هآرتس


يجمل بنا ألا نحبس أنفاسنا في ضوء البيان السوري أمس بالموافقة على طلب الجامعة العربية السماح لمراقبين عرب بالوصول الى أراضيها. الناطق بلسان وزارة الخارجية السورية، جهاد المقدسي، أعلن في مؤتمر صحفي بان 'سوريا ردت بالايجاب على البروتوكول العربي'، وسارع الى ان يضيف بان لسورية شروطا اخرى على موافقتها السماح لنحو 500 مراقب من الجامعة العربية العمل في أراضيها. هذه الشروط وصفها الامين العام للجامعة العربية 'كشروط جديدة لم تسمع بها الجامعة حتى الان'.
وتتضمن هذه الشروط مطالبة سورية بالحصول مسبقا على قائمة المراقبين وجنسياتهم، تعريف تعبير 'العنف' الذي سيعمل المراقبون على فحصه في سوريا، وايضاح جوهر وطريقة عمل المراقبين. كما تطالب سورية من الجامعة العربية بالغاء العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الجامعة العربية على سوريا الاسبوع الماضي وتعليق عضويتها في المنظمة فور التوقيع على البروتوكول وكذا ارسال رسالة الى الامين العام للامم المتحدة أملى صيغتها وزير الخارجية السوري وليد المعلم. وحسب هذه الرسالة، تشير الجامعة الى أنه 'تحققت نتائج ايجابية جراء التوقيع على الاتفاق'، وان 'الامين العام للامم المتحدة مطالب بان يوزع هذه الرسالة على أعضاء الامم المتحدة كوثيقة رسمية'.
ولا يوضح جواب سورية اذا كانت تعتزم فقط السماح للمراقبين العرب بالوصول الى اراضيها او أنها مستعدة لان تتبنى ايضا المطالب التي يتضمنها البروتوكول العربي. وحسب هذه المطالب، على سوريا أن تكف فورا عن العنف، تخرج قوات الجيش من المدن، السماح لوسائل الاعلام الاجنبية بتغطية ما يجري في الدولة والشروع في حوار وطني على المرحلة القادمة.
هكذا نجحت سوريا في أن تعرض نفسها كمن هي مستعدة لقبول تعليمات الجامعة وفي نفس الوقت تعيد دحرجة الحسم في موضوع استمرار النشاط ضدها الى بوابة الجامعة العربية. وذلك لان البيان السوري مصوغ بشكل من شأنه أن يدخل الجامعة في خلاف عميق حول التفسير.
وزراء خارجية الجامعة العربية يتعين عليهم الان أن يترددوا في ما اذا كانوا سيرون في البيان أمس كموافقة وقبول شروط سوريا الجسيمة أم يرفضوا شروطها التي من شأن قبولها ان يفرغ عمل المراقبين من مضمونه، التوجه الى الامم المتحدة بطلب اقامة منطقة حرة من الطيران في سوريا، وهكذا شق الطريق نحو التدخل العسكري. وحسب مصادر تركية، تنتظر الولايات المتحدة حسم الجامعة التي بيدها القرار اذا كانت ستطلب من الاسرة الدولية اقامة منطقة حرة من الطيران أو معبر حيادي محمي في سوريا. دون طلب عربي من الامم المتحدة يمهد التربة لتدخل عسكري، تمتنع حاليا دول الغرب عن المبادرة الى عمل عسكري.
وفي هذه الاثناء، الى أن تحسم الجامعة العربية، يواصل المواطنون السوريون التعرض للقتل بنار قوات الامن. نشطاء في الدولة افادوا أمس بان ستين جثة على الاقل نقلت الى المستشفيات في مدينة حمص، والتقدير هو أن حتى الان وصل عدد القتلى الى 4 الاف نسمة.
من لا ينتظر نتائج النقاش في الجامعة العربية هما الولايات المتحدة وتركيا، اللتان تواصلان تخطيط المرحلة القادمة على فرض أن نظام الاسد سينهار.
نائب الرئيس الامريكي جو بايدن، الذي التقى يوم السبت برئيس الوزراء التركي اردوغان، روى للصحفيين بان الحوار التركي ـ الامريكي يرمي الى فحص سبل العمل المشتركة لمساعدة حركات الثورة في سوريا بعد أن تسقط نظام الاسد. وقدر بايدن بان سقوط نظام الاسد لن يؤدي بالضرورة الى تدهور اقليمي او حرب طائفية (بين السنة والشيعة). ولكن مصادر تركية أفادت 'هآرتس' بانه حسب تقدير تركيا يجب بداية بلورة قيادة معارضة موحدة منعا لحرب أهلية وضمان نقل مرتب للحكم.
تركيا، التي أصبحت دولة محور تعتمد عليها الاستراتيجية الامريكية في المنطقة، تعمل بنشاط لمساعدة المعارضة المدنية والعسكرية السورية، ولكنها ليست بالضرورة كلب الحراسة للسياسة الامريكية في الشرق الاوسط. هكذا مثلا، خلافا لاتفاق مع الولايات المتحدة في موضوع سوريا، تعتقد تركيا بانه لا يجب فرض مزيد من العقوبات على ايران، وذلك ضمن امور اخرى لان تركيا تعتمد على استيراد النفط والغاز من ايران.