منشق عن الاخوان يتحدث عن حقيقة دورهم بالثورة.. تحديد مكان زنزانة مبارك بجهنم هو وابو لهب
القاهرة - حسنين كروم
كانت الاخبار والموضوعات الرئيسية في الصحف المصرية الصادرة عن الاستفتاء على التعديلات الدستورية واشتداد الحيرة بين الناس في الموافقة او الرفض، واعتذار مكتب السناتور الامريكي جون كيري عن الخطأ الذي حدث منه عندما خلط بين ثروة القذافي واسرته وبين ثروة مبارك واسرته، والحديث الذي ادلى به المدعي العام العسكري اللواء مدحت، ونفى فيه ما نشرته بعض المواقع الالكترونية والفيس بوك، عن وجود تحقيقات او متهمين في حادث محاولة اغتيال اللواء عمر سليمان نائب الرئيس السابق غير صحيح، ولكن المسؤول الاول الحقيقي عن هذا الخبر كان وزير الخارجية السابق احمد ابو الغيط، الذي صرح لوسائل الاعلام مرتين، انه تمت محاولة للاغتيال، ونشرت الصحف عن اطلاق سراح مائة وثمانية وخمسين من المعتقلين من بينهم محمد الظواهري شقيق ايمن الظواهري، واصدار الجماعة الاسلامية بيانا عن فصل صفوت عبد الغني لخروجه عن مراجعات الجماعة عن نبذ العنف، واحالة عصام دربالة للتحقيق، ورفضها تصريحات لعبود الزمر، وعودة البابا شنودة من امريكا، وزيارة رئيس الوزراء لوزارة الداخلية واجتماعه بالضباط وتهنئته على نجاحهم في استعادة قطع اثرية مسروقة، والقاء القبض على عدد اخر من البلطجية، واستمرار التحقيقات مع الوزراء والمسؤولين السابقين، وتوجيه الاتهام لوزير الداخلية السابق اللواء حبيب العادلي بالمسؤولية عن قتل المتظاهرين. والى بعض مما تحت ايدينا في نهاية الاسبوع.
نفتقدك يا عبد الناصر
حينما ننظر لمبارك
ونبدأ بتوالي ردود الافعال على الرئيس السابق وافراد اسرته، وما ينشر عن ثرواتهم وممتلكاتهم التي تصيب المصريين بحالة هي مزيج من الجنون والحقد، واصبحت تنعكس على ما يكتبونه، وقد كاد زميلنا خفيف الظل ومتعدد القدرات جلال عامر ان يقع ضحية لهذه الحالة، عندما قال يوم الاربعاء في 'المصري اليوم': 'ما سأكتبه اليوم كثيرون يعرفونه واكثر منهم يعرفون انني لست ناصريا، حتى في ملفات مباحث امن الدولة، والاكثر منهم يعترضون على حكم عبد الناصر، لكنني اردت ان اطمئن الشباب بأن مصر وطن عظيم ولا يحكمه دائما اللصوص، بأن اعيد نشر تركة عبد الناصر التي تم حصرها بعد وفاته، بمعرفة الجهات الرسمية، كان راتبه خمسمائة جنيه شهريا، وبدل التمثيل مائة وخمسو وعشرون جنيها، باجمالي 625 جنيها، تصل الى ثلاثمائة وخمسة وتسعين جنيها وستين قرشا وسبعة مليمات بعد استقطاع الخصومات، رصيد في حسابه الشخصي في بنك مصر بمبلغ الفين وسبعمائة وثمانية جنيهات مصرية و273 قرشا و2 سهم في شركة كيما و5 اسهم في شركة مصر للالبان وسند واحد في البنك العقاري و6 جنيهات شهادات استثمارات وسهم واحد في بنك الاتحاد التجاري وسهم واحد في الشركة القومية للاسمنت و3 اسهم في شركة الحديد والصلب بمبلغ 6 جنيهات، كان الهدف من هذه الاسهم، كما اعلن وقتها، هو تشجيع مساهمة المواطنين في الصناعة المصرية الناشئة، وقيمة السهم جنيهان فقط، اما ممتلكاته الشخصية فقد قامت رئاسة الجمهورية بحصرها بعد الوفاة في سجلات رسمية، وكانت كما يلي: 8 احذية، 13 كاميرا للتصوير، الة عرض سينما، بدل ومجموعة كرافتات، وتضمن التسجيل ان عبد الناصر استبدل من معاشه ما يعادل خمسة وثلاثين جنيها لتجهيز زيجات ابنتيه، وكان في جيبه يوم رحيله مبلغ 84 جنيها، وترك الدنيا واسرته لا تملك مسكنا خاصا، وليس لزوجته دخل خاص غير معاشها من زوجها الراحل، واي تغيير بعد وفاته ليس هو مسؤول عنه، ليس الهدف هو الشخص بل استعادة الثقة في هذا الوطن العظيم القادر دائما على انجاب الشرفاء'.
