منى فهد العبدالرزاق الوهيب

أحداث متلاحقة متتالية متعاقبة نصبح على حدث ونمسي على حدث آخر، أصبحت الأحداث مثل الهواء والماء للشعوب، ما يهمني الآن الأحداث التي تمر بها بلدي، كنا في السابق نطالب وندندن حول المضي بخطة التنمية وتحريك عجلة التنمية للارتقاء بالبلد ومواكبة العالم في التطور والنهوض لتصبح الكويت في مصاف بلدان العالم المتقدمة.
فوجئنا بأحداث العالم وأصبحت الثورات على الأنظمة مرضا وعلة معدية وتنتقل العدوى من بلد إلى آخر، إلى أن وصل هذا السقم إلى بلدي الكويت، نحن لسنا ضد المظاهرات السلمية ولسنا ضد التعبير عن الآراء ولكننا تنقصنا الخبرة والدراية في اختيار المكان والزمان المناسبين لإقامة المظاهرات والخروج للشارع بالمطالبات، حتى لا يفهم العالم الخارجي مظاهراتنا السلمية ثورة وخروجا على النظام، ونحن على يقين بأن الأفهام والادراك تختلف باختلاف الأشخاص وأنماط تفكيرهم، لهذا ما كان يجب علينا الخروج إلى الشارع بمطالبات في الوقت الراهن، حتى لا نفهم خطأ ونحن في الكويت بإمكاننا أن نطالب بما نريد من خلال إقامة الندوات والملتقيات في أماكن مغلقة وفي أي وقت نشاء وليس بالنزول إلى الشارع سواء كانت هذه المطالبات بحقوق إنسانية أو حقوق مدنية أو حقوق سياسية.
وما تمر به البلاد من احتقان طائفي لا يحتمل المبالغة في تصعيد الأمور وتأجيج الشارع بمطالبات طائفية،الطائفية وما أدراك ما الطائفية! فقد حرقت الأخضر واليابس في لبنان والعراق وغيرها من البلدان، لماذا لا نعتبر من الأحداث التاريخية؟ الطائفية هي بحد ذاتها تعصب أعمى وتسبب سلب حقوق الآخرين سواء كانت هذه الطائفية مذهبية أو حزبية أو قبلية أو عائلية فهي مرفوضة بكل صورها، والمطالبة بتغيير النظام العام وإيقاد وإضرام الفتن مرفوض قلباً وقالباً.
كلنا يعلم أن النظام السائد في البلاد نظام دستوري وأحد مصادره الشريعة الإسلامية، ومذهب أهل بيت الحكم مذهب أهل السنة والجماعة، فلماذا تحول المشهد من مطالبات بإصلاحات سياسية إلى مشهد بمطالبات مذهبية طائفية، لماذا نؤصل فينا مبدأ فرق تسد وإشعال نيران الطائفية، إن الطائفية شيء مذموم وليس شيئا محمودا حتى نؤصله ونتشربه ونورثه للأجيال، وللطائفية أسباب عدة منها: الجهل بالآخرين أي عدم فهم الآخرين الفهم الصحيح وعليه نبني مفاهيمنا وقناعاتنا على أسس خاطئة من الفهم السقيم للآخرين، ومن أهم أسباب تثبيت الطائفية في المجتمع الإعلام الهابط الذي يؤثر تأثيراً سلبياً على مستقبل الدول وينشر ويعزز ثقافة الكراهية بين مكونات المجتمع ويشق صف الوحدة الوطنية.
إن الإعلام كسلطة رابعة يجب أن يعلمنا المبادئ والأخلاق السلوكية المستمدة من الشريعة الإسلامية، وكيف نتثبت من الحقائق وإبرازها وليس لاستغلالها بإشاعة ثقافة الطائفية وصدع الوحدة الوطنية، وللأسف كان للسلطة التنفيذية دور كبير في توظيف الخلافات لتعزيز الطائفية للخروج من مأزق الاستجوابات، وقد تجاوزت السلطة التنفيذية في الأعوام الأخيرة كل الخطوط الحمراء للتعامل مع مكونات المجتمع، ولهذا نحن كمواطنين قبل أن نكون ناشطين أو أعضاء في مؤسسات المجتمع المدني نطالب بسياسات حازمة صارمة وقوانين رادعة اتجاه من يثير الطائفية أو يحرض عليها، ونرغب في نشر ثقافة التقارب بين المذاهب ونبذ الطرح المذهبي الطائفي الذي يحرض على إلغاء الآخر من الساحة وهذا الشيء الذي ما كان ولن يكون في تاريخ الأمم.