ndash; سraquo; انتهت من دون نتيجة اجتماع وفد قيادي من المعارضة ضم وزير الطاقة جبران باسيل، النائب سليمان فرنجية، المعاون السياسي لرئيس البرلمان النائب علي حسن خليل والمعاون السياسي للأمين العام لـ laquo;حزب اللهraquo; حسين الخليل مع رئيس الجمهورية ميشال سليمان. وطالب الوفد سليمان بالدعوة الى عقد جلسة لمجلس الوزراء من اجل البحث في بند وحيد هو كيفية مواجهة المحكمة الخاصة بلبنان.
وقالت مصادر قيادية في المعارضة انه بعد تبلغ قادتها من دمشق ان laquo;محادثات س ndash; س فشلت في إقناع الحريري باتخاذ موقف من القرار الاتهامي قبل تحويله من القاضي بلمار الى القاضي فرانسين أجريت اتصالات عاجلة بين قادتها لتحديد الموقف من هذا التطور. وإذ تردد ان النائب علي حسن خليل وحسين الخليل زارا دمشق أول من أمس لهذا الغرض، فإن المصادر القيادية في المعارضة أكدت لـ laquo;الحياةraquo; انه خلال اجتماع laquo;تكتل التغيير والإصلاحraquo; النيابي برئاسة عون، وبعد مشاورات مع laquo;حزب اللهraquo; وحركة laquo;أملraquo;، تم الاتفاق على إرسال الوفد الذي زار الرئيس سليمان مساء لإبلاغه انه بما ان laquo;المسعى السعودي - السوري وصل الى طريق مسدود فإن مطلبنا هو ان يصدر موقف عن مجلس الوزراء من المحكمة التي ثبت خلال السنوات الماضية انها مسيّسة وأننا لن ننتظر صدور القرار الاتهامي عن بلمار لاتخاذ موقف منه فبعد صدوره ليس هناك من كلام بل سيقوم كل طرف بإجراءاته وكل فريق سيقوم بما عليهraquo;. وذكرت المصادر القيادية في المعارضة ان اجتماع رموزها واجتماع laquo;تكتل التغيير والإصلاحraquo; كانا حاميين على هذا التصعيد وانقلبت الأجواء فجأة الى سلبية laquo;ونحن نعتبر ان الأميركيين ينفذون مؤامرة على البلد عبر المحكمةraquo;.
وعلمت laquo;الحياةraquo; ان الرئيس سليمان استمع الى مطلب وفد المعارضة العمل على عقد جلسة عاجلة لمجلس الوزراء لاتخاذ موقف ضد المحكمة. وأبلغ الوفد انه سينتظر عودة رئيس الحكومة، خصوصاً ان الدعوة الى عقد مجلس الوزراء يُفترض ان تتم من قبله بالاتفاق مع رئيس الجمهورية.
وذكرت مصادر وزارية لـ laquo;الحياةraquo; ان المعارضة تريد من مجلس الوزراء ما لم تحصل عليه من الحريري، في وقت قالت المصادر القيادية في المعارضة انه يُفترض بالرئيس سليمان ورئيس laquo;اللقاء النيابي الديموقراطيraquo; وليد جنبلاط ان يحسما موقفهما بعد الآن من المحكمة داخل مجلس الوزراء. وأوفد جنبلاط الوزير وائل أبو فاعور للقاء رئيس الجمهورية من اجل تنسيق الموقف معه.
وقالت أوساط المعارضة في بيروت ان قادتها علموا ان الرئيس ساركوزي اتصل بالرئيس السوري بشار الأسد أمس، ونقلت هذه الأوساط عن الجانب السوري قوله إن laquo;الجانب السعودي كان جدياً وصادقاً في سعيه للتوصل الى اتفاقraquo;.
وأعقب لقاء وفد المعارضة مع الرئيس سليمان اجتماع لوزرائها العشرة في دارة العماد عون، انتهى ليلاً بإعلان وزير التنمية الإدارية محمد فنيش ان المعارضة ستنتظر جواب الرئيس سليمان حتى صباح الغد في خصوص طلبها عقد جلسة مجلس الوزراء.