'الاهرام':
صفحة السادات الناصعة
اييه. اييه. وهكذا ذكرنا جلال خفيف الظل بالذي كان يا ما كان، وقد فاته وهو اللبيب اللوذعي ان يسبقه بخالد الذكر جمال عبد الناصر وجل من لا يسهو، والغريب انه في اليوم التالي الخميس، خصص زميلنا في 'الاهرام' شريف العبد، فقرتين من بين اربع عشرة فقرة في بابه الاسبوعي - مواجهات - وهي: '- جيهان السادات، كل التقدير الى زوجك الرئيس الراحل رحمه الله، لقد كانت صفحته ناصعة، ورحل دون ان يمتلك شيئا، واضطررت الى التدريس بالجامعة في الخارج لتواجهي نفقاتك، انه ارتكب خطأ واحدا طوال فترة حكمه لكنه كان خطأ جسيما للغاية ومدمرا؟
- عبد الحكيم عبد الناصر، هل صحيح ان والدك الزعيم رحمه الله، رفض تشييد حمام سباحة بمنزله لارتفاع نفقته، وان والدتك السيدة الفاضلة لم تكن تمتلك اي مجوهرات؟
اريد ان اسألك: لماذا خرجت الجماهير واحتشدت في كل مكان في مصر رافضة قرار والدك بالتنحي، انه الزعيم الذي نال تأييد واحترام شعبه'.
وهذه اسئلة يعرف شريف اجابتها مقدما، ولكنه المكر والخبث، ليتخذها ذريعة لمهاجمة مبارك، وسرعان ما انهمرت الهجمات من كل شكل ولون على مبارك واسرته.
'الوفد' لجمال مبارك:
كان زمان يا روح سوزي
ففي 'وفد' الخميس وصفحته 5، ميدان التحرير التي يشرف عليها زميلنا محمد الشربيني، قالت هناء المداح تعليقا على خبر نشر بأن جمال توعد وزير الكهرباء بعزله لانه رفض التخلي عن ارض الضبعة لاقامة مشروعات سياحية عليها بدلا من المحطة النووية لصالح ابراهيم كامل رجل الاعمال، فقالت هناء ساخرة منه: 'كان زمان يا روح سوزي؟
بهذه الكلمات عبرت بتلقائية على الخبر الذي نشرته احدى الصحف اخيرا والذي يفيد بأن د. حسن يونس وزير الكهرباء، تلقى تهديدا بالعزل من منصبه عبر الهاتف من جمال مبارك ' واكس وفاضح ابيه'.
اذا لم يعط ارض الضبعة المخصصة لبناء المحطات النووية لرجل الاعمال ابراهيم كامل، وصوتي ياللي ما نتيش غرمانة.. يا عينك.. يا جبايرك.. صحيح.. اللي اختشوا ماتوا؟
السؤال الذي يطرح نفسه، ما هو تفسير تلك الجرأة والبجاحة بل والفجور الذي ما زال يمارسه حتى الان روح امه وننوس عينها'.
