محمد عبيد

كان حرياً بالرئيس اليمني علي عبدالله صالح أن يضع جانباً مناورات رؤساء سابقين. وألا يحاول استنساخ تجاربهم. ويستمع إلى صوت العقل. بدلاً من التلاعب بالمصطلحات والمناورة. إزاء أي حل ممكن للأزمة. خصوصاً المبادرة الخليجية .

رفض صالح توقيع المبادرة الخليجية بصفته رئيساً للدولة. وتلاعبه بالمصطلحات معلناً قبوله التوقيع كرئيس للحزب الحاكم. وأنه سينيب عنه مستشاره لإنجاز المهمة. مفشلاً الوساطة التي لم تتوانَ عن محاولة وقف إراقة الدم. والحفاظ على اليمن من خطر الانزلاق في أتون حرب أهلية .

رفضت المبادرة الواقعية لحل النزاع. وعاد الموفد الخليجي أمين عام مجلس التعاون. بعدما التقى صالح الذي أكد حزبه (المؤتمر الشعبي) الحاكم أنه ldquo;لن يحضر توقيع الاتفاقrdquo; بين المؤتمر وتكتل اللقاء المشترك الممثل للمعارضة. وأن نائب رئيس الحزب الحاكم عبدالكريم الإرياني سيترأس الوفد الحكومي إلى حفل التوقيع في الرياض. الذي تعثر وأرجئ .

أغلق النظام اليمني الباب مدعياً أنه تركه ldquo;موارباًrdquo; أمام المبادرة. لكن ذلك لم يمنع المعارضة من تحميله مسؤولية إفشالها. ولا بد أن يؤدي بالضرورة إلى رد فعل في الشارع. والمفارقة العجيبة أن رفض الشباب المتظاهر في الميادين والساحات لأي اتفاق يبقي الرئيس في السلطة. تلاقى مع الرفض الرسمي. في مشهد من ldquo;السخرية المرّةrdquo; .

المشهد يتجه إلى مزيد من القتامة. والمطلوب أن يحافظ اليمنيون على سلمية احتجاجاتهم. وأن ينبذوا دعوات التفتيت والفرقة. لأن أي تحوير للاحتجاج السلمي. لن يكون محمود العواقب وقد يؤدي بالضرورة إلى حرب أهلية. عانى اليمن منها كثيراً. واستنزفت أهله وموارده بما فيه الكفاية .

ولنعد بالذاكرة إلى أشهر خلت. لنجد استنساخ خطابات أعطت تنازلات ldquo;بالقطارةrdquo;. وما لبث أصحابها أن سلموا بالأمر الواقع. بإرادة الشعوب. التي تشكل البوصلة الحقيقية والمقياس الصادق والصورة الفعلية لما يحدث في البلاد .

أكثر من ثلاثة أشهر من الاحتجاجات التي استلهمت روح ثورتي تونس ومصر. مئات الضحايا وآلاف الجرحى. والدم لا يزال يسيل. إنها حرب الإرادات وعض الأصابع. فأيهما صاحب القدرة على الصمود؟ الإجابة بسيطة: إنه الشعب .

ماذا ينفع التشبث بالكرسي أمام حشود تفترش أرض الميادين العامة وتلتحف السماء؟ وعلامَ يراهن فريق السلطة؟ اليمن وصل إلى نقطة اللاعودة. والشعب لن يفقد الذاكرة سريعاً. وصور الجرحى والضحايا. والأطفال الذين قضى منهم 73 في شهرين. لن تسمح بالعودة إلى الوراء .

ما يحدث في اليمن يدمي القلب. ويدفع إلى المزيد من التحرك. الداخلي والإقليمي والدولي. والواجب يقتضي الكف عن العبث بنار التفرقة وتفتيت البلاد. التي قاتل مراراً وتكراراً لإطفائها. وحفظ وحدة اليمن التي قامت على تضحيات وكفاح اليمنيين .