فيصل الشيخ
البحرين تحتاج اليوم إلى قرار حاسم بتفكيك ''الشبكات'' التي أنشئت لتؤسس ''تحت الأرض'' أرضية لإنشاء ''دولة بداخل الدولة'' في استنساخ مشابه تماماً لوضعية حزب الله في لبنان. أكبر هذه التنظيمات هو ما يسمى بـ''المجلس العلمائي''، وهو مجلس ''غير شرعي'' بحكم دستور البحرين، وله ''اليد الطولى'' في كثير من الأمور التي أججت الشارع وتسببت بانفلاته في مرات عديدة، وآخرها ما حصل خلال الشهر الماضي، والذي من الاستحالة ألا يكون له ارتباط -أي المجلس- بما حصل بأي مستوى كان. قبل أسبوعين تقريباً تردد بأن أمين عام الوفاق علي سلمان كان على وشك الخروج بتصريح يوجه فيه اعتذاراً لجلالة الملك وشعب البحرين على ما حصل من فوضى وإرهاب كان للوفاق تأثير كبير فيه، إلا أنه في اللحظة الأخيرة تم منعه من ذلك من قبل ''المجلس العلمائي'' ومن قبل مرجع الوفاق الشيخ عيسى قاسم. في بدايات الأزمة لو تذكرون، وتحديداً في ليلة إخلاء الدوار للمرة الأولى، كان هناك اجتماع جمع علي سلمان بأطراف في الدولة تم فيه إخطاره بضرورة دعوة الناس لترك مواقعهم في الدوار، فكان رده بأن عليه استشارة المرجعية، في إشارة إلى قاسم. المسألة واضحة تماماً، وتتردد في شارع الوفاق قبل الجهات الأخرى، بأن مرجع الوفاق هو من يحرك الجمعية يمنة ويسرة، وهو من بيده أن يدفع الناس للهيجان خاصة من يتبعونه بطريقة لا تقبل الجدل أو النقاش، وهو من بيده أن يضمن تهدئة الأمور لو أراد، وللأسف الجزئية الأخيرة هي التي لا تحصل أبداً، بل مرجع الوفاق والرئيس السابق للمجلس العلمائي هو من يمارس اليوم دوراً واضحاً في تأجيج الوضع عبر الخطاب التحريضي. تذكرون ما حصل في تلك الفترة التي طرح فيها قانون الأسرة، حينما قال الشيخ قاسم بأنه سيحرك الشارع الشيعي ضد القانون، وأنه بسهولة يمكنه أن يخرج أكثر من عشرة آلاف متظاهر في سترة فقط للوقوف ضد القانون. هو كان رئيس المجلس العلمائي، لكن عملية تبادل الأدوار واضحة، عبر تخليه عن المنصب ووجوده على مسافة ليست بعيدة عن المجلس. ماذا يفعل المجلس العلمائي غير الشرعي اليوم في البحرين؟! سؤال إجابته سهلة جداً قياساً على ما يحصل على الأرض، وبناء على التصريحات التي تصدر عنه. هو يقوم بدوره في عملية ''تصدير الثورة''، وتعرفون ما هي ''الثورة'' التي نعنيها هنا. وهو من يمضي ليؤسس لـ''ولاية الفقيه'' بشكل صارخ، حتى لو خرج علي سلمان وغيره لينفي ذلك ويحلف بأغلظ الأيمان، إلا أن الشواهد تؤكد عكس هذا النفي المتكرر، والدليل ما حصل في الانتخابات الأخيرة، وعملية منح ''صكوك'' الترشح لأشخاص لا يفترض بالشارع الوفاقي أن يناقش فيها حتى لو لم يكن على قناعة. العلامة السيد محمد حسين فضل الله قال في ولاية الفقيه إنها: ''نظرية فقهية اجتهادية يختلف فقهاء الشيعة حولها، وهي ليست من العقيدة، والكثير من الفقهاء لا يرى الولاية المطلقة''. هذا قوله وإن كان البعض لا يعترف به فقط لأنه يعارض ما يريد فهمه، وما يخالف تحقيق مصلحته فهذه ''كارثة''، لكن الشاهد في المسألة أنها -أي ولاية الفقيه- مسألة تؤسس لـ''الحكم السياسي'' لا للوعي الديني الفقهي. اليوم هناك كثير من أبناء الطائفة الشيعية الكريمة سواء العرب أو من ذوي الأصول الفارسية (العجم) تضرروا أيما ضرر مما حصل خلال الأزمة، وأعني الذين يرفضون مناهضة الدولة والإساءة لرموزها وأن تتحول البحرين إلى بؤرة إرهاب يمارس فيها التدمير والخراب، هؤلاء تعرضوا إلى ''أشنع'' أنواع الظلم، خاصة ممن استغلوا ''المذهب'' وحولوا ما حصل في البحرين ''زوراً وبهتاناً'' على أنه تحرك ''شيعي'' وحاولوا في جانب آخر إقحام الشارع السني فيه بالقوة، بالتدليل على شخصيات محسوبة على أصابع اليد، لو تمعنا فيها لوجدناها منتمية أكثر للتيار الليبرالي لا إلى الشارع السني الديني. قبل أن أواصل الحديث عن المجلس العلمائي، يدفعنا المنطق والعقل إلى بيان مسألة هامة هنا، تعني إخواننا في الطائفة الشيعية خاصة ممن ولاؤهم للأرض وقادتنا ومن يرفضون ما حصل