الجوع للخبز والكرامة
وراء ثورة المصريين
لا، لا ننوس ولا غيره، ولذلك ركز زين كحيلة في نفس العدد على مبارك واقترح عليه ما هو ات: 'يستطيع مبارك ان يسجل لنفسه ولنظامه حق ابتكار نوع جديد من ضحايا الانظمة القمعية، ففي الماضي كان هناك مسجون سياسي دخل السجن او اعتقل بتهمة سياسية بسبب معارضته للحكومة او النظام، اما الان فأصبح هناك ما يعرف بـ'المجنون السياسي'، فعندما لا يجد المواطن المصري قوت يومه، ولا ما ينفق به على اولاده، وفي ظل معيشة اقتصادية واجتماعية متدنية، وفي نفس الوقت هو محروم من الاعتراض او التعبير عن رأيه بصراحة، لم يجد امامه الا ان يفقد عقله، ثم يهيم في الشوارع يعبر عن رأيه في حكومته وحكامه بمنتهى الصراحة والحرية، وساعتها لن يستطيع احد حبسه او اعتقاله، بل اقصى ما يمكن فعله هو ايداعه في مستشفى الامراض العقلية، وبما ان ضحايا مبارك ونظامه كثر اخشى ان الحكومة قد تضطر الى انشاء مستشفى خاص تسميه ' مستشفى مبارك للامراض السياسية'.
اما المشرف على الصفحة محمد الشربيني، فرفض السخرية، وكان اشد غضبا، وهو يقترح، لا لانشاء مستشفى، وانما ان يعمل مرتدا للاموال المهربة، فقال: 'صدعنا خدم الرئيس المخلوع بالحديث عن تكريم جنابه، واخرهم ذلك الذي يعلن عن موافقته على محاكمة مبارك بشرط عدم اهانته، وكأن وقوف المذنب امام القضاء اهانة، فإذا كان وقوف الرئيس السابق اما قاضيه الطبيعي يمكن ان يكون فيه اهانة، فماذا نسمي قيام 'كلب حراسة' جنابه باعتقال الناس دون محاكمة، وخطفهم من فراش نومهم، واذا كان الرئيس وخدمه يريدون تكريما، فلماذا لا ينصحه هؤلاء الخدم بأن يستفيد من القانون فيعيد ما نهبه هو وعائلته ويكون شاهد ملك ويرشد عن كل اللصوص الذين نهبوا مصر في عهده، ويومها لا نريد له سجنا ولا اهانة، بل سندعو له الواحد القهار بأن يقبل توبته ويعفو عنه.
واذا كان الخدم لا يستطيعون ان ينقلوا للرئيس هذه النصيحة، اتمنى من المجلس الاعلى ان يعرضها عليه واعتقد انها صفقة يقبلها الشعب كله،'العفو مقابل اعادة المليارات المنهوبة في عهده'. يا سيادة الرئيس السابق لقد امهلك الله كثيرا، واعطاك اكثر من فرصة للنجاة، وما نعرضه عليك هو الطوق الاخير، والله وحده يعلم ما ينتظرك عنده، وقد تفلت بهذا الطوق مما يردده البعض عن انك ستكون في الزنزانة رقم '26' في النار بينما ابو لهب في الزنزانة ( 6 )'؟
'الوفد' تقرأ طالع مبارك في الكواكب
وتجرنا اماكن الزنازين في جهنم وارقامها الى التحليق في الفضاء بين الكواكب لنقرأ طالع مبارك في اليوم التالي - اي الجمعة - في 'الوفد' ايضا، في حديث نشرته في صفحة الحياة امرأة وطفل - التي تعدها اسبوعيا زميلتنا غادة ماهر، مع بسنت يوسف عضو الجمعية البريطانية لعلم التاروو، اذ قالت عن مبارك واسرته وعلاقتهم بالكواكب: 'كوكب زحل يرمز للسلطة والنفوذ، وهذا الكوكب موجود في برج الميزان، الذي يرمز للعدل والمساواة، مما يعني ان السلطة والنفوذ لابد ان يكون فيها عدل ومساواة، ويوم 25 يناير تحديدا توقف كوكب زحل عن الحركة، ويسمى ذلك فلكيا حركة تراجعية، وامامه في بيت الخصم الحمل. والحمل كبرج معناه الاندفاع والاقدام، وقد دخلت جميعا كوكب المشتري، وهذا الكوكب يحب تضخيم الامور والمبالغة وهو في ذات الوقت كوكب الحظ المطلق، وميلاد الحكم عند الرئيس السابق مبارك بدأ في اكتوبر 1981 بوجود زحل في الميزان، وانتهى في 11 فبراير 2011 بوجود زحل في الميزان، وبما ان اورانس موجود في الحمل وزحل في الميزان حتى 2012 لا استبعد قيام ثورات اخرى، وسوزان ومبارك سيختفيان للابد، ولا استبعد عودة جمال للحياة السياسية مرة ثانية وممكن يرجع للحكم، ولكن باسلوب مختلف، وممكن يرشح نفسه لرئاسة الجمهورية بعد فترتين رئاسيتين، اي بعد ثماني سنوات، وعن علاء مبارك ليس لدي معلومات دقيقة، فلا اعرف برجه او تاريخ ميلاده'.
