فهد الخيطان
السياسة الخارجية الاردنية بعد الزلزال المصري
لسنوات عديدة مضت كان الاردن ومصر طرفين اساسيين فيما كان يعرف بمحور الاعتدال الى جانب دول عربية اخرى ابرزها السعودية. raquo;مصر مباركlaquo; اخذت في هذا التحالف مركز القيادة ولم يكن احد حتى السعودية ينازعها على الزعامة.
قبل سقوط مبارك تعرض محور الاعتدال الى تصدعات كبيرة, وبانهيار عملية السلام فقد اساسه الموضوعي. حدث ذلك بالتزامن مع تطورات اقليمية ودولية عديدة اهمها وصول الديمقراطيين الى سدة الحكم في امريكا, وسيطرة حماس على قطاع غزة, وفي وقت لاحق اصيب raquo;المحورlaquo; بانتكاسة تمثلت بخسارة قوى 14 آذار في لبنان.
وبينما كان اضلاع raquo;الاعتدالlaquo; يُرممون جراح المرحلة وقع زلزال سياسي في مصر, ويمكن القول انه في اللحظة التي raquo;تنحىlaquo; فيها مبارك كُتبت شهادة الوفاة لمحور الاعتدال.
لا احد يعرف بعد الى اين تتجه مصر بعد المرحلة الانتقالية, ويصعب التنبؤ بطبيعة النظام السياسي الذي سيولد من رحم عملية ديمقراطية هي الاولى من نوعها في تاريخ مصر الحديث. الشيء المؤكد ان raquo;مصر الجديدةlaquo; ستكون مختلفة تماما عن مصر في عهد مبارك, وسيكون على النظام الجديد ان يتبنى مقاربات سياسية مغايرة لما كان سائدا خاصة فيما يتعلق بالسياسة الخارجية المصرية, والعلاقة مع القوى الفاعلة في المشهد الاقليمي raquo;اسرائيل, تركيا, ايرانlaquo;.
بهذا المعنى, فإن التغيير في مصر سيرسم خارطة جديدة للاقليم.
السياسة الخارجية الاردنية كانت طوال العقد الاخير في انسجام تام مع السياسة المصرية. وما يجعل لهذه العلاقة خصوصية ان الاردن ومصر هما البلدان الوحيدان اللذان وقعا معاهدة سلام مع اسرائيل, ويرتبطان معها بعلاقات دبلوماسية صمدت رغم كل الأهوال في المنطقة, ناهيك عن التحالف الوثيق الذي يربط البلدين بالولايات المتحدة الامريكية.
علاقة الاردن بالادارة الامريكية لن تتأثر بالتغيير الذي حدث في مصر, لا بل ان سقوط مبارك قد يمنح الاردن مكانة ودورا اكبر.
التأثير المحتمل هو في العلاقة مع اسرائيل, وهذه الايام يتكرر سؤال على كل لسان ماذا لو اختار النظام الجديد في مصر تجميد العلاقات مع اسرائيل او تحجيمها? كيف سيتصرف الاردن ازاء هذه الحالة, وهل بوسعه ان يستمر في علاقاته مع اسرائيل بنفس الوتيرة الحالية?
قد تبدو الاسئلة مبكرة, وهذا صحيح, لكن الأحداث من حولنا في تسارع, فمن كان يظن قبل اسابيع ان نظام مبارك بجبروته الأمني والحزبي سينهار في 19 يوما من المظاهرات الشعبية.
وقبل هذا الحدث التاريخي بدا من التحولات الجارية في المنطقة ان السياسة الخارجية القائمة في الاردن لم تعد تتوافق مع المصالح الوطنية العليا للمملكة, وان هناك حاجة ماسة لقراءة المتغيرات واعادة النظر بالعلاقات مع الدول في المنطقة وتنويع الخيارات السياسية والدبلوماسية.
الآن; وبعد سقوط النظام المصري برمته لا يمكننا انتظار الاشارات من القاهرة المشغولة بثورتها الشعبية ومرحلتها الانتقالية, علينا ان نخط طريقتنا الدبلوماسية بشكل مستقل وعلى النحو الذي يخدم مصالحنا الى ان يولد النظام الجديد في مصر.0
التعليقات