تركي بن عبدالله السديري

من أي واقع سياسي أو عسكري تناقش أمريكا..

هل من باب خروجها مهزومة من بوابات دول صغيرة وفقيرة، مثلما حدث في الفيتنام وأفغانستان وأخيراً العراق الذي دمرته دون أن تستطيع السيطرة عليه..

فإذا كان هذا هو واقع أقوى دولة عسكرية في العالم، فكيف يأتي كاتب في هذه الدولة هو غريغوري غوز بروفيسور العلوم السياسية في جامعة فرمونت والمحرر الاستشاري في مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي.. يقول ضمن العديد من آرائه بأن المملكة العربية العربية السعودية لم تنجح بمنع سيطرة إيران على العراق ما بعد صدام..

رأي غريب.. هل كانت القوات السعودية موجودة في العراق بعد حكم صدام، أم أن القوات الأمريكية التي قتلت صدام ونظامه هي الموجودة في العراق؟ فكيف وجدت إيران الفرصة من قبل أمريكا للتسلل إلى العراق؟..

ألا يلمح هذا إلى وجود سياسة تبارك توسع الاضطرابات وتعدّد فرص المواجهات العسكرية؟..

بداهة من مصلحة المملكة ومجتمعها ألا تتدخل في أي أوضاع عربية لئلا تكون طرفاً في مجمل النزاعات العربية القائمة الآن.. ما كتب من آراء مضحك للغاية..

ننتقل إلى تناوله لأوضاع مصر وموقف المملكة منها، فيشير إلى دعم للسلفيين وضرر من الإخوانيين، بينما نعرف نحن هنا أن دولتنا هي أقوى من أي دولة أخرى، بما في ذلك أمريكا، في مواجهتها لعدوان التطرف الإسلامي.. هذا من ناحية؛ ومن ناحية أخرى فالدولة هنا تبذل جهوداً كبيرة لمحاصرة التطرف والإلزام بالتطوير العلمي والاقتصادي بما في ذلك حيوية مشاركة المرأة..

هذا يحدث بفعل وعْي محلي وليس بفعل توصية أمريكية، ونعرف أن المملكة أول دولة ساعدت مصر في بداية أزمتها الاقتصادية بعد سقوط حكم مبارك.. ثم يتحدث عن السكن والبطالة وكأنه يقصد تخلّفاً راكداً بينما تتوالى أخبار قرارات الدولة لكبح انتشار البطالة.. وفي نفس الوقت صرف مساعدات لإعداد فرص التوظيف.. هذا واقع لا يحدث في أي بلد عربي.. لكن الكاتب يريد أن يرى المملكة في الموقع العربي القائم على شيوع بطالة وفقر لا حلول لهما..

لا أدري كيف أعطى الكاتب أهمية كبيرة للأوضاع التي توجد إيران طرفاً فيها، ليس من خلال وجود مشترك يرغم إيران على التراجع، وإنما يريده اختلاط مسؤوليات عربية أمريكية، والأفضل لديه لو كان لدى السعودية تدخّل مباشر فيما يحدث داخل المجتمعات العربية.. ما هو نوع هذه المسؤولية التي يطالب بها؟ وهل هناك اطمئنان عربي بأن الموقف من إيران صادق؟ ثم ما مصلحة المملكة من إساءة علاقاتها مع المجتمعات العربية؟.. وكيف يتم إنكار دورها في فرض الأمن داخل البحرين، وتبني وصول الخلافات اليمنية إلى مصالحة؟.. هذه دول جوار..

ثم من قال إن المجتمع السعودي مثيل لمجتمعات أخرى تعتبر الشغب وسائل تعبير فاعلة.. منذ عصر الموحد الملك عبدالعزيز الذي قام بدور وطني لم يفعله أي زعيم آخر في العالم العربي أو في أمريكا لأنه وحّد قبائل وفئات ونسبة معرفة حروف الهجاء بينهم في البداية لم تكن تتجاوز 2٪، وحالياً تعليمياً واقتصادياً واجتماعياً في طليعة دول العالم الثالث.. وليس العربي فقط..