جملة وتفصيلاً، إذ هؤلاء لا ينبغي أن يشملهم ''التعميم الظالم''، وهي للأسف مسألة حاصلة، وكأنها تأتي ''نقمة'' على المذهب، في حين أن الأساس هو انتقاد التوجه السياسي أياً كان أصحابه ممن ناهضوا الدولة وطالبوا بإسقاط النظام وأرهبوا الناس، إذ من الظلم أن تكون جريرة أي شخص مرتبطة بمذهبه، بالتالي على البعض إدراك حجم الخطأ الذي يقعون فيه لو استمروا في ممارسة التعميم، في مقابل ذلك ينبغي على من يرفض كل الإساءة وما حصل من ممارسات أن يكون صوته مسموعاً وواضحاً، لا أن يكتفي بالقول ''هامساً'' بأننا نرفض وهؤلاء لا يمثلوننا، إذ من سيعرف موقفك لو أبقيته في صدرك وكأنه أحد الأسرار؟! عودة للمجلس العلمائي، إذ من حق المتضررين منه، وأعني الدولة ومكونات المجتمع الأخرى المطالبة بحله، خاصة وأنه لا يمتلك الشرعية باعتباره غير رسمي بحكم القانون، ومن يتحدث باسمه لا يعترف بالدستور وهو مبين في تصريحاته، وهنا أقول بالله عليكم أي دولة في العالم نجد فيها سكوتاً وصمتاً على تنظيمات أياً كانت، جمعيات أحزاب وغيرها، أي دولة تقبل بأن تتشكل فيها تجمعات تصرح بشكل جهوري بأنها لا تعترف بالدستور؟! عملية ترك الحبل على الغارب لجهات معينة وفئات محدودة لفرض رؤاها على المجتمع والدولة، وأن تقرر ما تريد أخذه من القانون والنظام حسبما يخدم مصلحتها، هذه عملية مرفوضة ويجب أن يوضع لها حد عاجل. لا نريد أي استنساخ هنا لحالات أحزاب في الخارج نجحت في تأسيس ''دولة داخل دولة''، ولا نريد تصديراً لأي ثورة، خاصة تلك التي في الشمال والتي ترون تداعياتها -رغم مساعي إخفاء حقيقة ما يتعرض له الناس هناك- بالتالي لا نريد بقاء لأي تكتل غير شرعي يضرب وجوده القانون في مقتل. ختاماً أقول لمن سيستاء، وسيرى في الشيخ عيسى قاسم رمزاً لا يجب المساس به، بأننا لم نسيء للرجل لا بالشتم أو التسقيط أو التطاول أو الاستهزاء، بل نوجه له ''النقد المباح'' القائم على احترام مكانته كرجل دين. ندرك تماماً بأن البعض لن يقبل على الشيخ ويرفض حتى انتقاده، بالتالي من حقنا القول أيضاً بأننا لدينا رموزنا الممثلة بقادة البلد على رأسهم جلالة الملك حفظه الله، قادتنا تعرضوا للشتم والإساءة والتسقيط والتطاول بالشعارات والرموز، وهو ما لم نفعله برموز الآخرين، بالتالي أليس من حقنا رفض ما طالهم؟! أليس من حقنا رد الإساءة بمثلها، إن سلمنا بأن ما قام به البعض أمر يعتبره من حرية الرأي؟! والله ستقوم القيامة لأن هؤلاء انتقائيون، يبيحون لأنفسهم شتم الناس ولا يقبلون بتوجيه النقد لهم، لا الشتائم والتسقيط. اتحاد الطائرة يوضح.. ونحن نريد الخطاب raquo;الأصليlaquo; تلقيت اتصالاً من رئيس اتحاد الطاولة الشيخ علي بن محمد آل خليفة تعقيباً على ما كتبناه بالأمس هنا، مبيناً بأن القضية المشار لها لم تتضمن إشارة لدخول قوات درع الجزيرة كسبب من أسباب الانسحاب الذي قام به أحد الأندية، وأن الاتحاد قرر في اجتماع له ''ليلة أمس الأول'' وأصدر بياناً نشرته الجرائد بالأمس، قرر شطب كل من شارك في مسيرة الرياضيين بالدوار وصدق على إجراءات الأندية بشأن بعض منتسبيها المعنيين باللعبة، وأن بعض اللاعبين في المنتخب تم شطبهم، وسحب بطاقات بعض المدربين وإيقافهم مدى الحياة، مبيناً بأن الاتحاد أصدر جدول مسابقاته وأنه حسب اللائحة من سيتخلف مباراتين سيشطب وسيرجع الموسم القادم من الدرجة الثانية. عموماً أنشر توضيح رئيس الاتحاد هنا، وأعقب بأن رغبتنا صريحة بشأن إفادتنا بنسخة من الخطاب الذي وجهه النادي المعني للاتحاد حتى تطمئن قلوبنا، وأتمنى تزويدنا بالخطاب الأصلي (الذي وصل لعلمنا بأنه أعيد للنادي تفادياً لتضرره منه) إذ لن نقبل بأن يساء لدرع الجزيرة من أي كيان في البلد، إذ فيه إساءة أساساً لقيادة البحرين. من جانب آخر أتمنى من أي جهة تتخذ قرارات بشأن ما حصل ألا تكون ردة فعلها غير مواكبة للحدث، بل إن تكون الإجراءات سريعة وحازمة وأن يعلن عنها بسرعة على الملأ، تجنباً لأي تأويلات أو تناقل للكلام
التعليقات