علي حمادة

تكشف المواجهات في محافظة حمص وسط سوريا بين الجيش السوري التابع للنظام، والجنود المنشقين المنضمين الى الثورة السورية ان الامور تتعاظم بفعل الوحشية غير الاعتيادية التي مارسها النظام في حق التظاهرات السلمية على مدى ستة اشهر وادت الى قتل ما يزيد على الثلاثة آلاف وخمسمئة مواطن اعزل، وجرح اكثر من عشرين الفا، و اعتقال خمسة عشر الفا. فالسلمية التي تبقى حتى اللحظة الراهنة السمة العامة للثورة السورية تواجه اكثر الانظمة وحشية و دموية في عالمنا. نظام مستعد ان يقتل عشرات الآلاف للبقاء و للاستمرار في حكم بلاد الشام بالحديد والنار. نظام لن يتوانى عن دفع البلاد نحو صراع طائفي مذهبي لكي يفلت من الاجل المحتوم. نظام لم يتأخر ولن يتأخر عن دفع ثورة الناس العاديين السلميين الى زاوية يستحيل معها ان يستمروا الى ما لا نهاية في مواجهة القتلة بالتظاهر السلمي. ومن هنا اهمية الانشقاقات التي تحصل في الجيش السوري، وتأتي بسبب التذمر الكبير في الجيش من توريطه في قتل الشعب، فتحول دون تسلح الشعب على نطاق واسع باعتبار ان quot;كتائب ثوريةquot; تواجه جيش النظام في محاولة لحماية الناس من الموت المحتوم.
لقد تحملت الثورة في سوريا، وتحمل المواطن السوري العادي ما لا يحتمل من آلة القتل التي يديرها النظام بلا هوداة، وصمدوا كما لم يصمد شعب في المشرق العربي امام القتل الممنهج الذي يذكر بالاساليب الاسرائيلية في فلسطين، ومع ذلك واصلوا النزول الى الشارع مطالبين بسقوط النظام. وفي المقابل وجدنا النظام يتورط في مجازر لم تقف عند حد استخدام الرصاص، بل تعدته الى حد استخدام المدفعية والدبابات وحتى الطائرات وسط تعامل دولي وعربي خجول، وقاصر عن التصدي للقتل في سوريا.
يقال ان بشار الاسد يستند في معركته الى جيش لا يزال متماسكا حتى اللحظة، وان النظام قوي بالمعايير العسكرية، ولكن ما يغيب عن اصحاب القول ان بشار الاسد ونظامه نجحا في تحويل الجيش السوري الى جيش احتلال في بلاده! اي ان الجيش المؤتمِر بالنظام الى الآن يحتاج قتل ما معدله خمسين مواطنا في اليوم، واجتياح خمس او ست مدن كي لا يسقط النظام نفسه. هذه خصائص جيوش الاحتلال التي تسيطر من دون ان تسيطر. انه جيش احتلال حقيقي لا يستقيم يومه ما لم يقتل عشرات المواطنين. اكثر من ذلك، وفي معرض التطرق الى خصائص الاحتلالات، فإن التخريب المتعمد للممتلكات، وحرق البيوت والاشجار، و قتل المواشي (مجزرة الحمير مثالا)، وصولا الى قتل الاطفال (حمزة الخطيب) وخطف البنات، واغتصابهن ثم قتلهن والتمثيل بجثثهن (زينب الحصني) كلها اعمال عادة ما تقوم بها قوى احتلالية، او مجموعات ميليشيوية في اطار نزاع اهلي داخلي، لا جيوش وطنية.