سلمان الدوسري
منذ قرار مجلس التعاون الخليجي، بالدعوة لحظر جوي فوق ليبيا، ثم تقديم دعم هائل للبحرين وعمان بقيمة 20 مليار دولار، قبل أن يسمي المجلس، أخيرا، الأمور بأسمائها، ويتهم طهران صراحة، بأنها laquo;تتآمرraquo; ضد دول المجلس، وlaquo;تبث الفتنةraquo; وlaquo;الفرقة الطائفيةraquo;.. كل هذه التحولات، إذا صح التعبير، في القرار الخليجي، شكلت مفاجأة إيجابية لدى الشارع الخليجي الذي شبع من الدبلوماسية المملة التي طغت على مواقف المجلس السياسية، ولم تعد تتناسب مع مكانته التي تزداد رسوخا وقوة بعد أكثر من ثلاثة عقود على تأسيسه.
وحتى تكتمل المفاجأة الخليجية، جاء قرار المجلس بتقديم مبادرة شجاعة وجريئة، تنص على تنحي الرئيس اليمني، لن ندخل في تفاصيل هذه المبادرة، أو توقيتها، أو حتى ما ستسفر عنه، لكن الأكيد أنها كانت مفاجأة رائعة للخليجيين الذين انتظروا طويلا لكي يخطو مجلسهم مثل هذه الخطوة المتقدمة، دون الركون إلى خانة الانتظار لما سيأتي. خطوة حاسمة، لا يمكن لغير مجلس التعاون أن يقوم بها.
بالأفعال، لا بالأقوال، أتى الدور لكي تضع دول التعاون قدمها، وترفع صوتها، بما يتناسب مع قوتها السياسية والاقتصادية وحتى العسكرية. انتهى الزمن الذي يخرج جار، للأسف إنه جار، مثل إيران، يهذي صباح مساء، مغترا بقوة كرتونية. أكبر ذنب دول الخليج أنها لا تتعامل معها بـlaquo;بروباغنداraquo;، كما هي طهران. وإلا فلنعد إلى ما قاله قائد قوات درع الجزيرة اللواء مطلق الأزيمع، عبر حقائق مثبتة، من أن قوات دول المجلس مجتمعة تعد القوة العسكرية الأفضل في العالم بعد الناتو (راجع laquo;الشرق الأوسطraquo; 27 مارس/ آذار الماضي). فهل يمكن أن تخدعنا دولة لم تستطع حتى مواجهة (دودة) عندما تعطل برنامجها النووي بسببها؟!
بكل تأكيد، ليست هذه دعوة لكي تستعرض دول الخليج قوتها العسكرية أو السياسية، أو الدخول في مغامرات غير محسوبة، لكن الظروف العربية الراهنة، أثبتت أن هذا التجمع الإقليمي الذي فرض نفسه أمام كل ما واجهه من تحولات خطيرة، آن الأوان له لكي يبقى الرقم الصعب في أي تعامل مستقبلي مع كل الأطراف. ما دام أن إيران جارتنا، ولا نستطيع تغيير الجغرافيا، فلا بد من الحزم مع أطماع الدولة الفارسية. من غير المنطق أن تستمر دول الخليج في مسايرتها، بينما هي تطعن بين الحين والآخر في قلب المجتمعات الخليجية. ماذا ننتظر من دولة تكذب وتكذب حتى تصل لمرحلة لا تخجل فيها من القول إن القوات السعودية ترتكب laquo;مجازر مروعةraquo; في البحرين؟ هل الصمت هو الأفضل بعد الكشف عن 8 شبكات تجسس إيرانية في الكويت؟ وماذا عن تدخلها في البحرين بشكل لا يقبل التأويل، وسعيها المستمر لخلق الفوضى وحبك المؤامرات؟
التحركات الدبلوماسية الخليجية الأخيرة، أتت في لحظة ظن الكثيرون أن المجلس سيبقى، كما كان، خارج الحسابات الدولية والإقليمية، لكن التحديات والمخاطر التي تطوق دول المجلس الست، كما لم يحدث مسبقا، أخرجت المارد من قمقم السكون، وأحيت الروح في الشارع الخليجي، الذي لم يكن يوما فخورا بمجلسه كما هو اليوم، ولسان حاله يقول: أهلا بمجلسكم في نادي الأقوياء.
التعليقات