وقال فنيش: laquo;فيما البلد يعاني ما يعانيه من شلل في عمل الحكومة وتعطيل دور المؤسسات بادر فريقنا السياسي للاتصال برئيس الجمهورية وعقد لقاء معه، وتمنى عليه أن يسعى مع رئيس الحكومة من اجل عقد جلسة لمجلس الوزراء، ليتحمّل كمؤسسة معنية بإدارة شؤون البلد، مسؤوليته في مواجهة هذه التطورات واتخاذ الموقف المطلوب من مجريات الأحداث، لا سيما ما يتعلق بموضوع المحكمة الدولية والقرار الظني وما تسبب به من انقسام وإشكالات على المستوى الوطنيraquo;.
ولفت فنيش الى ان laquo;رئيس الجمهورية تمنى ان يأخذ فرصة للاتصال برئيس الحكومة، ونحن بدورنا في انتظار جواب الرئيس الحريري وجواب الرئيس سليمان، قررنا ان نبقى على تشاور دائم وجلسات مفتوحة كوزراء في الحكومة من اجل اتخاذ الموقف المناسب بعد الجواب الذي سيأتيraquo;.
وأضاف: laquo;إذا كان المسعى العربي وصل الى طريق مسدود فعلينا كلبنانيين ان نأخذ المبادرة ونتحمل مسؤولياتنا تجاه قضايانا وأن نأتي الى المؤسسات من اجل ان نبحث في إيجاد الحلول، وبالتالي لا يستطيع احد ان يتذرع بأن هناك ضغوطاً، فمسؤوليته ان يجد الحلول مع شركائه في المؤسسات الدستوريةraquo;.
وفي حال فشلت المساعي؟ قال: laquo;يجب ان لا نستبق الأمور، المطلوب من رئيس الجمهورية بصفته المسؤول الأول عن الدستور، وعن استقرار البلد وعن وحدة البلد ان يفعّل دور المؤسسات وأن يمارس دوره في الطلب من رئيس الحكومة دعوة مجلس الوزراء للانعقاد، لذلك فإن جلساتنا كوزراء وكفرقاء سياسيين مفتوحة لمتابعة تطورات الأزمة الراهنة واتخاذ الموقف المناسبraquo;، موضحاً ان laquo;اليوم (مساء امس) أو غداً صباحاً (اليوم) تظهر نتيجة هذا الطلب، إذا كان ثمة إيجابية أو لاraquo;.
وفي الدوحة، أعلن رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني أن الوضع اللبناني شكل أحد أبرز المواضيع التي بحث فيها مع نظيره التركي طيب رجب اردوغان. وقال، في مؤتمر صحافي مع اردوغان بعد محادثاتهما مساء، laquo;إن استقرار لبنان يهمنا في قطر وتركيا ونحن مهتمون بلبنانraquo;.
وشدد على laquo;أنه يجب الأ يعتقد أي طرف أنه يستطيع أن يحكم لبنان لوحده. إن لبنان لكل اللبنانيين ويجب التعامل مع الوضع على هذا الاساسraquo;.
وأكد الشيخ حمد، ردا على سؤال لـraquo;الحياةraquo; أنه يجب الا تتعطل الحكومة اللبنانية laquo;لأن هذا يؤثر على لبنان ولبنان بلد حيوي ويحتاج لينمو. ان لبنان يحتاج لمجلس وزاء فعال بصرف النظر عن وجهات النظر المختلفة. ونحن نحترم وجهات النظر من اي طرف. لكن لا (يجب) أن تكون عائقا لمسيرة لبنان الاقتصادية والتنمويةraquo;. وقال: laquo;اعرف أن هناك مساعي كبيرة تبذل (لحل أزمة لبنان الحالية). وآخر الأخبار الآن غير مشجعة. لكن هذا لا يثنينا عن مطالبة الجهات التي يمكن أن تساعد في الوصول الى حل لهذا الموضوعraquo;.
التعليقات