ليس بالتدخل المباشر نساعد الليبيين

نيويورك

في عام 1986، دعا معمر القذافي مجموعة من الصحافيات الاجنبيات لاجراء مقابلة معه. وبعد المقابلة حاول التحرش بهن الواحدة تلو الاخرى، لكنه قوبل بالصدّ. هذه الحادثة تشي بأنه ليس في كامل قواه العقلية.
فهذا الرجل الذي يلقب نفسه laquo;ملك ملوك افريقياraquo; يخلط الوهم بالحقيقة بالغطرسة ويميل الى المخاطرة، وهو يمتلك كميات كبيرة من غاز الخردل، ولذلك فإن من الملح ان تتحرك القوى العظمى بمساعدة من الدول المجاورة، كمصر وتونس، لزيادة الضغط عليه كي يتخلى عن السلطة.
ولكن لسوء الحظ، فقد حسّن موقعه خلال الايام الماضية، على الاقل في العاصمة، لقد استخدم المرتزقة وسحب المصابين من داخل المستشفيات.
فهل من سبيل للولايات المتحدة والدول الاخرى، لمساعدة ليبيا؟ الجواب: نعم بالتأكيد. اذ سيكون التأثير عكسيا لو نزلت القوات الاميركية والاوروبية على الاراضي الليبية، فهذا سيصب في مصلحة القذافي في زعمه ان ما يجري ليس سوى مؤامرة امبريالية للسيطرة على بلاده. فالحقيقة اننا - بعد تجربة العراق - لا نملك خيارا واقعيا لغزو بلد عربي غني بالنفط.

مسألة وقت
ولكن ما يمكننا فعله هو مواصلة الضغط على القذافي واظهار تصميمنا بأن رحيله مسألة وقت ليس الا. هذا التصميم لن يغير عقلية القذافي، لكنه قد يدفع المزيد من القوات للتخلي عنه، خاصة ان كثيرا من الضباط مترددون.
فحين كنت في مصر الاسبوع الماضي، وبدا وكأن حكومة القذافي على وشك الانهيار، تلقيت مكالمة من طرابلس تفيد ان ضابطا رفيعا رفض اوامر القذافي بمهاجمة المتظاهرين، وطلب مني الضابط اعلان انشقاقه ودعوته لبقية الضباط ان يحذو حذوه، ولكنه طلب ارجاء الاعلان الى ما بعد تأمين عائلته، خوفا من انتقام نظام القذافي.
ولكن بعد ايام، استعاد القذافي الكثير من قوته ومواقعه في طرابلس، فأوقف الضابط الحديث عن الانشقاق، وهذا هو حال آخرين، فهم يخشون على مصير عائلاتهم، ولكن اذا اعطى العالم الخارجي اشارة واضحة بأن ايام القذافي معدودة، فهناك فرصة لان يعصي الكثير من الضباط اوامر قيادتهم.

ملاذ آمن
إن نقل المزيد من القطع البحرية الاميركية الى قبالة السواحل الليبية سيعطي رسالة واضحة بتصميم الولايات المتحدة، وكذلك العقوبات، كما ان فرض حظر جوي سيكون خطوة مفيدة، ويمكن للقوى الغربية ايضا تعطيل الاتصالات العسكرية الليبية.
ومن الافكار التي يجري تداولها في ليبيا، ان يتقاعد القذافي ويترك السلطة لصديقه محمد الزاوي، السفير السابق في بريطانيا، والذي يتمتع بسمعة طيبة كرجل براغماتي يمكنه توحيد القبائل واعتماد نظام حكم ديموقراطي.
وكلما فرض العالم المزيد من الضغط زادت فرض تجنب وقوع الكارثة. ولكن يجب اتاحة المزيد من الخيارات والاماكن امام القذافي، إذ قال لي أحد الاصدقاء الليبيين laquo;يعتقد (اي القذافي) انه طالما لا يوجد امامه ملاذ يلجأ اليه، فإنه سوف يقاتل حتى النهايةraquo;.

القاهرة - نيكولاس كريستوف (نيويورك تايمز)