فاتح عبدالسلام

الشارع العربي في تونس او في مصر، أجبر واشنطن علي إدانة ضمنية واضحة للأنظمة العربية التي تضطهد شعوبها ولا تمنحها حقوقاً سياسية أو خدمات تليق بها كبشر.
ولعلّ تصريحات الرئيس باراك اوباما ووزيرة خارجيته أكبر دليل علي استيائهما مما يجري في مصر الحليف الكبير لواشنطن في المنطقة الأكثر أهمية بالتساوي مع اسرائيل. وتشجع أوباما وقال للمرّة الأولي: انَّ ديكتاتوراً عربياً كان يحكم تونس ويكاد يتحدث بنفس المستوي عن مصر لكنّه انتهج طريق كلمات فيها استياء وقلق.
الشعب ظهر كحالة أعلي من امكانات الأحزاب والحكومات والزعماء. ويتساءل الناس كلهم كيف لم يستطع نظام سياسي له امكانات كبيرة في مصر الافادة من درس تونس. وكيف ان هناك سياسيين لم يفهموا ان ثمن بقائهم مستمرين في كراسيهم قد يكون كيلو من السكر أو الطحين.
غير أنَّ هذه الصورة الكبري من التحولات العربية كانت في منطلقاتها الأساسية احتجاجات علي فساد لم ينافس ما موجود في دوائر الحكم في بغداد. وكانت احتجاجات علي اضطهاد حريات لم يبلغ عشر ما يغرق فيه العراق من اعتقالات ومداهمات ليلية وتغييب في السجون السرية. وكانت احتجاجات علي زعامات استهانت بالانسان وليس هناك أوضح من الاستهانة بالشعب العراقي الذي قتل منه مليون وهجّر ثلاثة ملايين بين نزوح وتهجير في الداخل والخارج.
لكن ما الذي يمنح الوضع العراقي حصانة ليكون في منأي بعد كل هذه الكوارث عما يجري في تونس ومصر ليس هناك سبب سوي اليد الامريكية التي لا تزال قوية في بغداد لكنها ليست قوة مستمرة الي الأبد. فالتغييرات الامريكية قادمة لاسيما بعد أية تغيرات إيرانية.
الوضع العراقي أكثر تعقيداً وسيكون له حديث آخر تماماً.