والان بعد ان عرفنا حقيقة كوكب زحل، وما فعله في تخلي مبارك عن الحكم، بوجوده في الميزان، تذكرنا المثل الشعبي الذي نقوله عند وجود مصيبة لاي شخص' ده انت يومك زحل'.
اول ذكر لايجابيات حسني مبارك
لكن في الحقيقة لم تكن ايام حكم مبارك كلها زحل في زحل، وهو ما نبهتنا اليه امس ايضا زميلتنا في 'الاخبار' امال عبد السلام، ففي عمودها - حديث الناس - في صفحة اخبار الناس، التي يحررها ابو نضارة، احتوى على ست فقرات، خصصت الرابعة منها للدفاع عن مبارك قائلة: 'كفانا استخداما عبارة العهد البائد، وان النظام السابق ما زال يتدخل ويبدل ويلاعب، فهذه العبارات تشعرني باننا لابد اما ان نصمت تماما، او اذا تكلمنا لا بد ان نهاجم ونغلط، وده عيب، فمهما اختلفنا مع الرئيس السابق فلا نستطيع ان ننكر، انه وعلى مدار ثلاثين عاما حكم، كانت توجد ايجابيات، وما يحدث الان من رفع اسماء، وتهجم وانكار، وذكر انه عار علينا بعيد كل البعد عن اخلاق المصريين وشهامتهم ، ولا ايه'.
ومن جانبي لا املك الا ان احييها بسبب شجاعتها، ونحن نقرأ كل يوم عشرات الانهيارات من جانب زملاء واصدقاء صحافيين وكتاب وسياسيين كانوا يرفعون مبارك وابنه وزوجته ونظامه، الى اعلى عليين، وتقبل ضمائرهم توجيه احط الاتهامات الى معارضيه، وتبرير كل الجرائم لنظامه، نراهم الان يتنافسون في مهاجمته، واصبح مبارك واسرته الان كما قال المتنبى، الاقتراب منهم خطر، كأني مطلي به القار اجرب.
طبعا. هذه ليست شهامة ولا رجولة من هؤلاء الفارين، فلو ثبتوا على مواقفهم لن يلحقهم سجن او اذى، بل سيحترمهم خصومهم، لكنهم لا يريدون الشفافية بعد ان حذرهم امس ايضا، زميلنا بـ'الجمهورية' خفيف الظل فرماوي في رسم قال فيه احدهم: - من كتر الشفافية خايف ليتهموني بارتكاب فعل فاضح في الشارع السياسي العام.
