عدنان السيد
من دون أدنى شك، يُعد اتفاق المصالحة بين حركتي فتح وحماس، الموقّع في القاهرة يوم الأربعاء 27 نيسان/إبريل ،2011 إنجازاً للثورة المصرية .
صحيح أن القاهرة سعت منذ سنوات لتحقيق المصالحة . وتوصلت الى وثيقة في تشرين الأول/ أكتوبر ،2009 عُرفت باسم ورقة المصالحة المصرية . وتضمّنت بنوداً لإصلاح منظمة التحرير الفلسطينية، والانتخابات، والمصالحة، ولجنة تنفيذية مشتركة، ومعالجة مشكلة الأسرى . بيد أن الصحيح كذلك هو عدم تمكن الحكم المصري السابق من إنجاز المصالحة التاريخية .
الحكم الانتقالي الجديد هو الذي تمكّن من إنجاز هذه المهمة، بضغط من الشعب المصري صانع الثورة الجديدة، ثورة 25 يناير . إنها نقطة إيجابية لصالح الثورة والثوار، والأسباب كثيرة:
1- لا تستطيع الثورة المصرية ممارسة ضغط على الفلسطينيين حتى يرضخوا للشروط ldquo;الإسرائيليةrdquo; . وهي غير قادرة، بل لا تريد محاصرة قطاع غزة . إنها لحظة فك الحصار على الرغم من التهويل ldquo;الإسرائيليrdquo; المستمر .
2- صحيح أن كرامة الشعب المصري، وحقه في الحياة الحرة الكريمة من الأسباب الأولى للثورة على نظام الرئيس حسني مبارك . بيد أن الصحيح كذلك هو انتصار المصريين لانتمائهم العربي، ولحق شعب فلسطين في الاستقلال والتحرر، وإقامة الدولة الفلسطينية . كثيرون من المصريين يسألون عن دور مصر في محيطها العربي بعدما كانت القاهرة العاصمة الطبيعية للعرب في العصر الحديث؟
3- أدرك الثوار المصريون حقيقة مصالحهم التجارية والاقتصادية والأمنية، من خلال علاقات مستقرة مع الدول العربية . وهم لذلك بعيدون عن المحاور، والتبعية السياسية على الرغم من الظروف الدقيقة التي تمر بها مصر كدولة وكمجتمع .
4- أخفقت الإدارة الأمريكية في الضغط على حكومة نتنياهو لوقف الاستيطان والشروع في التفاوض على قضايا الوضع النهائي . وتراجعت أعمال اللجنة الرباعية الدولية الى أدنى حدود التأثير في العملية السلمية . كان لا بد والحال هذه من تحريك الجمود بإتجاه إحياء فرصة إقامة الدولة المستقلة .
يبقى الموقف الفلسطيني هو الأساس في المصالحة المرجوّة . ولا يجوز أن يبقى الصراع على السلطة متحكماً بحركتي فتح وحماس . فالانتخابات ليست للاستئثار أو لتصفية حسابات ثأرية، بل هي عملية ديمقراطية تعكس إرادة الشعب أو هكذا يجب أن تكون . وإنهاء الحصار ldquo;الإسرائيليrdquo; لقطاع غزة مطلب عالمي إنساني، فكيف يحاصر فريق فلسطيني فريقاً آخر من أبناء الوطن؟ وإعادة هيكلة منظمة التحرير مطلب شعبي فلسطيني عام، ولا يحق لحركة فتح على الرغم من سجلّها التأسيسي أن تحتكر لنفسها العضوية والقيادة، ثمة فصائل أساسية يجب ان تشارك معها .
هذه الملاحظات، وغيرها، مطروحة اليوم على بساط البحث الفلسطيني . وتستطيع القاهرة ان تساعد الفلسطينيين على تجاوز الانقسام، بعدما استعادت ثقة العرب بدورها .
التعليقات