محمد كعوش

كم أغاظني المشهد, عندما رأيت السناتور جون ماكين في بنغازي. لقد غابت الولايات المتحدة عن مسرح العمليات الجوية وانسحبت وتراجعت ولم تلتزم بقرار مجلس الأمن الذي أقر الحظر الجوي الليبي وحماية المدنيين في ليبيا. وها هي الآن تحضر لاقتناص لحظة التغيير!!

الشعب الليبي ارادها ثورة جماعية جماهيرية سلمية, لأن لا احد في ليبيا او في بلاد العرب يسعد لسفك الدماء, فالكل ارادها سلمية لا ظلم فيها ولا دماء ولا شهداء ولا ضحايا, لكن النظام الاستبدادي الذي يكره الحرية بكل اشكالها ومضامينها يضطهد كل من يعشق الحرية وينادي بالديمقراطية والكرامة وحقوق الانسان. هذا النظام حولها الى اشتباك مسلح سال فيه دم الشعب الليبي في شوارع المدن. وحوّل بعضها الى ارض محروقة.

هذا الواقع المؤسف فتح الابواب امام تدخل دول اجنبية تحت عناوين انسانية تجاهلها النظام القاسي المتشدد الدموي.

جاء جون ماكين الى بنغازي, وبعده سيصل الرئيس الفرنسي ساركوزي تحت شعار دعم المجلس الانتقالي والثورة الشعبية, ولكن هذه الزيارات تثير الريبة, فهذه الدول التي لم تؤد دورها الجدي في حماية المدنيين بالضربات الجوية, وتقاعست عن تأدية واجبها الانساني, يهرول قادتها وسياسيوها لزيارة بنغازي الآن, وهي زيارات غير مريحة لأنها تصاحب ارسال مستشارين ومدربين عسكريين غربيين, ونخشى ان يكون تمهيداً لعمليات برية, او تهيئة المسرح لغزو عسكري يؤدي الى احتلال ليبيا!!

ولأننا نعرف ان الشعب الليبي الواحد يرفض دخول جيوش اجنبية, قد تكون هذه الزيارات تكريساً لتقسيم البلاد بتعزيز الامر الواقع بحيث تقوم ليبيا الشرقية وعاصمتها بنغازي وليبيا الغربية وعاصمتها طرابلس, او على الاقل انعاش فكرة التقسيم الجهوي, كما حدث في العراق عقب الاحتلال, حين عززت جيوش الاحتلال فكرة تقسيم العراق طائفيا وعرقياً..

ولكن في كل الاحوال نحن نراهن على وعي الشعب الليبي, وقيادة ثورته, برفض كل ما يحمله الزوار من خطط مشبوهة, او افكار مسمومة مغلفة بالمشاعر الانسانية المزيّفة!!0