حقيقة مشاركة
الاخوان المسلمين بالثورة
والى الاخوان المسلمين والثورة، وتضارب المواقف نحوهم والدورالذي لعبوه في الثورة، وقال عنهم في مجلة 'المصور' المحظور السابق، اسف جدا، اقصد الاخواني السابق والمحامي والكاتب خفيف الظل ثروت الخرباوي الذي حضر مشاهد الثورة في ميدان التحرير: 'في اليوم الاول لم ينزل من جماعة الاخوان الا بعض الشباب، ساهموا ووقفوا وثاروا وثابروا، نعم ظهر ايضا بعض قيادات من الاخوان ذهبوا من باب اثبات الوجود والتوقيع في دفاتر - وليس اجندات - الثورة، اما في يوم جمعة الغضب فأكاد اجزم ان معظم افراد جماعة الاخوان نزلوا الى الشوارع والميادين في كافة المحافظات، اما في القاهرة فقد تقاطروا من كل الميادين الى ميدان التحرير في موقف تاريخي يحسب لهم، ليس الذي يحسب لهم انهم ذهبوا، لكن يحسب لهم انهم لم يرفعوا وقتها شعاراتهم واعلامهم وذابوا في المجموع، هذه اول مرة ارى فيها الاخوان لا يعلنون عن انفسهم، ولكنني رأيت الذي لم اره من قبل، وفي الايام التالية تباينت مواقف الاخوان وفقا للشخصيات التي تصدرت المشهد، ففي الوقت الذي نجح فيه الدكتور صفوت حجازي في ان يفني نفسه بدماثة خلق وجهاد حقيقي من اجل ان تنجح الثورة، الا ان محمد البلتاجي فرض نفسه امام الجميع، وكأنه زعيم الثورة ومحركها، وكان فظا غليظ القلب فانفض شباب الثورة من حوله، ظهر البلتاجي في صورة المتعجرف الذي يرغب في الاستحواذ الذي لا يريد التنسيق مع احد، الامر الذي جعل بعض قيادات الثورة وقيادات الحركات الاحتجاجية يهددون بكتابة بيان يتضمن ادانة سلوك ممثل الاخوان البلتاجي والشباب الذي يحيطون به، مما دعا البلتاجي الى التراجع مؤقتا عن سلوكه الاستحواذي والاعتذار عما بدر منه'.
هل يقلد الاخوان تجربة الجزائر؟
طبعا. كان لابد ان ينفض الناس من حول عضو مكتب الارشاد الدكتور محمد البلتاجي، ما دام - كما قال ثروت - فظا غليظ القلب، لان هذا كلام ربنا سبحانه وتعالى.
وتوالت بعض الشكوك في نوايا الجماعة، ففي 'اخبار' الاربعاء على سبيل المثال، قال زميلنا علاء عبد الهادي وقد غشيه الخوف من الاخوان - المحظورة سابقا: 'كيف تخوض جماعة الاخوان الانتخابات، هل تخوضها وامامها تجربة الجزائر المرعبة التي تحولت فيها جبهة الانقاذ الى حزب بنفس الاسم، وكانت الكارثة التي حلت بالجزائر وكلنا يعرف الباقي، ام تفقد هويتها، وتذوب في السلطة كما حدث عندما مارس الاخوان السلطة في السودان، ام تخوضها كما حدث في الاردن عندما كانت هناك حركة الاخوان وحزب معبر عنها، فلا نفعت الحركة ولا الحزب'.
والمشكلة ان علاء مكن الاخوان منه، بسبب الخطأ في المعلومات، ذلك ان الجبهة الاسلامية للانقاذ في الجزائر غير الاخوان المسلمين هناك، فكان لهم حزب حركة المجتمع الاسلامي، برئاسة المرحوم محفوظ نحناح، وهم تحالفوا مع العسكريين في الاطاحة بجبهة الانقاذ بعد فوزها الكاسح في الانتخابات، وفي السودان لم يحكموا، وهم شيء، وحركة الانقاذ شيء اخر.
وهذا للتوضيح فقط، اما زميله خالد جبر فقد قال وهو يجمع بين الاخواني والحزب الوطني: 'جاء الوقت الذي يضع فيه الاخواني في صندوق الاستفتاء نفس الورقة التي يضعها اعضاء الحزب الوطني، ان كان ما زال هناك حزب يحمل هذا الاسم، الاثنان اتفقا على ان يقولا نعم لحزمة التعديلات الدستورية التي ستطرح للاستفتاء العام السبت القادم.
ومع انني لست اخوانيا ولم اكن وطنيا، الا اننا نلاحظ ان هذا الاتفاق يحمل بالتأكيد سرا لا اعرفه ولا يعرفه احد، فكيف تتفق الجماعة المحظورة سابقا مع الحزب المحظور حاليا على هدف واحد الا اذا كان هناك سر.
