رندة تقي الدين

استقبال الرئيس الأميركي باراك أوباما اليوم لرئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري في البيت الأبيض وقمة ساركوزي وأوباما التي سبقت لقاءات الرئيس الفرنسي في نيويورك مع كل من الملك عبدالله بن عبدالعزيز والحريري تطورات تشير الى ان الجميع يعتبر ان استمرار المحكمة وصدور القرار الظني خط أحمر لا أحد يتراجع عنه، ولكن ايضاً ان الجميع مهتم بعدم زعزعة استقرار لبنان.

فالرئيسان الفرنسي والأميركي تحدثا عن ضرورة تجنيب لبنان الوقوع في أي تدهور أمني، علماً ان صدور القرار الظني واقع لا يمكن تغييره. والمعادلة صعبة بالنسبة الى الرئيسين لأن مسؤولية الرئيس الحريري كبيرة في منع الاضطرابات الأمنية.

فالحريري ردد كثيراً أنه لن يسمح لدم والده ان يكون سبباً لفتنة في البلد رغم صعوبة المسؤولية، وقد ينتظر الحريري صدور نتائج تحقيق المدعي العام الدولي بلمار والقرار الظني لمخاطبة شعبه وقول ما يريد أن يقوله من أجل منع الانقسام والفتنة. فلا شك انه إذا كانت هناك اتهامات لبعض الأشخاص لا يعني ذلك ان حزباً معيناً هو المتهم، وهو ما ردده الحريري لبعض المسؤولين. إلا ان مَن يهددون يومياً بعواقب القرار الظني لا يفهمون لسوء الحظ مثل هذا الكلام. فالعدالة والمحكمة الدولية كما يدل اسمها ليست مُلك سعد الحريري أو أي طرف في لبنان، فهي تأخذ مسارها منذ أُنشئت لمحاكمة مجرمين نفذوا جريمة اغتيال رئيس حكومة لبنان ومعه رفاقه وصحافيون ومفكرون وغيرهم من الضحايا الأبرياء، فكيف يمكن العدول عن محكمة أُنشئت بطلب من لبنان؟ ومن الصعب ان يُطلب من رئيس حكومة لبنان حتى ولو أنه ابن الضحية ان يتحمل مسؤولية العفو عن الجرائم. فالمعادلة الصعبة التي يقدمها البعض في لبنان هي: إما إلغاء المحكمة وهذا غير ممكن أو الخراب وهذا ما لا يريده أحد إلا الذين يهددون.

فالبعض يتوقع في لبنان اضطرابات أمنية بعد صدور القرار الظني والبعض الآخر يتوقع التعطيل واللجوء الى المزيد من التوترات السياسية، وما يظهر الآن ان التسويات الإقليمية مجمدة بسبب عدم تنفيذ الطرف الآخر كل ما التزم به في إطار هذه التسوية، وهو ما قاله الحريري في حديثه الى laquo;الحياةraquo;. إلا ان التدهور الأمني في لبنان لا يخدم الجانب الذي لم ينفذ ما ينبغي القيام به في إطار التسوية، لأن احتمال دخول إسرائيل على الخط يشكل خطراً على كل المنطقة وسورية ولبنان في الطليعة.

فقمة ساركوزي وأوباما بحثت في سبل ازالة احتمال الانفجار الأمني في لبنان، وسعى الرئيسان الى مساعدة سعد الحريري على القيام بخطوات للتهدئة. وللرئيس الفرنسي علاقة جيدة مع نظيره السوري قد يستخدمها من اجل السعي الى الحصول منه على الحرص على عدم السماح لحلفائه بزعزعة استقرار لبنان. إلا انه يظهر الآن ان اللاعبين الإقليميين الأساسيين لم يكشفوا كل أوراقهم لمرحلة ما بعد صدور القرار الظني، والملاحظ عدم اهتمام البعض بما سيحصل والبعض الآخر ينتظر القرار الظني ليرى كيفية التحرك، فهناك خطورة في عدم وضوح الصورة حول ما ينتظر لبنان على رغم المسعى الفرنسي ndash; الأميركي واتصالات الرئيس الحريري. فالأسابيع المقبلة ستكون حاسمة للبنان لأن موعد ظهور الحقيقة اقترب، والمرجو ألاّ تفلت الأمور في الاتجاه السيّء!