داود الشريان


تباينت ردود الفعل على الوثائق الإسرائيلية - الفلسطينية التي بدأت قناة laquo;الجزيرةraquo; بنشرها. laquo;حركة المقاومة الإسلاميةraquo; (حماس) اعتبرتها laquo;خطيرةraquo; وتدل على laquo;تورطraquo; السلطة الفلسطينية بتصفية القضية الفلسطينية. الخارجية الأميركية أعلنت أن الحكومة الأميركية تدرس الوثائق، ولا تؤكد صحتها. واللافت أن إسرائيل كذّبت بعض ما ورد فيها، ووصفته بعدم الدقة، رغم أنها متّهمة بتسريبه.

أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ياسر عبد ربه، وصف نشر الوثائق بأنه يشبه الحملة على الرئيس الراحل ياسر عرفات قبل كامب ديفيد وبعدها وحتى استشهاده، بهدف التشكيك بوطنيته. وقال إن وثائق المفاوضات موجودة لدى معظم الدول العربية، وجهات دولية. وهو لم يعترض على النشر بل على طريقة التناول، ووضع بعض مضامين تلك الوثائق في غير سياقه، ونشرها في إطار حملة لتخوين السلطة.

بصرف النظر عن أبعاد المعركة بين السلطة الفلسطينية و laquo;الجزيرةraquo;، ودوافعها، فإن نشر هذه الوثائق يفرض معاودة النظر في تفسيرات نشر وثائق laquo;ويكيليكسraquo;. يبدو أن laquo;ويكيليكسraquo; صنع تأثيراً لم يكن متوقعاً، لذلك، ربما أصبحنا أمام حرب وثائق في المنطقة لابتزاز الحكومات. فقبل نشر وثائق المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية شهدت الساحة اللبنانية تسريب وثائق تحقيقات المحكمة الدولية، على رغم أن الاستجوابات تمت عبر محققين دوليين، فضلاً عن ان التسريب في الحالتين اللبنانية والفلسطينية كان عبر قنوات لها أوضاع معينة، ويكتنف ملكيتها ودورها نوع من الغموض.

لا شك في أن صدقية الوثائق التي نشرها موقع laquo;ويكيليكسraquo; خلقت ميلاً لدى دول ومنظمات لاستخدام نشر الوثائق في الدعاية السياسية، ولعل هذا الميل سيفرض نوعاً من التغيير في تعامل الدول مع الإعلام مستقبلاً. فالتكتم وفرض السرية على قضايا عامة، مثل المفاوضات، والمحادثات بين الدول، ربما تغيرا، بل ان تغييراً على هذا النحو سيشل استخدام الابتزاز بالوثائق. لذلك، ليس أمام السلطة الفلسطينية سوى إغراق وسائل الإعلام بوثائق المفاوضات. ومن دون الشفافية وفتح الملفات، فإن هذه الوثائق ستضعِف موقع السلطة، وتحقق أهداف نشرها بهذه الطريقة المثيرة والمريبة في آن.