عبدالله بن بجاد العتيبي


يمكن لمن يراقب السياسة الخارجية السعودية مؤخراً رصد عدة مؤشرات تدل على أن الدور السعودي في المنطقة آخذ في المزيد من الفاعلية والحراك إقليميا وعربيا ودوليا في ظل اضطرابات كثيرة في المنطقة لم تزل أجزاء منها عصية على الفهم والتفسير.
تحرك السعودية على هذا المستوى العالمي دليل على رؤية شاملة لمشكلات المنطقة ومشكلات العالم، وأنها تمتلك الوعي الكافي خلال ضباب المشهد الحالي لتقوم بتحركاتها وتبني سياساتها بما يضمن مصالح بلادها وحلفائها، وتذكير في الوقت ذاته للأعداء والمتشككين القريب منهم والبعيد بأن للسعودية دورها الكبير والمؤثر في أي حراك في المنطقة أو سياسات في العالم تستهدف الوضع في الشرق الأوسط.
لذلك لا يمكن تفسير ذلك بأن السعودية تجري اختباراً لمدى قوتها وقوة تحالفاتها في المنطقة والعالم؟ لأنها قد تجاوزت هذه المرحلة لتعبر عن خطة ما واستراتيجية جديدة وحيوية تتجاوز اللحظة التاريخية الراهنة للمستقبل عبر استيعاب واع للدروس المستفادة من كل الاضطراب الحادث في الشرق الأوسط؟
تظل الرؤية الحاسمة لدى صانع القرار في السعودية، ويبقى للمراقبين الرصد والقراءة والتحليل، ويظل الوعي بالتاريخ وروحه المتطورة شاهداً صامتاً في المشهد العام، إما أن تصدقه الوقائع على الأرض أو تكذبه.
كانت المرحلة السابقة في المنطقة تشير لمحورين أساسيين هما محور الاعتدال ومحور الممانعة، ولكن هذا أصبح من الماضي اليوم، وأضحت على الأرض وقائع أخرى وموازين مختلفة ووقائع مضطربة وتخلقات جديدة، ومن هنا يمكن القول بأن الوعي يجنح باتجاه النظر للمستقبل بعيداً عن ثوابت الحاضر ومعطياته، وأن القدرة لم تعد على استيعاب المشهد بل على المشاركة في صناعته.
أخيراً، هذه الرؤية إن تكاملت شروطها، فسنرى سعودية جديدة فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، تكون المبادرة قائدها والفعل لا ردة الفعل رائدها، وهو ما نتمنى أن يكون سريعاً وشاملا ودائماً.