علي حسين
يختلف الساسة العراقيون في كل شيء لكنهم يتفقون على امر واحد فقط هو خشيتهم من التحولات التي تجري في العالم العربي، قبل أسابيع استمعنا إلى السيد نوري المالكي وهو يقول : quot; لا ندري كيف تستقر الأمور وعلى أي قاعدة وكيف ستنطلق الدول الأخرى في عملية البناء والتماسكquot;، مضيفا أن quot;الاحتجاجات التي تشهدها بعض البلدان لن تكون ربيعا، بل ستتحول إلى خريفquot;،
وبالأمس قال إياد علاوي أن التحولات في المنطقة العربية ستؤثر سلبا على استقرار العراق .. ربما أفهم أن يتشاءم السيد المالكي مما يحصل في بعض البلدان العربية ومن انتفاضة الشعوب على الفساد والانتهازية السياسية وحكم الرجل الواحد ولكنني لا أفهم خوف علاوي وخشيته وهو الرجل الذي يحسب نفسه في موقع المعارض من الانظمة الحاكمة.
إذن نحن أمام خطاب سياسي موحد ينظر إلى الشعوب التي ثارت ضد حكامها على انها شعوب تريد الفوضى لبلدانها بعد أن كانت هذه البلدان تنعم بالازدهار والاستقرار بفضل جهود حسني مبارك وبن علي والقذافي وبشار والمناضل العتيد علي عبد الله صالح.
يدرك العراقيون جيدا أن بضاعة العديد من ساستنا أصبحت قديمة وبالية، ولا تناسب مطالب الناس بالعدالة الاجتماعية وبالإصلاح السياسي -باختصار شديد- هي بضاعة مزيفة لا يمكن لمواطن ذكي أن يقتنيها، وهي البضاعة نفسها التي كان يصدرها مبارك ومن قبله بن علي مرورا بالعقيد والأخ القائد.
الكثيرون يتفقون أن القذافي دمر ليبيا منذ توليه الحكم عام 1969، وورطها وأنانظمة العسكر اشد بطشا وعدوانا. وان بعث سوريا أشد دهاء وخبثا من بعث صدام، لكن هذه الانظمة ارادت ان تسوق صورة زائفةعن المقاومة والنضال ضد الاستعمار. و نظام الأخ صالح مجرد حكم عائلي ينهب ثروات اليمن فيما الملايين تعيش تحت خط الفقر، ولا يفرق مبارك عنهم في شيئ فالرجل ظل يخطط لسنوات كي يعيد مصر إلى عهد الأسرة الحاكمة، دجل هذه الأنظمة وكذبها انتهى عندما وجهت رصاصاتها إلى رؤوس وصدور المواطنين العزل في القاهرة والإسكندرية ودرعا وطرابلس ودمشق وتونس وتعز وصنعاء والمنامة.
ولا أدري كيف نسي علاوي وقبله المالكي ومعهم معظم الساسة من صناع القرار أن أمثال مجنون ليبيا كانوا حتى لحظاتهم الأخيرة يسخرون من الديمقراطية العراقية، بل إن العقيد طالب وفي أكثر من مناسبة بتقديم شكوى ضد أمريكا لأنها أزاحت صداما، فيما دكتاتور اليمن ظل حتى لحظاته الأخيرة يؤوي جماعات مسلحة تهدد أمن واستقرار العراق، ويحلم بعودة عزة الدوري للحكم وقبله قدم حسني مبارك نصائحه للأمريكان بأن يحافظوا على نظام صدام لأنه صمام أمان لمنطقة الخليج، وان سوريا تحولت الى مزرعة تفرخ الارهابيين الذين اوغلوا في الدم العراقي.
ولكن للأسف يبدو أنني لا أستطيع أن أقنع ساستنا بمختلف اتجاهاتهم بأن الذي يجري هو انتفاضة ضد الظلم والطغيان ، وسأظل مندهشاً وأسأل : لماذا لا يقتنع ساستنا الكرام بأن الدفاع عن أنظمة من شاكلة نظام مبارك والقذافي وصالح وحتى بشار يعد جريمة لا تغتفر؟
للأسف أخطأ السيد علاوي في نظرته للمتغيرات في المنطقة كما أخطأ من قبل في إدارته للأزمة السياسية في العراق ، حين اكتفى بدور المتفرج وتخلى عن مشروعه المدني للإصلاح السياسي مقابل حفنة وزارات ومنصب في الغيب.
السيدَ علاوي، كنت أتمنى أن استمع إليك وأنت توجه رسالة تحية لشباب الربيع العربي ، ولكنها السياسة تلك التي جعلتك من قبل تترك شباب التظاهرات في العراق يخرجون إلى الشوارع وحدهم ويتحملون نتائج مواجهتهم للحكومة، فيما كنت تبتسم من شرفتك في لندن تتمنى أن تشارك في تظاهرات ساحة بيكادلي من أجل إسقاط الملكية في بريطانيا.
التعليقات