الخبثاء يقولون ان الاكتفاء بهذه التعديلات سيمهد لانتخابات برلمانية سريعة سوف تكون الاغلبية لممثلي الجماعة والحزب، هكذا يتوقع الناس بسبب وجود هيكل تنظيمي لهما على الاقل، بينما الاحزاب او الاتجاهات الاخرى التي قد تفرزها الثورة، او حتى اعادة احياء الاحزاب الميتة او المربوطة يحتاج الى وقت طويل'.
صحيح، ما هو السر في ان يتلم المحظور السابق مع المحظور الحالي، بعد تطوير للمثل الشعبي، اتلم المحظور مع خايب الرجا، ولعل هذا - والله اعلم بالنوايا - ما دفع جريدة 'اربع وعشرين ساعة' لان تقول في اليوم التالي - الخميس: 'لا تتعجبوا من بسط الاخوان المسلمين لنفوذهم في مواقع شتى، ان ما يحدث قليل من كثير، وانتظروا ما سيجري خلال الايام والشهور القادمة، لا سيما من الان وحتى موعد انتخابات مجلسي الشعب والشورى ورئيس الجمهورية'.
صفوت الشريف
وراء انهيار المؤسسات الاعلامية
والى المعارك التي تتواصل على كل الجبهات نتيجة الثورة، حيث تعرض صديقنا رئيس مجلس الشورى والامين العام للحزب الوطني الذي كان حاكما، صفوت الشريف، الى هجوم عنيف يوم الاربعاء من زميلنا بـ'الاهرام' ماهر مقلد، جاء فيه عن صفوت ما يلي: 'يتحمل صفوت الشريف مسؤولية الانهيار الذي تمر به المؤسسات الاعلامية، فهو كان يختار كل من يريد وحده دون مراعاة لكل ما ينبغي ان يكون من معايير وضوابط مهنية، ولا يهتم بالقانون من قريب او بعيد، ويهيمن على المجلس الاعلى للصحافة، وكل قيادة صحافية تترك موقعها يتم تعيينها في المجلس الاعلى للصحافة، ابتكر عملية دمج بين المؤسسات الصحافية الخاسرة، دون ان يكلف نفسه مجرد اقالة القيادات التي تسببت في الخسائر الفادحة، لمجرد انه الحاكم الناهي وهذه القيادات تدين له بالولاء.
فتح الباب على مصراعيه امام نجله اشرف صفوت الشريف لكي يعمل في مجال الاعلام والدعاية في التلفزيون المصري، في مخالفة صريحة لاشتراطات منصب وزير الاعلام ورئيس مجلس الشورى والامين العام للحزب الحاكم، كان يهتم فقط بارضاء الرئيس وقرينته، كما لو كان جاء من اجل خدمة الرئيس وقرينته، وهناك قصص كثيرة لا مجال للحديث عنها الان، تحدثت كثيرا عن ريادة الاعلام المصري، ومع مرور الايام تبين ان الريادة غادرت مصر معه، وفقدت مصر موقعها الاعلامي بفعل الريادة المزعومة.
ملف صفوت الشريف ممتلئ ومعقد، الشارع لن يطمئن قبل ان تبدأ لجان التحقيق في فتح هذا الملف لان الوطن تعثر كثيرا بسبب هذا الرجل، والواجب والضمير هو ان نفتح هذا الملف بكل ما يحوي من وثائق ومستندات خطيرة'.
الثلاثي المدمر
الشريف وعزمي وسرور
واذا كان ماهر ركز على صفوت وحده، فان زميلنا في 'عقيدتي' جمال سالم ركز على عدد لا بأس به من المسؤولين السابقين، بسبب شكوكه فيهم، وقال عنهم وهو خائف منهم ومن ألاعيبهم، خاصة صفوت وخفيف الظل فتحي سرور رئيس مجلس الشعب وزكريا عزمي: 'لست مستريحا لبقاء بعض اذناب النظام السابق على الساحة ولو على استحياء، بعد ان انكشف فسادهم وتكشفت جرائمهم للقاصي والداني، حتى ان بعض رموزهم مثل الدكتور احمد فتحي سرور صاحب اشهر كلمة 'موافقة' في تاريخ مصر، رفض استغاثة الرئيس المخلوع حسني مبارك للدفاع عنه وعن اسرته بزعم ان رفضه ينبع من 'المواءمة' باعتباره كان صاحب منصب قيادي في عهده.
