جاسر عبدالعزيز الجاسر

الذين تابعوا ما حصل في العراق ولبنان وحتى في قطاع غزة سيرون ترجمة فعلية لمخططات النظام الصفوي في طهران الذي أصبح له سيطرة ونفوذ لا يمكن إخفاؤه في هذه الدول.

العراق لا يمكن أن يواجه الأطماع الإيرانية داخل أراضيه فكيف له أن يتصدى لها إقليمياً كما كان في النظام السابق؟

أما لبنان، فقد أصبح ممثلُ وليِّ الفقيه بلبنان (حسن نصر الله وحزبه الذي يهدد بسلاحه كل اللبنانيين) حاكم لبنان الفعلي، وفقد هذا البلد العربي ما كان يتميز به عن باقي الدول العربية من الحرية السياسية والديمقراطية، بل انحدر إلى أسوأ من هذا فأصبح اللبناني غير المنقاد لحزب الله، مهدداً في أمنه وهو نفس ما يحصل في العراق، فالذي لا يساير توجهات الأحزاب الطائفية وقادتها الذين ينفذون الأجندات الإيرانية الإقليمية، لا يكون سعيداً في البقاء في بلاده.

أكثر من هذا أصبح لبنان في دائرة النفوذ الإيراني بعد تشكيل الحكومة اللبنانية التي يطلق عليها اللبنانيون حكومة حزب الله.

وضع ليس بعيداً عن أهل غزة الذين فرض عليهم وضعاً مليشياً، والذين أصبح همهم أن ينهوا عملية انفصام من (أهلهم) في الضفة الغربية فرضته عليهم خدمة مخططات بناة إمبراطورية الصفويين. هذه الأوضاع الشاذة في بعض الدول العربية التي أُخضعت لنفوذ الصفويين وممثلي ولاية الفقيه، أفقدت تلك الدول أمنها واستقرارها وحولتها إلى عنوان للذلة وفقدان الكرامة، فهذه الدول (العراق، قطاع غزة، ومناطق نفوذ حزب الله في لبنان) كرامة المواطن فيها مهدرة، ولا قيمة له؛ ولهذا فإن شعوب الدول التي تتعرض لاستهداف الصفويين والتي تعبث بها مخابرات النظام الإيراني حالياً كالبحرين، هي التي يجب أن تتصدى لهذه المخططات بتفهم ما يقوم به أنصار ولي الفقيه والصفويون والتيقظ التام للأنصار والخلايا النائمة التي زرعتها المخابرات الإيرانية في تلك الدول، وأيضاً من واجب دول الخليج العربي أن تهب لمساعدتها.

ومن خلال وثيقة laquo;خطة الطريقraquo; -التي تحدثنا عنها في الحلقات السابقة عن الدول المستهدفة- تكشف المخابرات الإيرانية عن كيفية التشبث بالدول التي تم ضمها للإمبراطورية الصفوية ومحاولة إلحاق باقي دول الخليج العربي بها بدءاً بالبحرين، وقد تحدثت الوثيقة عن أهمية إبقاء العراق متفرقاً فتقول: laquo;إنه من أجل إبقاء العراق متوزع الولاءات الطائفية حتى داخل الطائفة الواحدة، وأن نمكن سيطرتنا على كل الأطراف السنية مع منحها الامتيازات التي تطمح إليهاraquo;.

وتضيف: laquo;يجب أن نؤكد أن واجبنا الأول والأخير في العراق اليوم هو عدم عودة العُروبيين ومواصلة تصفيتهم بكافة الطرق ومنها التصفيات الجسدية للمثقفين والعلماء والقادة السياسيين من ذوي الاتجاه العربي وبلا أي رحمة.

فالتيار العروبي ورغم كل التصفيات التي شملت آلاف العروبيين فإنه ما زال قوياً ويشكل الخطر الرئيس على الوجود الإيراني.

ولهذا فإنه يجب مواصلة القضاء ومحاربة التيار العروبي ومنع وصول أي رمزٍ من رموزهم للسلطة الفعلية لمنع عودة العراق إلى الصف العربي إمعاناً في إضعاف القوة العربية، وفسح المجال أمام التمدد الإيراني داخل الأقطار العربية.