خنساء السويس تقدم أبناءها الثلاثة للتظاهرات وتفتح بيتها لعلاج الجرحى وإطعام المتظاهرين


السويس - أحمد عدلي


تقف مدينة السويس في مقدمة المدن المصرية التي تشتعل غضبا وتشهد حتى الآن سقوط أكبر عدد من المصابين والقتلى في أيام الغضب التي قادها الشباب واجتاحت كل المحافظات المصرية.
فالمدينة الموصوفة تاريخيا بالباسلة لفتت إليها الأنظار بشدة مع أول أيام الاحتجاج التي كانت سلمية في بدايتها ومع أول هبة يوم 25 يناير الجاري، إلا أن نيران العنف تأججت عندما توفي أحد المشاركين وذهب ذووه لتسلم جثته، إلا أن الأمن رفض وأخرجها من الأبواب الخلفية للمشرحة وقام بدفنها دون علم الأهل.

وقام المتظاهرون بإحراق نقطة شرطة المثلث الموجودة على أطراف مدينة السويس، ما أثار الحماس، وما لبث أن انفجر الغضب، وزاد عدد المشاركين وانضم إليهم آلاف المتظاهرين.

الحاجة فاطمة سيدة تجاوزت العقد الخامس من عمرها يشارك أولادها الثلاثة في التظاهرات فتحت بيتها لمداواة الجرحى من المحتجين، كما تقوم بإمدادهم بالطعام والشراب وتقول: 'لولا عدم قدرتي على الكر والفر مثل الشباب لشاركتهم'.

وتنتظر أم محمد كما يناديها أهالي المنطقة أعلى منزلها الواقع في 'شارع الجيش' تتابع التظاهرات وتغادر إلى أسفل السطح مع تصاعد القنابل.

لا تتوقف الحاجة فاطمة المرشحة للقب 'خنساء السويس' عن متابعة المصادمات وتردد 'ربنا ينصركم... ربنا معاكم'، بينما تنتظر أبناءها المشاركين حيث يوجد اثنان في التظاهرات وواحد بجوارها ويتم ذلك بنظام المناوبة بينهم.

وتقوم منال بنت الحاجة فاطمة بتحضير الـ'ساندويشات' وتجهيز المياه للمتظاهرين، ويتنوع الطعام ما بين الفول والطعمية والبطاطس. وتقف منال في المطبخ لإعداد الطعام، بينما يقوم صغيرها محمد بنقل الطعام من الشقة إلى المتظاهرين.

وكما صنعت السويس أسطورتها الخاصة في تقديم شهدائها عام 1956 وحربي الاستنزاف وأكتوبر، قدمت أكثر من 40 قتيلا وآلاف المصابين في أيام الغضب طلبا للتغيير والعدالة الاجتماعية وإسقاط الظلم والفساد.

واستمرت التظاهرات في المدينة رغم إعلان الرئيس مبارك إسقاط الحكومة وتشكيل أخرى جديدة.

وبحسب تأكيدات العديد من أهالي السويس، فإن المدينة لم تعد لهم خلال الأعوان الماضية وأصبحت مملوكة لبضعة أثرياء يمتلكون فيها القصور والفيلات والأراضي والمصانع، وتحول أبناء المدينة إلى عاطلين أو شغيلة برواتب ضئيلة بدون إجازات أو معاش أو تأمينات ويتم الاستغناء عنهم في حال الاعتراض، فكان لابد من التغيير.