اي مغالطة هذه يا دكتور سرور؟ الست مستريحا لبقاء رجل كل العصور صفوت، الذي افسد الحياة السياسية والاعلامية في مصر بعد ان اثبت انه رجل كل العصور وأحد المتورطين في الاعتداء على المتظاهرين.
لست مستريحا لبقاء زكريا عزمي طليقا، بل انه اخرج لسانه للشعب كله حين اعلن انه مكلف من المجلس العسكري بتسيير ديوان رئاسة الجمهورية الذي فيه اسرار الدولة، وكأننا نعطيه الفرصة لاخفاء جرائم النظام السابق بأكمله، بعد ان كان يمثل رئيس الظل وأحد كبار صناع القرار في مصر، فكيف يتوافق هذا مع العقل، مع ان المثل العامي يقول 'حاميها حراميها' وسيكفيه خزيا ان دماء ضحايا العبارة السلام ستظل معلقة في رقبته الى يوم القيامة وسيكون القصاص منه، بعد ان وفر الحماية لصاحبها ممدوح اسماعيل.
لست مستريحا لعدم القاء القبض على عاطف عبيد واحمد نظيف حتى الان، باعتبارهما المسؤولين عن سرقة مصر، سواء بشكل مباشر او توفير الحماية للصوص الذين تفوقوا على الشياطين في توفير الحماية القانونية لمظاهر فسادهم'.
فساد الاعلاميين وتحولاتهم
ولا تزال معارك الثورة متواصلة ومشتعلة بين زملائنا، ففي 'الاهالي' - لسان حال حزب التجمع - يوم الاربعاء، شن سامح فهمي هجوما عنيفا على زميلنا بـ'الاهرام' سيد علي، والذي يقدم مع الاعلامية هناء السمري، برنامجا تلفزيونيا، هو 48 ساعة في قناة المحور الخاصة المملوكة لرجل الاعمال وعضو امانة سياسات الحزب الوطني، صديقنا حسن راتب، يومي الخميس والجمعة، وكان الاثنان سيد وهناء قد اثارا سخطا واسعا عندما عرضا فتاة ادعت انها من قيادات الثورة، وعميلة لجهات اجنبية، واتضح انها محررة في جريدة '24 ساعة'، التي سارعت بفصلها، المهم ان سامح قال عن سيد والشرر يتطاير من عينيه: 'الاستاذ سيد اراد ان يكفر عن ذنوبه واخطائه في حق الثورة والثوار، وبدلا من ان يعتذر عما ارتكبه من خطايا على الهواء في برنامجه بقناة المحور المعروفة بقناة الحزب الوطني، راح يصف في عموده، كل المصريين بالفساد لان الخوف على الرزق ومن الحزب الوطني كان يسيطر عليهم.
يبدو انه يتحدث عن خوفه هو على رزقه الواسع، وخشيته من سطوة الحزب الوطني الذي كان مهيمنا على عدد من القنوات الفضائية، لذلك تحاور بعمق مع مرتزقة الحزب الوطني مباشرة، وافسح لهم مساحات واسعة لمهاجمة وانتقاد المتظاهرين بميدان التحرير ووصفهم بأبشع الالفاظ، مما دفع الممثل الشاب احمد عيد للاتصال بالبرنامج طالبا ايقاف هذه المهزلة. الان وبعد نجاح الثورة يحاول 'سيد بك' ان يعمم ما يتصف به على جموع الشعب المصري الذي خرج لتحطيم القيود واسقاط النظام، ولان الطبع يغلب التطبع فقد انتقل بسرعة لممارسة ما تعود عليه بالدفاع عن السلطة متمثلة حاليا في الجيش المصري مدعيا انه السبب في اندلاع الثورة، وامتلاء العمود الطويل بالتلميح والتصريح بسلبيات الثورة والتهجم على مطالب الثوار، انها بقايا العهد البائد تلقى بالسموم على صفحات الصحف القومية التي لا بد يوما ان تعود ملكيتها للشعب'.
