كمال جاب الله


هذا الوصف أطلقته المواقع الإلكترونية للتواصل الاجتماعي الأسبوع الماضي علي شهيد موقعة ماسبيرو مينا دانيالrlm;,rlm; ويعلم الله كم كانت الحسرة التي ألمت بالمصريينrlm;,rlm; من كافة الطوائف والأعمار والانتماءاتrlm;,rlm; علي استشهاد هذا الفتي والناشط السياسي الجميلrlm;,rlm; لتقصف الأقدار عمره مبكرا مع غيره من المواطنين والعسكريين الأبرياء المسالمينrlm;.rlm;

حزن وحسرة وألم عم أرجاء المحروسة أعاد إلي الذاكرة الحالة التعيسة نفسها التي عايشناها جميعا في فجيعة الشابة مريم فكري شهيدة حادث كنيسة القديسين الإرهابي الغادر, ورفاقها الأطهار, في أوائل العام بالإسكندرية.
شاءت الظروف أن أكون شاهدا من نافذة مكتبي بالأهرام مساء يوم الأحد الماضي علي مسيرة سلمية لجموع هادرة تضم آلافا من المتظاهرين الأقباط والمسلمين يرددون هتافات ومطالب مشروعة ويقطعون شارع الجلاء باتجاه ميدان الشهيد عبد المنعم رياض وصولا إلي مبني اتحاد الإذاعة والتليفزيون بكورنيش النيل في القاهرة, وقد صدرت الطبعة الأولي من الأهرام وهي تعبر بصدق عما شاهدناه وسجله المندوبون, حيث التلاحم بين أقباط مصر ومسلميها حول تلك المطالب المشروعة, فضلا عن سلمية المسيرة تقريبا, وغيرها من المسيرات المتزامنة التي جري تنظيمها في6 محافظات أخري.
فجأة, وبدون أية مقدمات, وبعد الساعة السابعة من مساء الأحد, بدأت تتوالي الاتصالات من مندوبي الأهرام مشيرة إلي وقوع المحظور, حيث سماع دوي إطلاق النار أمام مبني الإذاعة والتليفزيون, وبالقرب من المبني في ميدان عبد المنعم رياض وكوبري أكتوبر, واشتباكات وجرحي وقتلي ليس- فقط- بين جموع المتظاهرين المسالمين من المسلمين والمسيحيين بل أيضا في صفوف رجال الأمن والعسكريين, وهي المرة الأولي- منذ قيام ثورة 25 يناير المجيدة- التي يصاب أو يستشهد فيها أحد أفراد قواتنا المسلحة الباسلة في مثل هذه الظروف الملتبسة, كما أنها كانت المرة الأولي أيضا- التي يسقط فيها ضحايا وشهداء ومصابون من بين المتظاهرين المسالمين في وجود وحماية الأمن المناط به تأمين مرفق ماسبيرو الحيوي.
{ للأمانة, شعرت بالصدمة لما حدث في تلك الليلة الدامية, وكذلك كانت مشاعر الحزن والألم التي ألمت بكل الزملاء الذين تحولوا جميعهم إلي خلية نحل وشكلوا فرق عمل لتسجيل ومتابعة الأحداث المؤسفة لحظة بلحظة, ميدانيا ومن جميع المصادر, وأذكر أن همي الأساسي, في ذلك الوقت, لم يكن فقط- منصبا علي جمع المعلومات وتطوير طبعات الأهرام لملاحقة التطورات, بل- أيضا- تذكير مندوبينا في موقع الأحداث بضرورة الحفاظ علي سلامتهم طالما وقع المحظور بإطلاق النار وبلوغ الاشتباكات في المنطقة إلي الحدود العنيفة التي لم تعد خافية علي أحد.
لعل أهم العناوين التي تصدرت الصفحة الأولي من الأهرام في الطبعتين الثانية والثالثة من صباح الإثنين هو ما جاء في البيان الصادر عن إجتماع المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذوكسية برئاسة قداسة البابا شنودة الثالث وورد فيه أن غرباء اندسوا علي المسيرة السلمية وارتكبوا جرائم لإلصاقها بالأقباط, وأشار البيان إلي أن الأقباط لهم مشاكل تتكرر دون محاسبة المعتدين ودون إعمال القانون أو وضع حلول جذرية لتلك المشاكل, وطلب البيان من الأقباط صوم ثلاثة آيام لكي يحل السلام في مصر.
في الليلة المشئومة ذاتها, قال رئيس مجلس الوزراء عصام شرف في بيان وجهه إلي الأمة أن الوطن في خطر, وان أخطر ما يهدده هو العبث بملف الوحدة الوطنية والشك في وجود أصابع خفية خارجية وداخلية تريد أن تقف أمام الغالبية العظمي من شعب مصر ورغبتهم في إقرار نظام ديمقراطي سليم.
توالت فيما بعد ردود الفعل الصادرة من كل فج وصوب منددة ومستنكرة ومحذرة لما حدث إلي أن عقد عضوان من المجلس الأعلي للقوات المسلحة مؤتمرا صحفيا يوم الأربعاء الماضي, وهو- في رأيي المتواضع- المؤتمر الصحفي الذي كان من الضروري عقده في اليوم التالي للحدث إن لم يكن في ليلته, كما أنه أثار العديد من علامات الإستفهام بدلا من الإجابة عن الأسئلة.
أعود إلي قصة جيفارا الثورة المصرية, وحكاية الناشط السياسي الشاب مينا دانيال الذي نعاه حزب التحالف الشعبي الإشتراكي, ووصفه بأنه مصري أصيل ناضل من أجل العدل والمساواة والكرامة والحرية واستشهد دفاعا عن مبادئه.
{ أضاف بيان الحزب: ستبقي ذكري مينا دانيال معنا فهو أحد أبطال الثورة ممن تصدروا الصفوف يوم 28 يناير ويوم موقعة الجمل ونجا من الموت بأعجوبة بعدما تلقي رصاصة بكتفه وأخري في ركبته, وكان نموذجا ملهما بين الثوار, ومات مينا دانيال أخيرا برصاصة اخترقت صدره أمام ماسبيرو وبقيت دعوته المسلمون والمسيحيون إيد واحدة.