هو احنا كنا مؤيدين
لمبارك ولا معارضين له
وفي اليوم التالي - الخميس - كاد زميلنا وصديقنا متعدد المواهب بلال فضل، رغم خبرته بنفوس البشر وطبائعهم، والتي تتضح من افلامه ومسلسلاته التي يكتبها، فانه وقف يوم الخميس محتارا ومذهولا من عميد كلية الاعلام بجامعة القاهرة وعضو امانة السياسات بالحزب الوطني، واحد ابرز مصممي حملاته الاعلامية، وكان من اكثر المهاجمين للثورة في عموده اليومي بجريدة 'روز اليوسف'، والســــبب ما سمعه بلال من سامي اثناء لقاء اعضاء من المجلس العسكري بعدد من المثقــــفين، قال بلال وقد رأيت عينيه تتسعان من خلف زجاج نظارته: 'وعندما جاء الدور في الكلمة على الدكتور سامي عبد العزيز عميد كلية الاعلام بجامعة القاهرة واحد قيادات الحزب الوطني الاعلامية البارزة وعضو لجنة السياسات المشبوهة، والذي قام قبل نجاح الثورة بمهاجمة ثــــوارها اصحاب الاجندات الخارجية، لذلك فوجئت عندما امتطى سيادته الميــكروفون والقى خطــــابا حماسيا في هجاء عهد مبارك الذي ساده الفساد والظــــلم والزيف والنفاق، مادحا ثورة 25 يناير التي انقذت البلاد والعباد من مبارك وعهده، وكان حديثــــه مؤثرا لدرجة انني اصبت بفقدان مؤقت للذاكرة، 'وميلت' على الصديق عمرو الشوبكي وسألته 'معلش فكرني.. هو احنا كنا مؤيدين لمبارك ولا معارضين له'.
للامانة لم ينفرد الدكتور سامي بهذا الموقف الفريد، فقد شاركه فيه عدد من مثقفي العهد البائد والبائخ، الذين حضروا اللقاء لكنه تفوق عليهم عندما قدم في كلمته ما يشبه عرضحال لطلب وظيفة، حين طالب المجلس الاعلى بأن يستعين في صياغة خطاباته الاعلامية بمن وصفهم بالمحترفين في الاعلام، للتأثير على الرأي العام والوصول الى قلوب الناس، ثم انصرف بعد قليل من القاء كلمته التي كان ذلك الطلب فيما يبدو هدفها الاساسي'.
حزب واحقاد الثورة هو حزب مصر الام
وفي اليوم التالي مباشرة - الجمعة - نشرت 'المصري' ردا من الدكتور سامي، جاء فيه: 'فيما يتعلق بحديثي في اللقاء الذي دعا اليه المجلس الاعلى للقوات المسلحة، فقد قلت نصا وحرفيا 'ان ما حدث في 25 يناير كان زلزالا اسقط ما بداخله من انتماءات حزبية وتوجهات ايديولوجية سابقة، وجعلنا جميعا ننتمي الى حزب واحد، هو حزب مصر الام'.
فهل هذا هو التزلف الذي اشار اليه الكاتب، اليست هذه حقيقة يشعر بها الجميع في مصر، وهل كانت الثورة حكرا على الكاتب، او قصرا على اصدقائه من المفكرين والكتاب، ان هذه الطريقة من التفكير الاقصائي والتخويني المعيب، هي اكثر ما يسيء الى الثورة والى اصحابها، لو كان يدري الكاتب الهمام، وفيما يتعلق بمطالبتي بأن تكون البيانات الصادرة عن الجيش، او عن غيره من المؤسسات مكتوبة باسلوب احترافي، وبواسطة محترفين في هذا المجال، فهذه ليست بدعة ابتدعها، بل هي اسلوب مطبق في كثير من دول العالم المتقدمة'.
وفي الحقيقة فأنني انصح بلال ان لا يستمر في هذه المعركة، لانه لا يدري بما فيه الكفاية طبيعتهم، وقدراتهم على تغيير المواقف بسرعة، اما اذا كان مصمما على الاستمرار، فما عليه الا ان يورد مقتطفات من تحليلات سامي لخطابات جمال مبارك، فقط دون اي تعليق منه، وبالله التوفيق.
التعليقات